اليوم العالمي للفتاة
السيد حسين الهاشمي
منذ شهرينيحتفل الناس في مختلف أنحاء العالم باليوم العالمي للبنات في الحادي عشر من شهر أكتوبر من كل عام. يمثل هذا اليوم فرصة لتعزيز صوت الفتيات وتسليط الضوء على أفكارهن ومبادراتهن. يُكرس هذا اليوم للاهتمام بحقوق الفتيات والدفاع عنها، حيث يجتمع الأفراد والمجتمعات للاعتراف بحقوقهن ودعم مجموعة واسعة من الحقوق الاجتماعية، الأسرية، والفكرية، وغيرها.
وعلى ضوء هذا اليوم ، يجب أن نسلط الضوء على قضية هامة وهي أن الإسلام، بين جميع الأديان السماوية والمذاهب المختلفة والمعتقدات الاجتماعية، هو الدين الذي أولى الفتيات والنساء اهتمامًا خاصًا. وبمناسبة هذا اليوم العالمي للبنات، يأتي موضوع هذا العام بعنوان "المنظور المستقبلي للفتيات"، ليركز على دورهن في بناء مستقبل أفضل.
إن الفتيات لا يتمتعن بالشجاعة في مواجهة المصاعب والتحديات فحسب، بل يحملن أيضًا الأمل في مستقبل مشرق ومليء بالنشاط والحيوية. ولهذا، نراهن يوميًا يتخذن قرارات وإجراءات تهدف إلى تحقيق رؤية مستقبلية لعالم تُحترم فيه حقوق جميع الفتيات، وتُحمى فيه كرامتهن. عالم تكون فيه الفتيات قادرات على ممارسة حقوقهن كاملة وتحقيق أحلامهن.
ولأجل حلول اليوم العالمي للبنات قررنا أن نكتب لكم عن مقام البنات والفتيات في الروايات المروية عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وروايات أهل البيت عليهم السلام، لأن رواياتنا مليئة بالجمل المفعمة بالأمل والمحفزة للفتيات، والتي تعدهن بمستقبل مشرق.
مقام الفتيات في روايات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام
عند تصفحنا للكتب الروائية، نجد أن الروايات المنقولة عن النبي وأهل بيته عليهم آلاف التحية والثناء تمنح الفتيات والبنات مكانة خاصة في الشريعة الإسلامية. ولهذا ننقل لكم بعض الروايات التي تبرز فضل البنات ومقامهن في العائلة والمجتمع.
1) البنات حسنات ونعم الطفل البنت
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : « نِعْمَ الْوَلَدُ الْبَنَاتُ مُلْطِفَاتٌ مُجَهِّزَاتٌ مُونِسَاتٌ مُبَارَكَاتٌ مُفَلِّيَاتٌ » (1)،
هذه الرواية تنقل لنا واقع الحال. لأن البنات في الحقيقة ملطفات في البيت ويؤنسن الآباء في البيت وهنّ مباركات. فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال:
« الْبَنَاتُ حَسَنَاتٌ وَ الْبَنُونَ نِعْمَةٌ فَإِنَّمَا يُثَابُ عَلَى الْحَسَنَاتِ وَ يُسْأَلُ عَنِ النِّعْمَةِ» (2).
كان العرب في الجاهلية يشعرون بالحزن والخزي عند ولادة البنات، وكانوا يعتبرونها عيبًا وعارًا عليهم. ولهذا، نرى أن أهل البيت عليهم السلام كانوا يقاومون هذا النوع من التفكير السلبي، ويعملون على تغييره. فقد روى جارود بن المنذر:
« قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام بَلَغَنِي أَنَّهُ وُلِدَ لَكَ ابْنَةٌ فَتُسْخِطُهَا وَ مَا عَلَيْكَ مِنْهَا رَيْحَانَةٌ تَشَمُّهَا وَ قَدْ كُفِيتَ رِزْقَهَا وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَبَا بَنَاتٍ» (3). وأيضا روي الحسن بن سعيد: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا جَارِيَةٌ فَدَخَلَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فَرَآهُ مُتَسَخِّطاً فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: « أَ رَأَيْتَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيْكَ أَنْ أَخْتَار لَكَ أَوْ تَخْتَارُ لِنَفْسِكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ قَالَ كُنْتُ أَقُولُ يَا رَبِّ تَخْتَارُ لِي قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدِ اخْتَارَ لَكَ قَالَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْعَالِمُ الَّذِي كَانَ مَعَ مُوسَى عليه السلام وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً أَبْدَلَهُمَا اللَّهُ بِهِ جَارِيَةً وَلَدَتْ سَبْعِينَ نَبِيّاً» (4).
2) الله سبحانه وتعالى أرأف بالبنات
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
« إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى الْإِنَاثِ أَرْأَفُ مِنْهُ عَلَى الذُّكُورِ وَ مَا مِنْ رَجُلٍ يُدْخِلُ فَرْحَةً عَلَى امْرَأَةٍ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهَا حُرْمَةٌ إِلَّا فَرَّحَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (5).
ولأجل أن الله تعالى أرأف بالبنات على البنين، نرى أن الذي يعول البنات لديه درجة عظيمة عند الله. فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام:
« قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مَنْ عَالَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ وَ اثْنَتَيْنِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ وَاحِدَةً فَقَالَ وَ وَاحِدَةً» (6).
3) البنات جُنّة من النار
روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:
« من كانت له ابنة فأدبها وأحسن أدبها، وعلمها فأحسن تعليمها، فأوسع عليها من نعم الله التي أسبغ عليه كانت له منعة وسترا من النار» (7). وأيضا روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: « نعم الولد البنات المخدرات، من كانت عنده واحدة جعلها الله سترا له من النار» (8).
ويمكن أن يكون هذا هو السبب في أنه يستحب أن يقدم الوالد الهدية أولا إلى إبنته. فقد روي إبن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
« مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَاشْتَرَى تُحْفَةً فَحَمَلَهَا إِلَى عِيَالِهِ كَانَ كَحَامِلِ صَدَقَةٍ إِلَى قَوْمٍ مَحَاوِيجَ وَ لْيَبْدَأْ بِالْإِنَاثِ قَبْلَ الذُّكُورِ فَإِنَّهُ مَنْ فَرَّحَ أُنْثَى فَكَأَنَّمَا عتق [أَعْتَقَ] رَقَبَةً مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ وَ مَنْ أَقَرَّ بِعَيْنِ ابْنٍ فَكَأَنَّمَا بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أَدْخَلَهُ جَنَّاتِ النَّعِيمِ» (9).
4) البنات سبب للبركة في البيت
روي عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم:
« ما من بيت فيه البنات إلا نزلت كل يوم عليه اثنتا عشرة بركة ورحمة من السماء ، ولا ينقطع زيارة الملائكة من ذلك البيت يكتبون لأبيهم كل يوم وليلة عبادة سنة» (10). وأيضا روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم:« من كان له ابنة فالله في عونه ونصرته وبركته ومغفرته» (11).
فاليوم العالمي للفتاة هو يوم الابتهاج بهذه البركة العظيمة للبنات في البيت والعائلة والمجتمع.
5) الأجر والثواب العظيم لوجود البنت في العائلة
روي عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم:
« من كانت له ابنة واحدة ، كانت خيرا له من ألف حجة ، وألف غزوة ، وألف بدنة ، وألف ضيافة» (12).
وهذا يوضح لنا الأجر العظيم الذي لا يمكن تصوره لوجود البنت في المنزل والعائلة. لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمقامه العالي الذي
﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ﴾ (13)،
يقارن بين وجود البنت في المنزل وبين ألف حجة وألف غزوة وألف قربان وألف ضيافة. وأيضا روي عن الإمام الباقر أو الإمام الصادق عليهما السلام:
« إِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ ابْنَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكاً فَأَمَرَّ جَنَاحَهُ عَلَى رَأْسِهَا وَ صَدْرِهَا وَ قَالَ ضَعِيفَةٌ خُلِقَتْ مِنْ ضَعْفٍ الْمُنْفِقُ عَلَيْهَا مُعَانٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (14).
6) أب البنت معرض للرحمة والبنات باقيات الصالحات
روى الشهيد بإسناده عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:
« رحم الله أبا البنات ، البنات مباركات محببات ، و البنون مبشرات ، وهن الباقيات الصالحات» (15).
في هذه الرواية، يبيّن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أن أبا البنات هو مورد للرحمة الواسعة من الله تعالى، وأن البنات هنّ الباقيات الصالحات لهذا الأب بعد وفاته. فالبنات مصدر للبركة في الدنيا وموجب للرحمة في الآخرة. وهذا السبب كافٍ ليجعلنا نكرمهن ونحتفل باليوم العالمي للبنات.
7) رزق البنت مضمون من عند الله سبحانه وتعالى
أحد الأمور التي تجعل الزوجين يشعران بالخوف من الإنجاب هي الأمور المالية ورزق الطفل. لكن الله سبحانه وتعالى ضمن رزق الأولاد، خصوصًا البنات. فقد روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام:
« كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا بشر بجارية قال : ريحانة ورزقها على الله» (16).
هذه كانت جملة من فضائل البنات والفتيات ومقامهن في العائلة والمجتمع حسب الروايات المنقولة عن النبي الأكرم وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام.
1) الكافي (للشيخ محمد بن يعقوب الكليني) / المجلد: 6 / الصفحة: 5 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – طهران / الطبعة: 4.
2) الكافي (للشيخ محمد بن يعقوب الكليني) / المجلد: 6 / الصفحة: 6 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – طهران / الطبعة: 4.
3) الكافي (للشيخ محمد بن يعقوب الكليني) / المجلد: 6 / الصفحة: 6 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – طهران / الطبعة: 4.
4) الكافي (للشيخ محمد بن يعقوب الكليني) / المجلد: 6 / الصفحة: 7 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – طهران / الطبعة: 4.
5) الكافي (للشيخ محمد بن يعقوب الكليني) / المجلد: 6 / الصفحة: 7 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – طهران / الطبعة: 4.
6) الكافي (للشيخ محمد بن يعقوب الكليني) / المجلد: 6 / الصفحة: 6 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – طهران / الطبعة: 4.
7) ميزان الحكمة (للمحمدي الري شهري) / المجلد: 4 / الصفحة: 3672 / الناشر: دار الحديث – قم / الطبعة: 2.
8) ميزان الحكمة (للمحمدي الري شهري) / المجلد: 4 / الصفحة: 3672 / الناشر: دار الحديث – قم / الطبعة: 2.
9) ثواب الأعمال (للشيخ الصدوق) / المجلد: 1 / الصفحة: 201 / الناشر: دار الشريف الرضي للنشر – قم / الطبعة:2.
10) مستدرك الوسائل (للشيخ حسين النوري) / المجلد: 15 / الصفحة: 116 / الناشر: مؤسسة آل البيت – قم / الطبعة: 1.
11) مستدرك الوسائل (للشيخ حسين النوري) / المجلد: 15 / الصفحة: 115 / الناشر: مؤسسة آل البيت – قم / الطبعة: 1.
12) مستدرك الوسائل (للشيخ حسين النوري) / المجلد: 15 / الصفحة: 115 / الناشر: مؤسسة آل البيت – قم / الطبعة: 1.
13) سورة النجم / الآية: 3 إلى 5.
14) ثواب الأعمال (للشيخ الصدوق) / المجلد: 1 / الصفحة: 202 / الناشر: دار الشريف الرضي للنشر – قم / الطبعة:2.
15) مستدرك الوسائل (للشيخ حسين النوري) / المجلد: 15 / الصفحة: 115 / الناشر: مؤسسة آل البيت – قم / الطبعة: 1.
16) مستدرك الوسائل (للشيخ حسين النوري) / المجلد: 15 / الصفحة: 115 / الناشر: مؤسسة آل البيت – قم / الطبعة: 1.
التعلیقات