ثقافة التعايش السلمي بين الأديان في زيارة السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 7 أشهرتبدأ زيارة السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام بالسلام على الأنبياء العظام وهو مثال واضح على ثقافة التعايش بين الأديان السماوية.
يعتبر مرقد السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام ابنة الامام الكاظم عليه السلام من أهم المراكز الدينية في العالم الإسلامي وهي من أجل ابناء الأئمة التي وقع الأتفاق على صحة نسبها وجلالة مقامها وقدرها ، ويقع مرقدها في مدينة قم المقدسة.
والزيارة الوادرة في حقها على لسان أخيها ثامن الأئمة علي بن موسى الرضا عليه السلام من حيث السند تعتبر في أعلى درجات الوثاقة والصحة.
زيارة السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها
يمكن تقسيم هذه الزيارة العظمية إلى ثلاثة تقسيمات:
السلام والتحية على أنبياء الله عليهم السلام
السلام والتحية على المعصومين الأربع عشر عليهم السلام
السلام والتحية على السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام
زوار السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام يقفون في اتجاه القبلة بجانب المرقد ويلهج لسانهم بذكر الله من التكبير والتسبيح والثناء على الله تعالى حيث يقولون قبل الزيارة (34 مرة الله أكبر، 33 مرة سبحان الله، 33 مرة الحمد لله) ومن ثم يسلمون أولاً على أنبياء الديانات السابقة ويذكرون صفاتهم.
السلام والتحية على أنبياء الله عليهم السلام
في هذا الجزء من نص الزيارة يتضمن :
السَّلامُ عَلَىٰ آدَمَ صِفْوَةِ اللّٰهِ؛
السَّلامُ عَلَىٰ نُوحٍ نَبِیِّ اللّٰهِ؛
السَّلامُ عَلَى إِبْراهِیمَ خَلِیلِ اللّٰهِ؛
السَّلامُ عَلَىٰ مُوسَىٰ کَلِیمِ اللّٰهِ؛
السَّلامُ عَلَىٰ عِیسىٰ رُوحِ اللّٰهِ.
صفات انبياء الله
ومن المهم أن تعلم أن الإمام الرضا عليه السلام يعبّر عن أهم أنبياء الأديان السماوية بصفاتهم الخاصة ويسلم عليهم. على سبيل المثال، يذكر صفة النبي عيسى عليه السلام ويعبر عنه بروح الله.
ويمكننا أن نعتبر هذه العقيدة العالمية والمحترمة ميثاق التعايش الديني في القرن الثاني من الهجرة والقرن الثامن الميلادي، وهو ما خرج عن الإمام الرضا عليه السلام للشيعة.
ومما لا شك فيه أن هذا الموقف من أهل البيت عليهم السلام والشيعة على مر القرون جعل بلدة ايران مهد للتعايش السلمي بين الأديان في العصر الحالي، حيث يتمتع أتباع الديانات السماوية مثل الزرادشتيين واليهود والمسيحيين الأرمن والآشوريين، إلى جانب الديانات غير الإلهية مثل المندائيين، بحياة اجتماعية وحياة سلمية.
زوار السيدة معصومة عليها السلام من غير المسلمين
مدينة قم المقدسة ومرقد السيدة معصومة عليها السلام، تعتبر من أحد الواجهات السياحية من حيث البناء في السياحة الكلاسيكية، حيث تستضيف مئات السياح الأجانب من مختلف دول العالم كل شهر. مما لا شك فيه، وبغض النظر عن روائع العمارة الإسلامية الإيرانية في الحرم المقدس وكرامة ومكانة تلك السيدة المختارة، فإن زيارة السيدة المعصومة عليها السلام التي تتضمن سلام واحترام فائق لأنبياء الله العظام، كثير ما يلفت انتباه السياح الأجانب مع اختلاف مذاهبم.
عندما يمر سائح غير مسلم بهذا الجزء من الزيارة، فإنه ينشئ تلقائيًا علاقة روحية قوية مع تلك السيدة التقية.
وهنا يعتمد ذوق المرشد السياحي على ربط قلوب السياح غير المسلمين بشبكات ضريح السيدة معصومة عليها السلام، والإشارة إلى تعايش الأديان ووحدة الكلمة من خلال الفقرات الأولى من الزيارة ويقول: نفس الله الذي خلق آدم ونوحاً وإبراهيم، أرسل موسى وعيسى عليهما السلام، وأرسل النبي محمد صلى الله عليه وآله، والإيمان بشريعة الأنبياء السابقين واجبة على كل مسلم.
سند زيارة السيدة معصومة عليها السلام
نقل العلامة المجلسي رحمه الله زيارة السيدة فاطمة المعصومة في كتابه وقال:
رأيت في بعض كتب الزيارات حدث علي بن إبراهيم عن أبيه عن سعد عن علي بن موسى الرضا عليهالسلام ، قال قال ، يا سعد عندكم لنا قبر ، قلت : جعلت فداك قبر فاطمة بنت موسى عليهماالسلام؟ قال : نعم ، من زارها عارفا بحقها فله الجنة ، فاذا أتيت القبر فقم عند رأسها مستقبل القبلة ، وكبر أربعا وثلاثين تكبيرة ، وسبح ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، واحمد ثلاثا وثلاثين تحميدة ثم قل :
السلام على آدم صفوة الله ، السلام على نوح نبي الله...(1)
باستثناء السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، فإن المرأة الوحيدة التي لديها زيارة مأثورة ومنقولة من الإمام المعصوم عليه السلام هي سيدة فاطمة المعصومة عليها السلام.
هناك نساء بارزات في ساحة الإسلامية مثل: آمنة بنت وهب، وفاطمة بنت أسد، وخديجة بنت خويلد، وأم البنين، وزينب الكبرى، ونرجس خاتون عليهن السلام، لا شك في مكانتهن الرفيعة ومقاماتهن العظيمة، ليس لأحدهن زيارة مأثورة واردة قد وصلت الينا، بغير السيدة فاطمة المعصومة عيلها السلام وهذا يدل على أن لهذه السيدة مكانة عالية جداً ومقام عظيم تمتاز به عند نساء أهل البيت عصمت عليهن السلام.
فضل زيارة السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام
لقد وردتْ في فضل زيارة السيدة فاطمة بنت الإمام الكاظم عليهما السلام رواياتٌ كثيرةٌ وعجيبةٌ جداً، وقلـّما وَرَدَ مثل هذا الفضل في زيارة إخوتها وأخواتها - غير أخوها المعصوم الإمام الرضا عليه السلام - الذين زاد عددهم على الثلاثين، أو بقية أولاد الأئمة الطاهرين الكثيرين، مما يُنبئ عن كبير فضلها وجليل شأنها وعظيم منزلتها عند الله جلّ وعلا، لأنّ الإمام المعصوم من أهل البيت عليهم السلام لا يحابي ولا يجامل ولا يبالغ في وصف من لا يستحق من أهله وأرحامه، وإلاّ لفعل مثل ذلك مع باقي إخوته وأخواته وأقاربه.
عمن ورد فضل زيارتها؟
وردتْ روايات فضل زيارتها عليها السلام عن ثلاثة من الأئمة المعصومين عليهم السلام، وهي تحضُّ المؤمنين بشكلٍ أكيدٍ وأسلوبٍ مرغِّبٍ عجيب على زيارة فاطمة بنت الإمام الكاظم عليهما السلام
وإذا نظرنا في عباراتهم تلك نجد إجماعاً منهم على وجوب الجنة لمن زارها، وفي بعضها بزيادة عبارة: (عارفاً بحقها ) أي (من زارها عارفاً بحقها ).
عن ابن أخيها الإمام الجواد عليه السلام:
روى ابن قولويه القمي رحمه الله في كتاب كامل الزيارات:
عن الإمام الجواد عليه السلام قال: « مَنْ زَارَ قَبْرَ عَمَّتِيْ بِقُمٍّ فَلَهُ الجَنَّةُ» (2).
عن أخيها الإمام الرضا عليه السلام:
روى المجلسي في البحار ج 102 ص265 ط جديد،
عن الإمام الرّضا عليه السلام قال: « مَنْ زَارَهَا فَلَهُ الجَنَّةُ» (3).
و ورد عن الرضا عليه السلام أيضاً: « مَنْ زارَها عارفاً بِحَقِّها فَلَهُ الجَنَّةُ » (4).
كما ورد عنه عليه السلام أنه قال: « مَنْ زارَ الْمَعْصُومَةَ بِقُمْ كَمَنْ زارَني » (5).
عن جدها الإمام الصادق عليه السلام:
روي أنّ عِدَّةً مِن أهل الرّي دخلوا على أبي عبد الله الصادق فقالوا: « نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الرَّيّ، فقال: مَرْحَبَاً بِإِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ قُمّ. قَالُوْا: نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الرَّيّ، فَأَعَادَ الكَلاَمَ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ للهِ حَرَمَاً وَهُوَ مَكَّةَ، وَإِنَّ لِلْرَّسُوْلِ صلیالله علیه و آله حَرَمَاً وَهُوَ المَدِيْنَةُ، وَإِنَّ لأمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ حَرَمَاً وَهُوَ الكُوْفَةُ، وَإِنَّ لَنَا حَرَمَاً وَهُوَ بَلْدَةُ قُمّ، وَسَتُدْفَنُ فِيْهَا امْرَأَةٌ مِنْ أَوْلاَدِيْ تُسَمَّيْ فَاطِمَةُ، فَمَنْ زَارَهَا وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ.وفي نقل آخر: تُقْبَضُ فِيْهَا امْرَأَةٌ مِنْ وُلْدِيْ اسْمُهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُوْسَىْ، وَتَدْخُلُ بِشَفَاعَتِهَا شِيْعَتِيْ الجَنَّةَ بِأَجْمَعِهِمْ ». (6)
قال الراوي: وكان هذا الكلام منه قبل أن يولد الكاظم عليه السلام.
وجاء في الخبر عن الإمام الصادق عليه السلام: « أَنَّ زِيارَتَهَا تَعْدِلُ الْجَنَّة » (7).
وجه لقبها بكريمة أهل البيت عليهم السلام
وهذا لقب اشتهرت به سلام الله عليها وهناك قصّة منقولة عن السيّد محمود المرعشيّ والد السيّد شهاب الدّين المرعشيّ قدّس سرّهما ورد فيها هذا اللقب وحاصلها: أنّه كان يريد معرفة قبر الصدّيقة الزهراء عليها السلام, وقد توسّل إلى الله تعالى من أجل ذلك كثيراً، حتّى أنّه دأب على ذلك أربعين ليلة من ليالي الأربعاء من كلّ أسبوع في مسجد السهلة بالكوفة، وفي الليلة الأخيرة حظي بشرف لقاء الإمام المعصوم عليه السلام، فقال له الإمام عليه السلام:
"عليك بكريمة أهل البيت"، فظنّ السيّد محمود المرعشيّ أنّ المراد بكريمة أهل البيت عليها السلام هي الصدّيقة الزهراء عليها السلام فقال للإمام عليه السلام: جعلت فداك إنّما توسّلت لهذا الغرض، لأعلم بموضع قبرها، وأتشرّف بزيارتها، فقال عليه السلام: "مرادي من كريمة أهل البيت قبر السيّدة فاطمة المعصومة عليها السلام في قمّ.. "
وبعد ذلك عزم السيّد محمود المرعشيّ على السفر من النجف الأشرف إلى قمّ لزيارة كريمة أهل البيت عليها السلام.
ينقل أيضا السيد أبوالفضل رضوي زاده ـوهو أحد خدام السيدة المعصومة عليها السلامـ عن أحد أصدقائه الخدمة فيقول:
في أوائل وصول آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي من النجف الأشرف إلى قم كان قلقاً جداً حيث كان يتقدم الخاطبون لابنته بكثرة ولكنه لعسر حاله لم يكن يستطيع تجهيزها، وفي أحد الأيام يأتي إلى الحرم ويخاطب السيدة المعصومة عليها السلام قائلاً: يا سيدتي! لماذا لا تتلطفين وتنظرين إلى حالي؟ وبعد ذلك يرى في عالم الرؤيا أحد خدام السيدة المعصومة عليها السلام يقول له: إن السيدة المعصومة عليها السلام تطلبك.
فيقول المرحوم السيد المرعشي عن حلمه هذا: وفي عالم الرؤيا تشرفت بزيارة السيدة المعصومة عليها السلام (في الفور) وعندما أردت الدخول إلى الحرم الشريف من إيوان الذهب (الإيوان القديم) رأيت سيدتين تقومان بالكنس وكانت إحداهما السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام حيث كنت قد رأيتها في منام سابق والأخرى كانت السيدة المعصومة عليها السلام.
وقالت لي: يا شهاب! إنك تحت (رقابتنا) وعنايتنا فلا تقلق حيث ما كنت سواء في النجف الأشرف أو في قم.
ويقول السيد المرعشي النجفي رحمه الله: بعد ذلك تحسنت ظروفي المعيشية يوما بعد يوم.
وفي الخاتمة نقول كما قال الشاعر في فضائلها وصفاتها:
يا بِنْتَ مُوسَى وَابْنَـةَ الأَطْهــارِ
أُخْتَ الرِّضـا وَحَبِيبَةَ الجَبَّــار
يا دُرَّةً مِنْ بَحْرِ عِلْمٍ قَدْ بَدَتْ
لِلَّهِ دَرُّكِ وَالعُــلُوِّ السَّارِي
أَنْتِ الوَدِيعَةُ لِلإمامِ عَلَى الوَرَى
فَخْرِ الكَرِيمِ وَصَاحِبِ الأَسْرارِ
لا زِلْتِ يا بِنْتَ الهُدى مَعْصُومَةً
مِنْ كُلِّ ما يَرْتَضيــهِ البـــارِي
مَنْ زَارَ قَبْرَكِ في الجِنــانِ جَزاؤُهُ
هَذا هُوَ المَنْصُوصُ في الأَخْبارِ(8)
يعتبر مرقد السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام ابنة الامام الكاظم عليه السلام من أهم المراكز الدينية في العالم الإسلامي وهي من أجل ابناء الأئمة التي وقع الأتفاق على صحة نسبها وجلالة مقامها وقدرها ، ويقع مرقدها في مدينة قم المقدسة.
والزيارة الوادرة في حقها على لسان أخيها ثامن الأئمة علي بن موسى الرضا عليه السلام من حيث السند تعتبر في أعلى درجات الوثاقة والصحة.
زيارة السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها
يمكن تقسيم هذه الزيارة العظمية إلى ثلاثة تقسيمات:
السلام والتحية على أنبياء الله عليهم السلام
السلام والتحية على المعصومين الأربع عشر عليهم السلام
السلام والتحية على السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام
زوار السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام يقفون في اتجاه القبلة بجانب المرقد ويلهج لسانهم بذكر الله من التكبير والتسبيح والثناء على الله تعالى حيث يقولون قبل الزيارة (34 مرة الله أكبر، 33 مرة سبحان الله، 33 مرة الحمد لله) ومن ثم يسلمون أولاً على أنبياء الديانات السابقة ويذكرون صفاتهم.
السلام والتحية على أنبياء الله عليهم السلام
في هذا الجزء من نص الزيارة يتضمن :
السَّلامُ عَلَىٰ آدَمَ صِفْوَةِ اللّٰهِ؛
السَّلامُ عَلَىٰ نُوحٍ نَبِیِّ اللّٰهِ؛
السَّلامُ عَلَى إِبْراهِیمَ خَلِیلِ اللّٰهِ؛
السَّلامُ عَلَىٰ مُوسَىٰ کَلِیمِ اللّٰهِ؛
السَّلامُ عَلَىٰ عِیسىٰ رُوحِ اللّٰهِ.
صفات انبياء الله
ومن المهم أن تعلم أن الإمام الرضا عليه السلام يعبّر عن أهم أنبياء الأديان السماوية بصفاتهم الخاصة ويسلم عليهم. على سبيل المثال، يذكر صفة النبي عيسى عليه السلام ويعبر عنه بروح الله.
ويمكننا أن نعتبر هذه العقيدة العالمية والمحترمة ميثاق التعايش الديني في القرن الثاني من الهجرة والقرن الثامن الميلادي، وهو ما خرج عن الإمام الرضا عليه السلام للشيعة.
ومما لا شك فيه أن هذا الموقف من أهل البيت عليهم السلام والشيعة على مر القرون جعل بلدة ايران مهد للتعايش السلمي بين الأديان في العصر الحالي، حيث يتمتع أتباع الديانات السماوية مثل الزرادشتيين واليهود والمسيحيين الأرمن والآشوريين، إلى جانب الديانات غير الإلهية مثل المندائيين، بحياة اجتماعية وحياة سلمية.
زوار السيدة معصومة عليها السلام من غير المسلمين
مدينة قم المقدسة ومرقد السيدة معصومة عليها السلام، تعتبر من أحد الواجهات السياحية من حيث البناء في السياحة الكلاسيكية، حيث تستضيف مئات السياح الأجانب من مختلف دول العالم كل شهر. مما لا شك فيه، وبغض النظر عن روائع العمارة الإسلامية الإيرانية في الحرم المقدس وكرامة ومكانة تلك السيدة المختارة، فإن زيارة السيدة المعصومة عليها السلام التي تتضمن سلام واحترام فائق لأنبياء الله العظام، كثير ما يلفت انتباه السياح الأجانب مع اختلاف مذاهبم.
عندما يمر سائح غير مسلم بهذا الجزء من الزيارة، فإنه ينشئ تلقائيًا علاقة روحية قوية مع تلك السيدة التقية.
وهنا يعتمد ذوق المرشد السياحي على ربط قلوب السياح غير المسلمين بشبكات ضريح السيدة معصومة عليها السلام، والإشارة إلى تعايش الأديان ووحدة الكلمة من خلال الفقرات الأولى من الزيارة ويقول: نفس الله الذي خلق آدم ونوحاً وإبراهيم، أرسل موسى وعيسى عليهما السلام، وأرسل النبي محمد صلى الله عليه وآله، والإيمان بشريعة الأنبياء السابقين واجبة على كل مسلم.
سند زيارة السيدة معصومة عليها السلام
نقل العلامة المجلسي رحمه الله زيارة السيدة فاطمة المعصومة في كتابه وقال:
رأيت في بعض كتب الزيارات حدث علي بن إبراهيم عن أبيه عن سعد عن علي بن موسى الرضا عليهالسلام ، قال قال ، يا سعد عندكم لنا قبر ، قلت : جعلت فداك قبر فاطمة بنت موسى عليهماالسلام؟ قال : نعم ، من زارها عارفا بحقها فله الجنة ، فاذا أتيت القبر فقم عند رأسها مستقبل القبلة ، وكبر أربعا وثلاثين تكبيرة ، وسبح ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، واحمد ثلاثا وثلاثين تحميدة ثم قل :
السلام على آدم صفوة الله ، السلام على نوح نبي الله...(1)
باستثناء السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، فإن المرأة الوحيدة التي لديها زيارة مأثورة ومنقولة من الإمام المعصوم عليه السلام هي سيدة فاطمة المعصومة عليها السلام.
هناك نساء بارزات في ساحة الإسلامية مثل: آمنة بنت وهب، وفاطمة بنت أسد، وخديجة بنت خويلد، وأم البنين، وزينب الكبرى، ونرجس خاتون عليهن السلام، لا شك في مكانتهن الرفيعة ومقاماتهن العظيمة، ليس لأحدهن زيارة مأثورة واردة قد وصلت الينا، بغير السيدة فاطمة المعصومة عيلها السلام وهذا يدل على أن لهذه السيدة مكانة عالية جداً ومقام عظيم تمتاز به عند نساء أهل البيت عصمت عليهن السلام.
فضل زيارة السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام
لقد وردتْ في فضل زيارة السيدة فاطمة بنت الإمام الكاظم عليهما السلام رواياتٌ كثيرةٌ وعجيبةٌ جداً، وقلـّما وَرَدَ مثل هذا الفضل في زيارة إخوتها وأخواتها - غير أخوها المعصوم الإمام الرضا عليه السلام - الذين زاد عددهم على الثلاثين، أو بقية أولاد الأئمة الطاهرين الكثيرين، مما يُنبئ عن كبير فضلها وجليل شأنها وعظيم منزلتها عند الله جلّ وعلا، لأنّ الإمام المعصوم من أهل البيت عليهم السلام لا يحابي ولا يجامل ولا يبالغ في وصف من لا يستحق من أهله وأرحامه، وإلاّ لفعل مثل ذلك مع باقي إخوته وأخواته وأقاربه.
عمن ورد فضل زيارتها؟
وردتْ روايات فضل زيارتها عليها السلام عن ثلاثة من الأئمة المعصومين عليهم السلام، وهي تحضُّ المؤمنين بشكلٍ أكيدٍ وأسلوبٍ مرغِّبٍ عجيب على زيارة فاطمة بنت الإمام الكاظم عليهما السلام
وإذا نظرنا في عباراتهم تلك نجد إجماعاً منهم على وجوب الجنة لمن زارها، وفي بعضها بزيادة عبارة: (عارفاً بحقها ) أي (من زارها عارفاً بحقها ).
عن ابن أخيها الإمام الجواد عليه السلام:
روى ابن قولويه القمي رحمه الله في كتاب كامل الزيارات:
عن الإمام الجواد عليه السلام قال: « مَنْ زَارَ قَبْرَ عَمَّتِيْ بِقُمٍّ فَلَهُ الجَنَّةُ» (2).
عن أخيها الإمام الرضا عليه السلام:
روى المجلسي في البحار ج 102 ص265 ط جديد،
عن الإمام الرّضا عليه السلام قال: « مَنْ زَارَهَا فَلَهُ الجَنَّةُ» (3).
و ورد عن الرضا عليه السلام أيضاً: « مَنْ زارَها عارفاً بِحَقِّها فَلَهُ الجَنَّةُ » (4).
كما ورد عنه عليه السلام أنه قال: « مَنْ زارَ الْمَعْصُومَةَ بِقُمْ كَمَنْ زارَني » (5).
عن جدها الإمام الصادق عليه السلام:
روي أنّ عِدَّةً مِن أهل الرّي دخلوا على أبي عبد الله الصادق فقالوا: « نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الرَّيّ، فقال: مَرْحَبَاً بِإِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ قُمّ. قَالُوْا: نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الرَّيّ، فَأَعَادَ الكَلاَمَ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ للهِ حَرَمَاً وَهُوَ مَكَّةَ، وَإِنَّ لِلْرَّسُوْلِ صلیالله علیه و آله حَرَمَاً وَهُوَ المَدِيْنَةُ، وَإِنَّ لأمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ حَرَمَاً وَهُوَ الكُوْفَةُ، وَإِنَّ لَنَا حَرَمَاً وَهُوَ بَلْدَةُ قُمّ، وَسَتُدْفَنُ فِيْهَا امْرَأَةٌ مِنْ أَوْلاَدِيْ تُسَمَّيْ فَاطِمَةُ، فَمَنْ زَارَهَا وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ.وفي نقل آخر: تُقْبَضُ فِيْهَا امْرَأَةٌ مِنْ وُلْدِيْ اسْمُهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُوْسَىْ، وَتَدْخُلُ بِشَفَاعَتِهَا شِيْعَتِيْ الجَنَّةَ بِأَجْمَعِهِمْ ». (6)
قال الراوي: وكان هذا الكلام منه قبل أن يولد الكاظم عليه السلام.
وجاء في الخبر عن الإمام الصادق عليه السلام: « أَنَّ زِيارَتَهَا تَعْدِلُ الْجَنَّة » (7).
وجه لقبها بكريمة أهل البيت عليهم السلام
وهذا لقب اشتهرت به سلام الله عليها وهناك قصّة منقولة عن السيّد محمود المرعشيّ والد السيّد شهاب الدّين المرعشيّ قدّس سرّهما ورد فيها هذا اللقب وحاصلها: أنّه كان يريد معرفة قبر الصدّيقة الزهراء عليها السلام, وقد توسّل إلى الله تعالى من أجل ذلك كثيراً، حتّى أنّه دأب على ذلك أربعين ليلة من ليالي الأربعاء من كلّ أسبوع في مسجد السهلة بالكوفة، وفي الليلة الأخيرة حظي بشرف لقاء الإمام المعصوم عليه السلام، فقال له الإمام عليه السلام:
"عليك بكريمة أهل البيت"، فظنّ السيّد محمود المرعشيّ أنّ المراد بكريمة أهل البيت عليها السلام هي الصدّيقة الزهراء عليها السلام فقال للإمام عليه السلام: جعلت فداك إنّما توسّلت لهذا الغرض، لأعلم بموضع قبرها، وأتشرّف بزيارتها، فقال عليه السلام: "مرادي من كريمة أهل البيت قبر السيّدة فاطمة المعصومة عليها السلام في قمّ.. "
وبعد ذلك عزم السيّد محمود المرعشيّ على السفر من النجف الأشرف إلى قمّ لزيارة كريمة أهل البيت عليها السلام.
ينقل أيضا السيد أبوالفضل رضوي زاده ـوهو أحد خدام السيدة المعصومة عليها السلامـ عن أحد أصدقائه الخدمة فيقول:
في أوائل وصول آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي من النجف الأشرف إلى قم كان قلقاً جداً حيث كان يتقدم الخاطبون لابنته بكثرة ولكنه لعسر حاله لم يكن يستطيع تجهيزها، وفي أحد الأيام يأتي إلى الحرم ويخاطب السيدة المعصومة عليها السلام قائلاً: يا سيدتي! لماذا لا تتلطفين وتنظرين إلى حالي؟ وبعد ذلك يرى في عالم الرؤيا أحد خدام السيدة المعصومة عليها السلام يقول له: إن السيدة المعصومة عليها السلام تطلبك.
فيقول المرحوم السيد المرعشي عن حلمه هذا: وفي عالم الرؤيا تشرفت بزيارة السيدة المعصومة عليها السلام (في الفور) وعندما أردت الدخول إلى الحرم الشريف من إيوان الذهب (الإيوان القديم) رأيت سيدتين تقومان بالكنس وكانت إحداهما السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام حيث كنت قد رأيتها في منام سابق والأخرى كانت السيدة المعصومة عليها السلام.
وقالت لي: يا شهاب! إنك تحت (رقابتنا) وعنايتنا فلا تقلق حيث ما كنت سواء في النجف الأشرف أو في قم.
ويقول السيد المرعشي النجفي رحمه الله: بعد ذلك تحسنت ظروفي المعيشية يوما بعد يوم.
وفي الخاتمة نقول كما قال الشاعر في فضائلها وصفاتها:
يا بِنْتَ مُوسَى وَابْنَـةَ الأَطْهــارِ
أُخْتَ الرِّضـا وَحَبِيبَةَ الجَبَّــار
يا دُرَّةً مِنْ بَحْرِ عِلْمٍ قَدْ بَدَتْ
لِلَّهِ دَرُّكِ وَالعُــلُوِّ السَّارِي
أَنْتِ الوَدِيعَةُ لِلإمامِ عَلَى الوَرَى
فَخْرِ الكَرِيمِ وَصَاحِبِ الأَسْرارِ
لا زِلْتِ يا بِنْتَ الهُدى مَعْصُومَةً
مِنْ كُلِّ ما يَرْتَضيــهِ البـــارِي
مَنْ زَارَ قَبْرَكِ في الجِنــانِ جَزاؤُهُ
هَذا هُوَ المَنْصُوصُ في الأَخْبارِ(8)
1ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 102 / الصفحة : 266 / ط مؤسسة الوفاء.
2ـ كامل الزيارات / ابن قولويه القمي / الصفحة : 536 / رقم الحديث : 827.
3ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 102 / الصفحة : 265 / ط مؤسسة الوفاء.
4ـ جامع أحاديث الشيعة / السيد حسين البروجردي / المجلّد : 12 / الصفحة : 617.
5ـ سيّدة عشّ آل محمد صلى الله عليه وآله / السيد أبو الحسن الهاشمي / المجلّد : 1 / الصفحة : 37.
6ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 60 / الصفحة : 217 / ط مؤسسة الوفاء.
7ـ مستدرك الوسائل / المحدّث النوري / المجلّد : 10 / الصفحة : 368.
8ـ تراجم أعلام النساء / الشيخ محمّد حسين الحائري / المجلّد :2 / الصفحة : 355.
التعلیقات