العفاف بين السلب و الايجاب
موقع وارث
منذ 7 سنواتليس عفاف المرأة وحدها ، ولا عفاف الرجل وحده ، بل عفاف المجتمع كله من ألفه إلى يائه ، ولذلك فالعفاف في رأي الإسلام والذي يأمر به ويسعى لتكوينه وتنميته ويحرص على الحفاظ عليه حق اجتماعي عام لا يختص بالفرد ولا ينتهي مع حدوده وليس من حقوقه لتكون له الخيرة في إسقاطه والتسامح فيه إذا شاء ، والحجاب يتبع العفة في كل ذلك .
ولأعجل بالقارئ فأتلو عليه هاهنا بعض آيات الحجاب ليتضح له من دلالتها هذا الذي قلناه .
يقول سبحانه في الآية ـ 59 ـ من سورة الأحزاب ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ 1.
ما معنى إيذاء المؤمنات الذي ذكرته الآية الكريمة وفرضت للوقاية منه فريضة الحجاب ؟ ما معنى إيذاء المؤمنات غير ان يعترض الطامعون سبيلهن فيسمعن أو يرين من أقوالهم وحركاتهم ما يريب ؟ ما معناه غير هذا التعرض للعفاف الإسلامي الذي يريده الله للمرأة المسلمة وللمجتمع المسلم ؟ وسيأتي في بحوث الكتاب ما يوضح ذلك ويجلوه .
ويقول في الآية ـ 30 ـ و ما بعدها من سورة النور : ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ... ﴾
ذلك أزكى لهم واطهر ، أزكى لهم جميعاً … لأفرادهم ومجتمعهم ، وهذه الزكاة العامة الشاملة التي يجب أن تشمل المجتمع من أقصاه إلى أقصاه أمر الله المؤمنين أن يغضوا أبصارهم ويحفظوا فروجهم ، وأمر المؤمنات أن يغضضن من أبصارهن ، ويحفظن فروجهن ، ثم أمرهن بالحجاب الواقي : بأن يضربن بخمرهن على جيوبهن ، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن وإلا لمن تنتفي معه الريبة وتؤمن عنده الفتنة من النساء والأرحام القريبة والأصهار الدانية ، والتابع غير اولي الإربة ، والطفل الذي لم يظهر على عورة ، ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن فيستهوى ضعيف ويشرئب طامع ويترصد حالات الغفلة ، ويستخدم فنون الإغراء .
وحتى الآيات الخاصة التي فرضت الحجاب على أزواج الرسول ( صلى الله عليه و آله ) فانها تتصل بذلك وتؤكده ، فلهذا العفاف الإسلامي الذي يجب ان ينبع من مهد الرسالة ومن منزل الرسول ومن هدي أزواجه وبناته الطاهرات المطهرات ثم يشع على أفاق المجتمع الإسلامي وأقطاره ، أقول : لتنشئة هذا العفاف وتنميته ولصيانته عما يخل ويخدش يقول الله سبحانه لمخدرات الرسول ( صلى الله عليه و آله ) في الآية ـ 32 ـ وما بعدها من سورة الأحزاب : ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾.
لا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ، وبماذا يطمع هذا الذي في قلبه مرض ؟ ان طبيعته المريضة الملتاثة توهمه أن وراء اللين بالقول ليناً بالطباع فيتطلع ويطمع ، ويحاول ويتعرض .
وإذن فالآية تتضمن حصراً لدائرة المرض وحسما لعدواه ووقاية من أعراضه وآثاره .
اية الله العظمى الشيخ محمد امين زين الدين
التعلیقات