الشكر
موقع قادتنا
منذ 8 سنواتتعريف الشكر
وهو عرفان النعمة من المنعم، وحمده عليها، واستعمالها في مرضاته، وهو من خِلال الكمال وسمات الطيبة والنبُل،
وموجبات ازدياد النِعم واستدامتها.
والشكر واجب مقدس للمنعم المخلوق، فكيف بالمنعم الخالق الذي لا تُحصى نَعماؤه ولا تُعد ألاؤه.
والشكر لا يجدي المولى عزوجل، لاستغنائه المطلق عن الخلق، وإنّما يعود عليهم بالنفع، لأعرابه عن تقديرهم للنعم الالهية، واستعمالها في طاعته ورضاه، وفي ذلك سعادتهم وازدهار حياتهم. لذلك دعت الشريعة إلى التخلق بالشكر والتحلي به كتاباً وسنةً.
أقسام الشكر
وينقسم الشكر إلى ثلاثة اقسام: شكر القلب، وشكر اللسان، وشكر الجوارح. ذلك أنّه متى امتلأت نفس الانسان وعياً وإدراكاً بعظِيم نِعم الله تعالى وجزيل آلأئه عليه، فاضت على اللسان بالحمد والشكر للمنعم الوهاب، ومتى تجاوبت النفس واللسان في مشاعر الغبطة والشكر، سرى ايحاؤها الى الجوارح، فغدت تُعرب عن شكرها للمولى عزوجل بانقيادها واستجابتها لطاعته.
صور الشكر
من اجل ذلك اختلفت صور الشكر، وتنوعت أساليبه:
1 ـ فشكر القلب، هو: تصوّر النعمة، وإنّها من الله تعالى.
2 ـ وشكر اللسان: حمد المنعم والثناء عليه.
3 ـ وشكر الجوارح: إعمالها في طاعة الله، والتحرج بها عن معاصيه، كاستعمال العين في مجالات التبصر والاعتبار، وغضّها عن المحارم، واستعمال اللسان في حسن المقال، وتعففه عن الفحش والبذاء، واستعمال اليد في المآرب المباحة، وكفّها عن الاذى والشرور، وهكذا يجدر الشكر على كل نعمة من نعم الله تعالى بما يلائمها من صور الشكر ومظاهره:
فشكر المال: اِنفاقه في سبل طاعة الله ومرضاته، وشكر العلم: نشره واذاعة مفاهيمه النافعة، وشكر الجاه: مناصرة الضعفاء والمضطهدين وانقاذهم من ظلاماتهم، ومهما بالغ المرء في الشكر فانه لن يستطيع ان يوفي النعم شكرها الحق، إذ الشكر نفسه من مظاهر نعم الله وتوفيقه، لذلك يعجز الانسان عن اداء واقع شكرها، كما قال الإمام الصادق (عليه السّلام): «أوحى اللهُ عزوجل إلى موسى (عليه السّلام): يا موسى، اشكرني حق شكري، فقال: يا ربِّ وكيف أشكرك حقَّ شكرك؟ وليس من شكر اشكرك به إلاّ وانت أنعمت به عليّ! قال: يا موسى، الآن شكرتني حين علمت أن ذلك مني» [جامع السعادات: 2 / 399 ـ 340].
ومن خصائص النفوس الكريمة تقدير النعم وشكر منعمها، وكلما تعاظمت النعم كانت احق بالتقدير، حتى تتسامى إلى النعم الاهلية التي يقصر الانسان عن تقييمها وشكرها.
فكل نظرة يسرحها الطرف، أو كلمة ينطق بها الفم، أو عضو تحركه الارادة، أو نَفَسَ يردده المرء، كلها مُنح ربّانية عظيمة لا يثمنّها إلاّ العاطلون منها. ولئن وجب الشكر للمخلوق فكيف بالمنعم الخالق، الذي لا تحصى نعماؤه ولا تقدّر آلاؤه.
والشكر بعد هذا من موجبات الزلفى والرضا من المولى عزوجل، ومضاعفة نعمه وآلائه على الشكور.
أمّا كفران النعم، فانه من سمات النفوس اللئيمة الوضيعة، ودلائل الجهل بقيَم النعم وأقدارها، وضرورة شكرها، وقد أخبر القرآن الكريم بأن كفران النعم هو سبب دمار الامم ومحق خيراتها، وكذا جاءت به سيرة أهل البيت (عليهم السّلام).
كسب فضيلة الشكر
وإمّا انك كيف تكتسب فضيلة الشكر، فعليك بأتباع النصائح التالية، وعليك التحلي بها:
1 ـ التفكر فيما اغدقه الله تعالى على عباده من صنوف النِعم وألوان الرعاية واللطف.
2 ـ ترك التطلع إلى المترَفين والمتعمّقين في وسائل العيش وزخارف الحياة، والنظر إلى البؤساء المعوزين، ومن هو دون الناظر في مستوى الحياة والمعاش، كما قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): «وأكثر ان تنظر إلى من فُضّلت عليه في الرزق، فإنَّ ذلك من أبواب الشكر».
3 ـ تَذكر الانسان الامراض والشدائد التي انجاه الله تعالى منها بلطفه، فأبدله بالسقم الصحة، وبالشدة رخاءاً وأمناً.
4 ـ التأمل في محاسن الشكر وجميل آثاره في استجلاب ودَّ المنعم، وازدياد نعمه وآلائه، وفي مساوئ كفران النِعم واقتضائه مقت المنعم وزوال نعمه.
التعلیقات