التليفزيون.. أداة لتعليم طفلك أم تدميره؟
موقع سوبر ماما
منذ 8 سنواتفي عصر التكنولوجيا، أصبحنا صغارًا وكبارًا مدمنين لكل ما له شاشة، بدايةً من التلفزيون إلى
الهواتف والتابلت، لكن عندما يتعلق الأمر بصحة ابنك، الذي لم يتجاوز العامين ولا يُفارق الهاتف المحمول، فالأمر يستحق الانتباه.
عندما أكون أنا وابني حمزة ذو العام والنصف في أي تجمع عائلي، وأرفض أن يلعب بالهاتف المحمول، أفاجأ بعدد الآباء الذين يؤيدون استخدامه بوصفه من الوسائل التعليمية. لكن هل هي وسائل تعليمية حقًا؟ هل يتعلم طفلك من التلفاز الذي يجلس أمامه مشدوهًا؟
حذَّرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال من ترك الأطفال دون العامين أمام شاشات التلفاز؛ نظرًا لِما لها من تأثير سلبي على نمو الطفل العقلي والاجتماعي واللغوي.
تأثير التلفزيون على التطور العقلي للأطفال:
ينمو عقل الطفل في الأصل في أول ثلاثة أعوام من عمره، والمحفزات التي يمر بها تساعد على نمو العقل نموًا هائلًا في تلك الفترة، أما عن مشاهدة التلفزيون فتعطيهم صورة غير واقعية عما هو موجود في العالم الحقيقي. فمثلًا الكرة في الواقع يمسكها الطفل ويُلقي بها على الأرض فتتدحرج ثم تقف، أما الكرة التي تظهر على الشاشة في يد أحدهم، فتختفي في اللقطة التي تليها، ولا يستطيع الطفل الإمساك بها ولا التعرُّف عليها.
نعم يندهش الطفل بالألوان والأضواء البراقة على الشاشة، لكن عقله لا يستطيع استيعاب المفاهيم والصور الموجودة عليها، ولا يربط بينها وبين ما يراه في الواقع إلا عند بلوغ العامين. كذلك، تُصيبه المشاهدة المستمرة بضعف الذاكرة وتشتت الانتباه، لأن صورها مذهلة ومتغيرة دائمًا، ولا تتيح له الوقت للتركيز فيها وفهمها. وتؤخر الشاشات تعلم الطفل للمهارات التي سيحتاجها بعد ذلك لتعلم الرياضيات والعلوم، على العكس من تأثير الألعاب اليدوية والمكعبات والأشكال.
تأثير التلفزيون على الثراء اللغوي للأطفال:
يتعلم الطفل كلماته الأولى من خلال تفاعله مع الآخرين، وتقل عدد الكلمات التي يتعلمها من 940 كلمة إلى 770 كلمة عندما تتركينه بمفرده أمام التلفزيون، كما إن مشاهدة الشاشة تجعلكِ تنصرفين عنه، فيقلُّ بالتالي عدد الكلمات التي توجهينها إليه، وتعني بالطبع الكلمات الأقل تعلمًا أقل، وفي الوقت الذي تظنين أنه ملهي في لعبه عن مشاهدة الشاشة، فقد أشارت الدراسات إلى أنه سوف يلتفت إليها كل 20 ثانية.
وقديمًا، كان الطفل يتعلم من أمه أكثر مما يتعلم من هذه الأجهزة، فالتعلم من خلال الاختلاط بالآخرين أحد الوسائل التي ساهمت في تطور الجنس البشري.
تأثير التلفزيون على سلوكيات الطفل وتطوره الاجتماعي:
الأمر لا يتعلق بما يفعله الطفل أمام التلفاز، بل ما لا يفعله.. اتذكر أنني عندما انتشلت ابني من دهشته أمام أحد الهواتف، وبدأت في تعريفه على الحاضرين، بدا أكثر جرأة وشجاعة وأخد يستعرض مواهبه وحركاته سعيدًا بإعجاب الحاضرين من حوله.
وعندما يُشاهدكِ طفلكِ في أثناء تنظيف المنزل أو طهي الطعام، وكلاكما ينظر للآخر، يُراقب حركات يديكِ وعينيكِ ولغة جسدكِ ونبرة صوتكِ، وتلك أشياء لا يتعلمها من التلفاز. فإذا كان نظامكِ الغذائي يُعبر عنك، فتجاربكِ هي ما تُعبر عن عقلك. وتُعدُّ البرامج والتطبيقات بمثابة الوجبات السريعة التي يتناولها عقلكِ. وقد يكون السبب في عدوانية طفلكِ مشاهدته لأفلام الأكشن والألعاب التي تنطوي على مشاهد عنف.
إضافة لذلك، تُعيق الشاشة طفلكِ عن تعلم كيفية التحكم في تصرفاته وسلوكياته.. فإذا كان التلفاز أو الهاتف وسيلتك لتشتيت انتباهه أو التخفيف عنه، فهل سيتعلم حينها كيف يتحكم في انفعالاته وتصرفاته بنفسه؟ بل وقد تخلق منه كائنًا انطوائيًا يميل إلى العزلة، وهي إحدى أعراض التوحد.
بدائل للحد من تأثير التلفزيون على طفلكِ:
ربما تفكرين أن التلفاز الحل الأمثل لتشتيت انتباه طفلكِ، كي تنجزي بعض الأعمال المنزلية أو لتستمتعي بمسلسلكِ المفضّل دون أن يُزعجكِ ابنكِ.. لكن إذا كنتِ تلجئين إلى الشاشة كجليسة أطفال لابنكِ أو كمكافأة له، فإنكِ بهذا ترسخِّين لديه فكرة أن هذه الأجهزة ألعاب، في حين أنها وسائل للمعرفة والتعلم.
أما بالنسبة للأطفال دون السنتين، يُفضَّل منع تعرضهم للشاشة والاستعاضة عنها ببعض ألعاب المونتيسوري والأنشطة الخارجية في الحدائق والعالم الواقعي، والاختلاط بأقرانهم من الأطفال، والقراءة التي تنمِّي قدراتهم على التخيل والإبداع.
وبالنسبة للأطفال أكبر من ثلاث سنوات، أي السن التي يستطيعون فيها فهم ما يرونه على الشاشة والربط بينه وبين الواقع، يُمكنكِ مراعاة ما يلي:
1- التركيز في استخدامات الأطفال للوسائل الإلكترونية.
2- وضع بعض الحدود على التعامل مع هذه الأجهزة، وتُوصي الدراسات بتحديد المدة التي يقضيها الطفل في عمر ثلاث سنوات إلى ساعتين فقط على مدار اليوم.
3- انتقاء البرامج التعليمية والمحتوى المناسب لأعمارهم والأكثر محاكاة للعالم الواقعي.
4- التحدث إلى الأطفال أثناء مشاهدة التلفاز وإفهامهم ما يجري، وتشجيعهم على التفاعل لغويًا وحركيًا.
5- إغلاق التلفزيون في الأوقات التي لا تشاهدونه فيها.
6- إبعاد جميع الأجهزة عن السرير أو غرفة النوم بأسرها، لينام طفلك جيدًا.
7- تقليل الوقت الذي تقضينه على هذه الأجهزة، وتخصيص بعض الوقت للتحدث إلى طفلك؛ فأنتِ أفضل معلم له.
التعلیقات