التعاطف
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 6 سنواتاليوم كثير ما يحتاج الإنسان إلى شخص ما يسمع كلامه ويتجاوب معه في المحادثة، ويتعاطف معه في سماع كلامه، لكن أحياناً يحس الإنسان بعدم تجاوب الطرف المقابل معه في المحادثة، أو ظاهر الأمر أن طرف المقابل يتظاهر بالسماع وفي الحقيقة ذهنه في غير مكان أو أنه يسمع الكلام لكن لا يفهم المقصد، فنضطر إلى إعادة الكلام، وفي بعض الأحيان الطرف المقابل يفهم الكلام، ولكن لا يتعاطف مع المتكلم، ففي جميع هذه الحالات يشعر بالإحباط، ويستحسن قطع المحادثة لعدم التعاطف معه من قبل الشخص المقابل وعدم إدراك مشاعره، فما هي المشكلة؟
في جواب هذا السؤال لا بد من تحديد المشكلة وفي الحقيقة هي عدم وجود مهارات في التعاطف فيما بين المجتمع هنا نذكر بعض الطرق لتعزيز هذه المهارة:
1ـ امنح الشخص فرصة كي يتحدث عن مشاعره. اعرض على الشخص من نفسك أن تستمع لما يشعر به أو كيف يحاول التعايش مع المشاكله، ولن تحتاج لأن تكون لديك حلول جاهزة لمساعدة الشخص؛ فأحيانًا يكون الاستماع للشخص والتعاطف معه طريقة رائعة لمساعدته.
2ـ استخدم لغة الجسد للتعبير عن التعاطف. يمكنك إظهار اهتمامك وتعاطفك حتى أثناء استماعك للشخص باستخدام لغة الجسد؛ انظر للشخص في عينيه، وأوميء برأسك من حين لآخر للتأكيد على أنك تفهم، وحافظ على أن يكون جسدك متجهاً للشخص، وليس لشيء آخر.
لا تحاول أن تقوم بعدة أعمال أخرى أثناء الاستماع للشخص، وتجنَّب أن يشتتك أي شيء أثناء المحادثة، وأغلق هاتفك إن أمكنك ذلك.
اترك جسدك مفتوحًا بأن لا تعقد ذراعيك أو رجليك، وإذا كانت يديك ظاهرة، فحافظ على إرخائها وجعلها باتجاه الجانبين قليلًا؛ فكل هذا سيساعد على إظهار إنصاتك واهتمامك بما يقوله الشخص.
تمايل قليلًا باتجاه الشخص المتكلم، فالتمايل باتجاه الشخص المتحدث يُشعِره براحة أكبر في التحدث معك، ولكن لا تدخل إلى حريمه الشخصي.
أوميء برأسك بين وقت وآخر عندما يتحدث الشخص؛ لأن الإيماء والإشارات التشجيعية الأخرى تساعد الناس على الشعور براحة أكبر في الحديث.
حاول أن تعكس لغة جسد الشخص الآخر. لا ينبغي أن تقلِّد كل حركة يفعلها الشخص، لكن الحفاظ على وضع جسدك في اتجاه الشخص الآخر، كما يفعل هو أو توجيه رجليك في نفس الاتجاه الذي يوجِّه رجليه إليه، سيساعد على خلق جو يُشعِره بالدعم من خلال لغة الجسد.
3ـ أصغ أولًا لكلامه، وقم بالتعليق لاحقًا؛ ففي معظم الأحيان يحتاج الشخص الآخر إلى أن تستمع له بينما يستكشف ويعبِّر عن مشاعره وأفكاره، وهذا الشيء يدعمه كثيراً حتى وإن لم يبدو لك هكذا.
فغالباً إذا حاولت نُصح الشخص دون أن يُطلَب منك ذلك، فسيشعر الطرف الآخر أنك تطبق تجربته أو مشكلته على نفسك.
يمكنك أن تسأل الشخص إن لم تكن متأكدًا، فتقول له: "أنا أريد أن أساعدك بأي طريقة تريدها، فهل تريدني أن أحاول حل المشكلة معك؟ أم أنك تحتاج أن أسمع كلامك فحسب؟ فأنا بجانبك في كلتا الحالتين.
وقد تستطيع مساعدة الشخص بنصيحة عملية أو طريقة يتعايش بها مع الأمر -إن كنت مررت بنفس تجربته- وحينها ينبغي أن تصيغ نصيحتك على أنها تجربتك الشخصية، وليس أمراً أن يأخذ الشخص بنصيحتك، فعلى سبيل المثال تقول له: "أنا حزين؛ لأن رجلك قد كُسرت، فأنا أتذكر كم كنت أتألم عندما كُسِر كاحلي منذ عدة سنوات، هل تريدني أن أُخبرك كيف تعاملت مع الأمر؟".
احرص على ألا يبدو كلامك وكأنك تأمر الشخص بفعل معين، فإذا كانت لديك نصيحة، وكان الشخص مهتماً بالاستماع لها فصغها على أنها سؤال مثل: "هل فكرت في ...؟"، أو "هل تظن أنك إن فعلت ... سيساعدك؟" فهذه الأنواع من الأسئلة تعترف ضمنياً بقدرة الشخص على اتخاذ قراراته بنفسه، كما أنها لا تبدو، وكأنها أوامر كما لو قلت: "لو كنت مكانك لفعلت ..."
4ـ ذكِّره بالدين: إن كنتما تنتميان لنفس الديانة ولديكما روحانيات متشابهة، استعن بذلك على مساعدة الشخص؛ اعرض عليه أن تحضرا درساً دينياً أو أن تصليا سوياً.
لا تُشِر على الشخص الذي تتعاطف معه بآرائك الدينية إن لم يكن ينتمي لديانتك.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يخونه، ويحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمؤاساة لأهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض؛ حتى تكونوا كما أمركم الله عز وجل: "رحماء بينكم" متراحمين مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله).(1)
ـــــــــــ
1ـ الكافي: للكليني ج2، ص174.
التعلیقات