عمالة الأطفال في العراق
تربية طفلك
منذ سنتينعمالة الأطفال من منظور الفقه والقانون
اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال هو يوم دشنته منظمة العمل الدولية؛ لتركيز الاهتمام على مدى انتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، وتعزيز الجهود للقضاء عليها. وتُقام هذه الاحتفالية في يوم 12 يونيو من كل عام منذ 2002 م.
لا ريب أن الطفولة هي حجر الأساس في بناء المجتمعات الحديثة، فالطفل ذلك المخلوق الصغير الذي لم يشتد عوده، هو الثروة الحقيقة لأي أمة. ويعد الاهتمام به، وإعداده، وتثقيفه، فضلاً عن حمايته، الواجب الأول الذي يقع على عاتق هذه المجتمعات؛ لذا نجد أن كل مجتمع متقدم، ومتحضر، يحرص على أن يتمتع الطفل فيه بكل أسباب السعادة، والرفاهية، والتثقيف، والتفكير الصحيح.
وأما في بعض المجتمعات –والتي للأسف لا تعرف قدر هذه الجوهرة الثمينة وما وهبها المولى لهم- فيستغلون هذه النعمة، ويعاملونها بشكل غير لائق، فهنا نريد أن نبحث قضية عمالة الأطفال، وكيف يمكن أن نواجه هذه الظاهرة المؤلمة.
تعريف عمالة الأطفال
تُعَرَّف عمالة الأطفال على أنها: أي عمل يحرم الأطفال من التمتع بطفولتهم، ويمس كرامتهم، ويَضر بنموهم العقلي والبدني، وهو يعد ضارًا اجتماعيًا وأخلاقيًا على الأطفال. ومن هذا التعريف تتضح أهمية وقاية الأطفال والمجتمع من هذه الآفة؛ وذلك نظرًا لما تخلفها من إصابات أو أمراض قد يمتد خطرها للمستقبل.
الأسباب الرئيسية لعمالة الأطفال
الأسباب الرئيسية لعمالة الأطفال هي: الفقر، والتهجير، والأمية، وموت، أو غياب أحد الوالدين، والفرق بين أجور الأطفال والكبار، وتخلف بعض القرى، وكذلك كثرة الأطفال في الأسر.
ولكن كيف يمكن القضاء على هذه الظاهرة؟
نشر التوعية وتثقيف العوائل
إن الوعي الكافي الذي يُدرك خلاله صاحبه بمخاطر عمل الأطفال سيمنعهم بالتأكيد من تعطيل دراسة الأطفال وإرسالهم للعمل، ويقصد بهذا الوعي وعي الوالدين؛ فعدم فهمهما لهذا الأمر سيؤدي إلى استغلال أصحاب العمل للأطفال، وكذلك تجار البشر فإنّهم يسهل عليهم استغلال الأطفال، فيتم الإتجار بهم تحت مُسمى عمالة الأطفال، لكن عند خلق مجتمعات واعية سيتم استيعاب مشاكل الأطفال فيها والاستجابة لها بفاعلية أكبر، ويتم هذا الوعي عبر إيجاد حالة مجتمعية تهدف لتثقيف المجتمعات بأهمية حقوق الطفل، سواء أكانت المؤسسات الراعية حكومية أم غير حكومية.
وضع قوانين أكثر تشديدًا وتنفيذها تنفيذًا فعالًا
من الضروري وضع السياسات من أجل التغيير الاجتماعي على المدى الطويل، ويتطلب هذا التغيير أن يكون على مستوى سياسة العلاقات مع أصحاب المصالح ألا وهم: وسائل الإعلام، والمواطنون، والمشرعون، وأعضاء المجتمع المدني؛ إذ إنّه تم رفع العديد من القضايا المتعلقة بقوانين حماية الأطفال من الجرائم الجنسية، وكذلك من الإتجار غير الأخلاقي، وتشارك المؤسسات غير الحكومية مع السلطات من أجل الحيطة والحذر والتأكد من تنفيذ القوانين المؤيدة والداعمة للأطفال.
عمالة الأطفال في العراق
أصبح من المعتاد مشاهدة الأطفال في سن المدرسة، وهم يتجولون في الشوارع وبين السيارات في العراق، حاملين عبوات المياه والمشروبات، أو العلكة؛ لبيعها للمارّة وراكبي السيارات. وأصبحت هذه الظاهرة جزءا من حياة العراقيين اليومية. أطفال في مقتبل العمر تخلّوا عن لعبهم وبراءتهم، غادروا الحقائب والكتب المدرسية إلى غير رجعة، كما تخلّوا عن أحلامهم وطموحاتهم البريئة في اللعب مع أصدقائهم في باحة المدرسة، من أجل توفير لقمة العيش لعائلاتهم التي تنتظر عودتهم.
وتزايدت حالات عمالة الأطفال بالعراق في السنين الأخير وخاصة بعد غزو داعش للعراق؛ حيث صار تهجيراً قسرياً لبعض العوائل عن مدنهم، وذهبوا للمدن الكبيرة، وكانت فرص العمل جداً محدودة وقليلة لم تسد حاجات أبناء المنطقة بأنفسهم، ويبدو أن هذه الظاهرة لم تحظَ بأولوية الحكومات المتعاقبة، ولم تبرز أي حلول لمعالجتها.
قوانين شبه مشلولة في العراق
تنص قوانين وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق على معاقبة المتسبب في تشغيل الأطفال بعقوبة تتراوح بين "الغرامة المالية وإيقاف التصريح لرب العمل"، أو حتى إيقاف النشاط. وفي قانون الإتجار بالبشر، يعاقَب من يستغل شخصا لا يعي حقه -كالأطفال- بالسجن أو الغرامة المالية.
أما دوليا، فإن اتفاقية حقوق الطفل في المادة (32-1) تقول: تعترف الدول الأطراف بحق الأطفال في حمايتهم من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل يرجّح أن يكون ضارا بصحة الطفل، أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي.
منتهى الطفولة في الاصطلاح الشرعيّ
إنّ منتهى الطفولة في الاصطلاح الشرعيّ يعرف من خلال المعنى المقابل له، أي البلوغ، فبالبلوغ يخرج الطفل عن حدّ الطفولة، ويدخله مرحلة جديدة بكلّ ما للكلمة من معنى، مرحلة يُصبح فيها مكلَّفاً بالأوامر والنواهي الإلهية على نحو لو لم يمتثلها يستحقّ العقاب الأخروي، فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام، أنّه قال: «إِنَّ أَوْلَادَ الْمُسْلِمِينَ مَوْسُومُونَ عِنْدَ اللَّهِ شَافِعٌ ومُشَفَّعٌ، فَإِذَا بَلَغُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً كَانَتْ لَهُمُ الْحَسَنَاتُ، فَإِذَا بَلَغُوا الْحُلُمَ كُتِبَتْ عَلَيْهِمُ السَّيِّئَاتُ»،(1) ويقول تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأطفال مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾،(2) حيث استفاد الفقهاء والمفسِّرون من هذه الآية أنّ البلوغ هو منتهى الطفولة بقرينة المقابلة بين الطفولة وبلوغ الحلم.
صحة البيع والشراء من قبل الأطفال
يشترط فيمن يبيع ويشتري أن يكون بالغا ًسن التكليف، فكيف بمال الصبي غير البالغ إذا أراد الصبي بيعه؟
يصح بيعه في الأشياء اليسيرة من ماله التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز لمعاملتها، وأما غيرها فلا يصح له بيعه منفردا أو مستقلا في المعاملة.
ومن يحق له بيع أموال الصبي؟
ذلك هو الولي وهو الأب والجد للأب والوصي لأحدهما.
والحاكم الشرعي مع فقد من سبق، فيجوز للأب -مثلا- بيع مال الصبي مع عدم المفسدة فيه كما لا يجوز للحاكم بيع ماله -مع فقد الأب والجد للأب والوصي لأحدهما- مراعاة لمصلحة.(3)
اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال هو يوم دشنته منظمة العمل الدولية؛ لتركيز الاهتمام على مدى انتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، وتعزيز الجهود للقضاء عليها. وتُقام هذه الاحتفالية في يوم 12 يونيو من كل عام منذ 2002 م.
لا ريب أن الطفولة هي حجر الأساس في بناء المجتمعات الحديثة، فالطفل ذلك المخلوق الصغير الذي لم يشتد عوده، هو الثروة الحقيقة لأي أمة. ويعد الاهتمام به، وإعداده، وتثقيفه، فضلاً عن حمايته، الواجب الأول الذي يقع على عاتق هذه المجتمعات؛ لذا نجد أن كل مجتمع متقدم، ومتحضر، يحرص على أن يتمتع الطفل فيه بكل أسباب السعادة، والرفاهية، والتثقيف، والتفكير الصحيح.
وأما في بعض المجتمعات –والتي للأسف لا تعرف قدر هذه الجوهرة الثمينة وما وهبها المولى لهم- فيستغلون هذه النعمة، ويعاملونها بشكل غير لائق، فهنا نريد أن نبحث قضية عمالة الأطفال، وكيف يمكن أن نواجه هذه الظاهرة المؤلمة.
تعريف عمالة الأطفال
تُعَرَّف عمالة الأطفال على أنها: أي عمل يحرم الأطفال من التمتع بطفولتهم، ويمس كرامتهم، ويَضر بنموهم العقلي والبدني، وهو يعد ضارًا اجتماعيًا وأخلاقيًا على الأطفال. ومن هذا التعريف تتضح أهمية وقاية الأطفال والمجتمع من هذه الآفة؛ وذلك نظرًا لما تخلفها من إصابات أو أمراض قد يمتد خطرها للمستقبل.
الأسباب الرئيسية لعمالة الأطفال
الأسباب الرئيسية لعمالة الأطفال هي: الفقر، والتهجير، والأمية، وموت، أو غياب أحد الوالدين، والفرق بين أجور الأطفال والكبار، وتخلف بعض القرى، وكذلك كثرة الأطفال في الأسر.
ولكن كيف يمكن القضاء على هذه الظاهرة؟
نشر التوعية وتثقيف العوائل
إن الوعي الكافي الذي يُدرك خلاله صاحبه بمخاطر عمل الأطفال سيمنعهم بالتأكيد من تعطيل دراسة الأطفال وإرسالهم للعمل، ويقصد بهذا الوعي وعي الوالدين؛ فعدم فهمهما لهذا الأمر سيؤدي إلى استغلال أصحاب العمل للأطفال، وكذلك تجار البشر فإنّهم يسهل عليهم استغلال الأطفال، فيتم الإتجار بهم تحت مُسمى عمالة الأطفال، لكن عند خلق مجتمعات واعية سيتم استيعاب مشاكل الأطفال فيها والاستجابة لها بفاعلية أكبر، ويتم هذا الوعي عبر إيجاد حالة مجتمعية تهدف لتثقيف المجتمعات بأهمية حقوق الطفل، سواء أكانت المؤسسات الراعية حكومية أم غير حكومية.
وضع قوانين أكثر تشديدًا وتنفيذها تنفيذًا فعالًا
من الضروري وضع السياسات من أجل التغيير الاجتماعي على المدى الطويل، ويتطلب هذا التغيير أن يكون على مستوى سياسة العلاقات مع أصحاب المصالح ألا وهم: وسائل الإعلام، والمواطنون، والمشرعون، وأعضاء المجتمع المدني؛ إذ إنّه تم رفع العديد من القضايا المتعلقة بقوانين حماية الأطفال من الجرائم الجنسية، وكذلك من الإتجار غير الأخلاقي، وتشارك المؤسسات غير الحكومية مع السلطات من أجل الحيطة والحذر والتأكد من تنفيذ القوانين المؤيدة والداعمة للأطفال.
عمالة الأطفال في العراق
أصبح من المعتاد مشاهدة الأطفال في سن المدرسة، وهم يتجولون في الشوارع وبين السيارات في العراق، حاملين عبوات المياه والمشروبات، أو العلكة؛ لبيعها للمارّة وراكبي السيارات. وأصبحت هذه الظاهرة جزءا من حياة العراقيين اليومية. أطفال في مقتبل العمر تخلّوا عن لعبهم وبراءتهم، غادروا الحقائب والكتب المدرسية إلى غير رجعة، كما تخلّوا عن أحلامهم وطموحاتهم البريئة في اللعب مع أصدقائهم في باحة المدرسة، من أجل توفير لقمة العيش لعائلاتهم التي تنتظر عودتهم.
وتزايدت حالات عمالة الأطفال بالعراق في السنين الأخير وخاصة بعد غزو داعش للعراق؛ حيث صار تهجيراً قسرياً لبعض العوائل عن مدنهم، وذهبوا للمدن الكبيرة، وكانت فرص العمل جداً محدودة وقليلة لم تسد حاجات أبناء المنطقة بأنفسهم، ويبدو أن هذه الظاهرة لم تحظَ بأولوية الحكومات المتعاقبة، ولم تبرز أي حلول لمعالجتها.
قوانين شبه مشلولة في العراق
تنص قوانين وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق على معاقبة المتسبب في تشغيل الأطفال بعقوبة تتراوح بين "الغرامة المالية وإيقاف التصريح لرب العمل"، أو حتى إيقاف النشاط. وفي قانون الإتجار بالبشر، يعاقَب من يستغل شخصا لا يعي حقه -كالأطفال- بالسجن أو الغرامة المالية.
أما دوليا، فإن اتفاقية حقوق الطفل في المادة (32-1) تقول: تعترف الدول الأطراف بحق الأطفال في حمايتهم من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل يرجّح أن يكون ضارا بصحة الطفل، أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي.
منتهى الطفولة في الاصطلاح الشرعيّ
إنّ منتهى الطفولة في الاصطلاح الشرعيّ يعرف من خلال المعنى المقابل له، أي البلوغ، فبالبلوغ يخرج الطفل عن حدّ الطفولة، ويدخله مرحلة جديدة بكلّ ما للكلمة من معنى، مرحلة يُصبح فيها مكلَّفاً بالأوامر والنواهي الإلهية على نحو لو لم يمتثلها يستحقّ العقاب الأخروي، فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام، أنّه قال: «إِنَّ أَوْلَادَ الْمُسْلِمِينَ مَوْسُومُونَ عِنْدَ اللَّهِ شَافِعٌ ومُشَفَّعٌ، فَإِذَا بَلَغُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً كَانَتْ لَهُمُ الْحَسَنَاتُ، فَإِذَا بَلَغُوا الْحُلُمَ كُتِبَتْ عَلَيْهِمُ السَّيِّئَاتُ»،(1) ويقول تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأطفال مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾،(2) حيث استفاد الفقهاء والمفسِّرون من هذه الآية أنّ البلوغ هو منتهى الطفولة بقرينة المقابلة بين الطفولة وبلوغ الحلم.
صحة البيع والشراء من قبل الأطفال
يشترط فيمن يبيع ويشتري أن يكون بالغا ًسن التكليف، فكيف بمال الصبي غير البالغ إذا أراد الصبي بيعه؟
يصح بيعه في الأشياء اليسيرة من ماله التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز لمعاملتها، وأما غيرها فلا يصح له بيعه منفردا أو مستقلا في المعاملة.
ومن يحق له بيع أموال الصبي؟
ذلك هو الولي وهو الأب والجد للأب والوصي لأحدهما.
والحاكم الشرعي مع فقد من سبق، فيجوز للأب -مثلا- بيع مال الصبي مع عدم المفسدة فيه كما لا يجوز للحاكم بيع ماله -مع فقد الأب والجد للأب والوصي لأحدهما- مراعاة لمصلحة.(3)
1ـ الكافي / الشيخ الكليني / المجلّد: 6 / الصفحة: 3 / ط الاسلامية.
2ـ سورة النور: الآية 59.
3ـ الفتاوى الميسرة / السيد السيستاني / الصفحة: 252.
التعلیقات