الإعـالـة والانـحـراف
الشيخ مالك المصلاب
منذ 7 سنوات
روي عن مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) أنـه قال لـبعض أصحابه: لا تَجْعـَلَنَّ أَكْثَرَ شُغُـلِـكَ بِأَهْـلِكَ وَوَلَدِكَ فَإِنْ يَكُنْ أَهْلُكَ وَوَلَدُكَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَوْلِيَاءَهُ وَإِنْ يَكُونُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ فَمَا هَمُّكَ وَشُغُلُكَ بِأَعْدَاءِ اللَّهِ. (1)
السعي من أجل إعالة الأهل والأولاد أمر مطلوب ومحثوث عليه، بل هو من الواجبات على المُعيل اتجاه مَن يعيلهم بقدر استطاعته.
ولكن لابد على المُعيل الحذر مِن أن يسيطروا، ويتسلطوا على قلبه، فينشغل بهم بما عما أمر الله به، حتى يكونوا سببًا لانحرافه وضياعه وخسرانه.
فمِن ذلك أن يترك بعض الواجبات المفروضة عليه حِجةَ انشغاله وخوفه عليهم.
فلا يقوم مثلاً بإخراج الزكاة والخمس بالرغم من ثوبتهما عليه، محتجًا بخوفه مـن أن يصـابوا بالفقر.
أو يترك الحج الواجب محتجًا بانشغاله بهم، بالرغم من ثبوته عليه بتحقق الاستطاعة في حقه، كذلك الجهاد بحجة خوفه عليهم وعدم استطاعته بفراقهم.
وهـكذا حـتى يـكـون المُعيل في تـعداد الفاسقين {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (2)
وفي الختام - إضافة على ما تنص عليه الرواية التي افتتحنا بها حديثنا من رعاية المولى سبحانه لأوليائه - قد جاء هذا المعنى في كتابه الكريم في قـوله عز وجل: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (3)
إذ انتفاء الخوف والحزن عنهم إنما يكون برعايته لهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نهج البلاغة: ص 536
(2) التوبة: 24
(3) يونس: 62
التعلیقات