الآثار المترتبة على صلة الرحم
موقع وارث
منذ 7 سنواتصلة الرحم هي ككل الواجبات التي تتعرض للعلاقات الإنسانية والاجتماعية ، تؤدي الى آثار إيجابية على الشخص القائم بها كما المجتمع الذي يعيش فيه ، وأهم هذه الآثار الإيجابية هي :
أ- صلة الأرحام تزكي الأعمال :
من الامور التي تنعكس ايجابا على من يصل رحمه انها تساهم في تزكية اعماله فقد ورد عن الامام الباقر(عليه السلام) قوله صلة الارحام تزكي الاعمال وتنمي الاموال ، وتدفع البلوى، وتيسر الحساب، وتنسىء في الاجل)(1).
ومعنى تزكية الأعمال زيادتها وزيادة أجرها عند الله سبحانه وتعالى . فالزكاة معناها النماء والتزكية التنمية بمعنى الزيادة .
ب- صلة الأرحام تنمي الأموال :
بالرجوع الى حديث الإمام الباقر(عليه السلام) نجد أنه قال أيضا... وتنمي الاموال...)وعليه فإن صلة الرحم تساعد في تنمية الأموال ، فحيث إن الرزق من عند الله سبحانه وتعالى هو الذي يقدره فإنه يمكن أن يزيد لنا في قدره عند قيامنا ببعض الأعمال ، ومن هذه الأعمال التي تساهم في تنمية أعمالنا صلة الرحم ، فلو قدر الله سبحانه وتعالى في علمه أن لنا من الرزق الفا ثم قمنا بصلة أحد أرحامنا فإن الله سبحانه وتعالى يمكن أن يجعل الألف ألفان جراء هذا العمل . وضمن هذه النظرية لا يعود لأحد أن يقول إنني لا أستطيع صلة رحمي لأن ذلك يكلفني مالا ثمنا لهدية آخذها معي ، أو أجرة طريق أغرمها لأصل إليه في المكان البعيد الذي هو فيه . بل إن ما تدفعه في هذا السبيل سيعود إليك أضعافا مضافا إليه الأجر العظيم الذي وعد به الله سبحانه وتعالى .
ج- صلة الرحم تدفع البلوى :
بالرجوع الى حديث الإمام الباقر (عليه السلام) نجد أنه قال أيضا... وتدفع البلوى ...) ومن المعروف أن هناك أعمالا كثيرة تؤدي الى رفع بلاء مقدر على عبد نتيجة قيامه بعمل جيد طلبه الله سبحانه وتعالى من مثل الصدقة مثلا التي ورد أنها تطفئ غضب الرب وأنه تدفع البلوى فكذلك فإن صلة الرحم إذا ما قمنا بها قربة الى الله سبحانه وتعالى وبينة مخلصة تؤدي الى دفع البلاء المقدر والمحتوم علينا ، ونحن ننصح في حالات البلاء أن يقوم الإنسان المبتلى بزيارة أرحامه فلعل ذلك يكون سببا إما الى رفع البلاء ، أو على الأقل الى اللطف فيه .
د – صلة الأرحام تيسر الحساب :
بالرجوع الى حديث الإمام الباقر (عليه السلام) نجد أنه قال أيضا.... وتيسر الحساب ..) ومن المعروف ان أصعب ما يمر على الإنسان في يوم القيامة هو الحساب الذي وصفه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بقوله:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ }[الحج: 1، 2] . إن هكذا وضع وصفه الله سبحانه وتعالى بأنه مزلزل يحتاج الى ما يساعد على تخطيه ، أو يساهم في تيسيره علينا ، وصلة الرحم من الأمور التي تساهم في تيسير الحساب علينا لذا يجب أن لا نتهاون في أداء هذا الواجب حتى لو كان أثره فقط هذا الامر لكفى في بذل كل الجهد لتحصيله فكيف وهو واحد من أمور كثيرة .
هـ - صلة الأرحام تنسئ في الأجل :
بالرجوع الى حديث الإمام الباقر (عليه السلام) نجد أنه قال أيضا... وتنسئ في الأجل ...) فبدل أن يكون عمرك خمسون سنة مثلا فإنك من خلال المواظبة على صلة الرحم فإن ذلك سيؤدي الى أن يمن الله عليك بطول الأجل وبمعنى آخر زيادة العمر . وقد ورد في ذلك قول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله)إن الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين ، فيصيرها لله عز وجل ثلاثين سنة ، ويقطعها وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيصيرها الله ثلاث سنين ثم تلا:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}[الرعد:39](2).
وهذا الحديث عن الرسول (صلى الله عليه واله) دليل واضح على أن الله يُطيل عمر واصل رحمه وقد أبرم حتفه ، في حين أنه ينقص من عمر قاطع رحمه وقد كان قد أبرم أنه ما زال له بقية من عمر كانت له لو أنه كان واصلا لرحمه قائما بواجبه .
ومن المعروف من الناحية الشرعية أن الأجل كما الرزق مكتوب أيضا عند الله سبحانه وتعالى وفي علمه ليس للإنسان دخالة في تطويل مدة عيشه ، أو تقصيرها وقد نص القرآن الكريم على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى:{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}[يونس:49] . فحيث إن الأجل بيد الله سبحانه وتعالى وهو وعد بأن يطيل عمر من يقوم بواجب صلة الرحم فعلينا أن لا نتوانى عن ذلك كي لا نفوت هذا الأجر علينا .
و- صلة الرحم تهون سكرات الموت :
من الأمور التي تحدثت عنها الروايات مشعرة بصعوبتها وقسوة معاناتها ما ورد في العذاب الذي يحصل للإنسان عندما يواجه الموت ، أو ما اصطلح على تسميته بسكرات الموت ، فإن هذه الساعة عصيبة جدا لان المحتضر يكون في حالة مواجهة مستقبل مجهول لا يعرف عنه شيء ويخاف أن يكون مصيره جهنم والعذاب ، وهو في نفس الوقت يعاني من تركه للدنيا ولكل ما أحب وعاش معه طويلا وعندما يواجه ملك الموت سيعاني من حالة رعب وخوف شديدين ومهما حاولت أن أصف فلن أستطيع أن أصف تلك اللحظات المسماة بسكرات الموت أعاننا الله سبحانه وتعالى على مواجهتها بقلب ونفس مطمئنين .
المهم أن هذه الحالة الصعبة ممكن أن تكون هينة على البعض ، أو تسهل عليه بعض الشيء ويكون ذلك من خلال قيامه ببعض الأعمال الواجبة أو المستحبة ، ومن الأعمال التي تساعد في تخفيف سكرات الموت صلة الرحم وقد ورد في ذلك ما رواه الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال فيما كلم الله تعالى به موسى (عليه السلام) ، قال موسى : إلهي فما جزاء من وصل رحمه ؟ قال : يا موسى أنسئ له أجله وأهون عليه سكرات الموت ، ويناديه خزنة الجنة : هلم إلينا فادخل من أي أبوابها شئت)(3) .
إن الأهوال التي نجا منها من وصل رحمه كبيرة ومهولة ومع ذلك لم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن الله سبحانه وتعالى قال له : إنه يستطيع الدخول من أي باب من أبواب الجنة يريد وهذا في حد ذاته مكافأة عظيمة وأجر كبير يستأهل أن يسعى له الإنسان المؤمن .
ز- صلة الأرحام تقي ميتة السوء :
كما أن سكرات الموت صعبة جدا فكذلك هناك انواع من الميتات تكون صعبة ومُذلة ، فمن الناس من يموت ميتة لا يعاني فيها أبدا وتكون في حالة مشرفة في حين أن البعض يموت في حالة صعبة وبعد نزاع قاس ومع ذلك تكون الميتة غير شريفة وسيئة كمن يموت مثلا في مكان سيئ ، أو ترمى جثته حتى تتعفن من دون أن تدفن ، أو أي نوع من أنواع السوء في ظروف وحيثيات الموت المحيطة ، في حين أن واصل رحمه كما تبين الأحاديث ينجو من ميتة السوء فقد ورد عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام) انه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله) صلة الرحم تهون الحساب وتقي ميتة السوء)(4) .
________
1ـ بحار الأنوار الجزء 71 ص111 .
2- بحار الأنوار الجزء 71 ص 93 .
3- بحار الانوار الجزء 66 ص 383 .
4- بحار الأنوار الجزء 71 ص 94 .
-----------
المؤلف : الشيخ حسان محمود عبد الله
الكتاب أو المصدر : مشاكل الاسرة بين الشرع والعرف
الجزء والصفحة : ص300-305
التعلیقات