أنه عج شخصية وهمية افترضت من قبل الشيعه

البريد الإلكتروني طباعة

لا معنى للتقية في أمر الإمام المهدي عليه السلام

الشبهة الحادية عشرة:

لماذا لا نجوّز أنه شخصية وهمية افترضت من قبل الاثني عشرية تقيةً لئلا يندثر مذهبهم بعد انعدام ذرية الحسن العسكري؛ خاصة وأن هناك مرجحاً لذلك وهو وجود العمل بنظرية التقية لدى الإثني عشرية، ودفاعهم عنها دفاعاً شديداً وتميزهم بهادون سائر المذاهب الإسلاميّة؟!

الجواب:

لم تتفرد الشيعة في ولادة الإمام المهدي بل هي وافقت _ أو وافقها _ العديد من الفرق الإسلاميّة، بل كلها بشكل يبعث على اليقين بتواتر ولادته عند الجميع، والشاذ منهم شذ عن هذا التواتر ولم يذعن إلى هذا التسالم.

نعم ما يميز الإمامية عن غيرهم، أن قضية الإمام المهدي عليه السلام تعاطوا معها بكل جدية وجعلوها هي الأمل الوحيد الذي يحقق آمالهم وينهي آلامهم، خلاف التيارات الدينية (الحاكمة) أو السياسية (المتدينة) التي جعلت قضية الإمام محاولة لتهديد عروشهم وانقضاضاً على ملكهم حتّى تعاملوا مع هذه القضية على أنها مسألة افتراضية دخلت الثقافة الإسلاميّة على الرغم من رواياتهم المتواترة في شأن وجود الإمام المهدي، سعياً منهم لإبعاد الذهنية العامة عن طموح الإنتظار المهدوي الذي سيُلغي الاعتبار السياسي لهذه الاتجاهات ويتعاطى معها على أساس احتمالات بعيدة التحقق والوقوع.

ولم يقتصر الاقرار بولادة المهدي على الإمامية وحدهم بل شاركهم في ذلك أكابر علماء أهل السنة ومحدّثيهم وأكدوا على ولادته وأنه المولود من الحسن العسكري عليهما السلام ، وهذه بعض شواهد من ذكر من علماء أهل السنة ولادته, وأقر بأنه محمّد بن الحسن العسكري عليهما السلام.

أوّلاً: محمّد بن طلحة الشافعي المتوفي سنة (652هـ) قال: محمّد بن الحسن الخالص بن عليّ المتوكل بن القانع بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين الزكي بن عليّ المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب، المهدي الحجة الخلف الصالح المنتظر عليهم السلام ورحمته وبركاته. ثمّ قال:

فهذا الخلف الحجة قد أيّده الله         وأعلى في ذرى العلياء بالتأييد مرقاه

وقد قال رسول الله قولاً قد رويناه        يرى الأخبار في المهدي جاءت بمسماه

ويكفي قوله مني لاشراق محياه         هدانا منهج الحق وآتاه سجاياه

وآتاه حلى فضل عظيم فتحلاّه         وذو العلم بما قال إذا أدرك معناه

وقد أبداه بالنسبة والوصف وسماه        ومن بضعته الزهراء مجراه ومرساه

إلى أن قال: فأما مولده فبسر من رأى في ثالث وعشرين من شعبان سنة 258هـ .

ثانياً: العلامة سبط ابن الجوزي الحنبلي المتوفى سنة (654هـ):

قال: فصل في ذكر الحجة المهدي:

هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام وكنيته أبو القاسم، وهو الخلف الحجة صاحب الزمان القائم المنتظر والتالي، وهو آخر الأئمّة.(4)

ثالثاً: مؤرخ دمشق شمس الدين بن طولون الحنفي المتوفى سنة (953هـ): قال: وثاني عشرهم ابنه محمّد بن الحسن، وهو أبو القاسم محمّد بن الحسن بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم.

ثمّ قال: وقد نظمتهم على ذلك فقلت:

عليك بالأئمة الاثني عشر     من آل بيت المصطفى خير البشر

أبو ترابٍ حسنُ حسينُ        وبغض زين العابدين شين

محمد الباقر كم علمٍ درى        والصادق ادع جعفراً بين الورى

موسى هو الكاظم وابنه علي        لقبه الرضا وقدره علي

محمد التقي قلبه معمور        عليّ النقي دُره منثور

والعسكري الحسن المطهر          محمّد المهدي سوف يظهر(5)

رابعاً: الشيخ عبد الوهاب الشعراني المتوفى سنة (973 هـ): في كتابه اليواقيت والجواهر: أورد قول ابن عربي والشيخ حسن العراقي والشيخ علي الخواص حيث أثبتوا أن الإمام المهدي عليه السلام هو بن الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، وذكر ذلك مستدلاً على عقيدته.(6)

خامساً: ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة:

قال: أبو القاسم محمّد الحجة وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن آتاه الله فيها الحكمة ويسمى القائم المنتظر.(7)

سادساً: ابن الصباغ المالكي المتوفي سنة (855 هـ):

في الفصول المهمة، الفصل الثاني عشر، في ذكر أبي القاسم محمّد الحجة الخلف الصالح ابن أبي محمّد الحسن الخالص: قال صاحب الإرشاد: ... كان الإمام بعد أبي محمّد الحسن ابنه محمّداً، ولم يخلف أبوه ولداً غيره، وخلفه أبوه غائباً مستتراً بالمدينة، وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين.

ولد أبو القاسم محمّد بن الحجة بن الحسن الخالص بسر من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة، وأما نسبه أباً وأماً فهو أبو القاسم محمّد الحجة بن الخالص بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين.

وأما أمّه فأم ولد يقال لها نرجس خير أمة، وقيل اسمها غير ذلك، وأما كنيته فأبو القاسم وأما لقبه فالحجة والمهدي والخلف الصالح والقائم المنتظر وصاحب الزمان وأشهرها المهدي.(8)

سابعاً: أحمد بن يوسف القرماني الحنفي المتوفى سنة (1019هـ): ذكر في أخبار الدول وآثار الأوّل في الفصل الحادي عشر، في ذكر أبي القاسم محمّد الحجة الخلف الصالح:

وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين آتاه الله فيها الحكمة كما أوتيها يحيى عليه السلام صبياً، وكان مربوع القامة، حسن الوجه أقنى الأنف وأجلى الجبهة.(9)

ثامناً: ابن خلكان في وفيات الأعيان:

قال في ترجمة الإمام العسكري عليه السلام ما نصه:

أبو محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم، أحد الأئمّة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية، وهو والد المنتظر صاحب السرداب، ويعرف بالعسكري، وأبوه يعرف أيضاً بهذه النسبة.(10)

تاسعاً: الحافظ أبو الفتح محمّد بن أبي الفوارس الشافعي:

روى في كتابه الأربعين رواية طويلة ذكر فيها أئمّة آل البيت عليهم السلام ثمّ قال في آخرها:

ومن أحب أن يلقى الله عز وجل وهو من الفائزين فليوال ابنه الحسن العسكري ومن أحب أن يلقى الله عز وجل وقد كمل إيمانه وحسن إسلامه فليوال ابنه صاحب الزمان المهدي.(11)

عاشراً: أبو المجد عبد الحق الدهلوي البخاري الحنفي المتوفى سنة (1052هـ) قال في كتابه تحصيل الكمال:

وأبو محمّد الحسن العسكري ولده محمد رضي الله عنهما معلوم عند خواص أصحابه وثقاته.(12)

حادي عشر: ابن شحنة الحنفي:

ذكر في تأريخه المسمى بروضة المناظر في أخبار الأوائل المطبوع بهامش مروج الذهب في المطبعة الأزهرية المصرية سنة (1303هـ) الجزء الأوّل صفحة 294: وولد لهذا الحسن _ يعني الحسن العسكري عليه السلام _ ولده المنتظر ثاني عشرهم، ويقال له المهدي والقائم والحجة محمّد، ولد في سنة خمس وخمسين ومائتين.(13)

ثاني عشر: أبو المعالي محمّد سراج الدين الرفاعي:

ذكر في كتابه (صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار) في ترجمة الإمام الهادي عليه السلام ما نصه:

وأما الإمام عليّ الهادي ابن الإمام محمّد الجواد عليهما السلام ولقبه التقي والعالم والفقيه والأمير والدليل والعسكري والنجيب، ولد في المدينة سنة اثنتي عشرة ومائتين من الهجرة، وتوفي شهيداً بالسم في خلافة المعتز العبّاسي يوم الاثنين لثلاث ليالٍ خلون من رجب سنة أربع وخمسين ومائتين، وكان له خمسة أولاد، الإمام الحسن العسكري والحسين ومحمّد وجعفر وعائشة.

فأما الحسن العسكري فأعقب صاحب السرداب الحجة المنتظر ولي الله الإمام محمّد المهدي عليه السلام.(14)

ثالث عشر: تقي الدين بن أبي منصور:

ذكر الشعراني عنه كلاماً إلى أن يقول: فهناك يترقب خروج المهدي عليه السلام ، وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري ومولده عليه السلام ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليهما السلام فيكون عمره إلى وقتنا هذا وهو سنة ثمان وخمسين وتسعمائة، سبعمائة سنة وست سنين.(15)

رابع عشر: الشيخ حسن العراقي:

هو الذي أخبر تقي الدين بن أبي منصور بوجود المهدي عليه السلام وهو بن الحسن العسكري عليه السلام فقال: هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش المطل على بركة الرطل بمصر المحروسة، عن الإمام المهدي حين اجتمع به.(16)

خامس عشر: صلاح الدين الصفدي:

قال في ينابيع المودة: قال الشيخ الكبير العارف بأسرار الحروف صلاح الدين الصفدي في شرح الدائرة:

إن المهدي الموعود هو الإمام الثاني عشر من الأئمّة، أوّلهم سيدنا عليّ وآخرهم المهدي رضي الله عنهم ونفعنا بهم.(17)

هذه بعضُ نماذج ما ورد عن علماء أهل السنة من الإقرار والاعتراف بولادة المهدي، وأنها حقيقة لا يمكن تغاضيها، ولو أردنا استقصاء كل ما ورد عنهم لما استطاعت هذه الدراسة أن تستوعب أقوالهم، ولا حصرت جميع أخبارهم، وإنما حاولنا أن نستعرض بعضها تذكيراً لهذا السائل عن كون ولادة الإمام المهدي أمراً يختص به الإمامية وأنها مسألة دافعها التقية، وهذا غريب حقاً، إذ لا داعي للتقية هنا في أمر ولادة الإمام المهدي، ولا مقتضي يبرر استخدام التقية في هذه المسألة، إذ التقية إما لدفع أمر مخوف، أو لتجنب ضرر معين وكلا المقتضيين لا يتوفران في مسألة الإمام المهدي ليجعلا الإمامية مدفوعين تقيةً لذكر ولادته (المفترضة)، وجميع مقتضيات التقية هنا لدفع ضرر محتمل أو لجلب منفعةٍ محتملة غير واردتين في هذا الشأن، وما ارتكبه المستشكل من تمويه غير حقيقي من أن التقية مقتصرة على الإمامية، في غير محله، فالتقية قضية إسلاميّة أكدها القرآن الكريم بقوله: (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإيمانِ) فضلاً عن كونها قضية إنسانية يلجأ إليها الإنسان بفطرته دفعاً لخطر يداهمه، أو ضرر محتمل يتقيه.

*   *   *