علاج وجع البطن في أحاديث أهل البيت عليهم السلام
الشیخ مهدي المجاهد
منذ 3 أيامتحتل الأحكام الواردة عن أهل البيت عليهم السلام مكانة رفيعة في حياة المسلمين، فهي توجيهات مستوحاة من نور الرسالة المحمدية، تهدف إلى علاج الروح والجسد معًا. ومن بين المشكلات التي يعاني منها الإنسان بشكل متكرر، آلام البطن والأوجاع المرتبطة بها. فقد قدمت روايات أهل البيت عليهم السلام إرشادات وعلاجات عملية لهذه الأوجاع، من خلال الدعاء، والاستشفاء بالقرآن الكريم، والأعمال الروحية والغذائية.
إن الالتجاء إلى الله بالدعاء والاستشفاء بالآيات القرآنية يعد جزءًا من العلاج الروحي الذي لا يقتصر على تهدئة الألم فحسب، بل يعزز الإيمان بأن الشفاء بيد الله عز وجل. وقد أورد أهل البيت عليهم السلام نصائح عملية وأدعية خاصة لعلاج وجع البطن، تتضمن أساليب الاستشفاء التي تجمع بين الروحانيات والتوجيهات الغذائية.
وفي هذا المقال، نستعرض بعض الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام حول علاج وجع البطن والقولنج، متناولين أبعادها المختلفة من الناحية الروحية والغذائية. كما نلقي الضوء على أثر الطين المقدس من قبر الإمام الحسين عليه السلام، الذي يمثل جزءًا من البركات المادية والروحية التي أنعم الله بها على هذه الأمة.
عوذة النبي صلى الله عليه وآله لوجع البطن
روي أن رجلاً شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ما أصاب أخاه من وجع البطن ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: « مر أخاك أن يشرب شرابا من العسل الممزوج بالماء الحار »، فانطلق الرجل وعاد إليه بكرة فقال : قد أشربته الشراب فلم ينجع فقال صلى الله عليه وآله: « صدق الله وكذب بطن أخيك. انطلق وأعطه الشراب ، وعوذه بسورة الحمد سبع مرات ، فلما مضى الرجل قال صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام يا علي إنّ أخاه رجل منافق ولاجل ذلك لم ينجع فيه الشراب » (1).
دعاء أمير المؤمنين عليه السلام للاستشفاء من وجع البطن
شكى رجل الى أمير المؤمنين عليه السلام وجع البطن فأمره ان يشرب ماء حارا ويقول : « يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا اللَّهُ، يا رَحمانُ، يا رَحيمُ، يا رَبَّ الأَربابِ وإلهَ الآلِهَةِ، ويا مَلِكَ المُلوكِ، ويا سَيِّدَ السّادَةِ، اشفِني بِشِفائِكَ مِن كُلِّ داءٍ وسُقمٍ، فَإِنّي عَبدُكَ أتَقَلَّبُ في قَبضَتِكَ » (2).
استشفاء الإمام الصادق عليه السلام بالآيات القرآنية
نقل أبو عبد الله الخواتيمي عن ابن يقطين عن حسان الصيقل عن أبى بصير قال : شكى رجل الى أبي عبد الله الصادق عليه السلام وجع السرة فقال له : « اذهب فضع يدك على الموضع الذي تشتكي وقل : ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ (3)، ثلاثا فانك تعافى باذن الله » (4).
وجاء في الخبر عن أبي عبد الله عليه السلام ، ما اشتكى احد من المؤمنين شكاة قط فقال باخلاص نية ومسح موضع العلة ويقول : ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ (5)، إلا عوفي من تلك العلة اية علة ومصداق ذلك في الآية حيث يقول : ﴿ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ (6).
الملح كعلاج لأوجاع البطن في وصية النبي صلى الله عليه وآله
وقد ورد في الخبر عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عليهم السلام قَالَ: كَانَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله عَلِيّاً عليه السلام أَنْ قَالَ : « يَا عَلِيُّ افْتَتِحْ طَعَامَكَ بِالْمِلْحِ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ سَبْعِينَ دَاءً مِنْهَا الْجُنُونُ وَ الْجُذَامُ وَ الْبَرَصُ وَ وَجَعُ الْحَلْقِ وَ الْأَضْرَاسِ وَ وَجَعُ الْبَطْنِ ».
وَ رَوَى بَعْضُهُمْ : « كُلِ الْمِلْحَ إِذَا أَكَلْتَ وَ اخْتِمْ بِهِ » (7).
وصفة الإمام الصادق عليه السلام بالأرز والسماق
وجاء في الخبر عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ حُمْرَانَ قَالَ: « كَانَ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام وَجَعُ الْبَطْنِ فَأَمَرَ أَنْ يُطْبَخَ لَهُ الْأَرُزُّ وَ يُجْعَلَ عَلَيْهِ السُّمَّاقُ فَأَكَلَهُ فَبَرَأَ » (8).
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَيْضِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ إِنَّ ابْنَتِي قَدْ ذَبَلَتْ وَ بِهَا الْبَطَنُ فَقَالَ: « مَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْأَرُزِّ بِالشَّحْمِ خُذْ حِجَاراً أَرْبَعاً أَوْ خَمْساً وَ اطْرَحْهَا تَحْتَ النَّارِ وَ اجْعَلِ الْأَرُزَّ فِي الْقِدْرِ وَ اطْبُخْهُ حَتَّى يُدْرِكَ وَ خُذْ شَحْمَ كُلًى طَرِيّاً فَإِذَا بَلَغَ الْأَرُزُّ فَاطْرَحِ الشَّحْمَ فِي قَصْعَةٍ مَعَ الْحِجَارَةِ وَ كُبَّ عَلَيْهَا قَصْعَةً أُخْرَى ثُمَّ حَرِّكْهَا تَحْرِيكاً شَدِيداً وَ اضْبِطْهَا لَا يَخْرُجُ بُخَارُهُ فَإِذَا ذَابَ الشَّحْمُ فَاجْعَلْهُ فِي الْأَرُزِّ ثُمَّ تَحَسَّاهُ » (9).
علاج الإمام الباقر عليه السلام بالكتابة بمسك وزعفران
عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: شكى إليه رجل الخام والأبردة وريح القولنج، فقال: « أما القولنج فاكتب له أم القرآن، والمعوذتين، وقل هو الله أحد، واكتب أسفل من ذلك ( أعوذ بوجه الله العظيم، وبقوته التي لا ترام وبقدرته التي لا يمتنع منها شئ، من شر هذا الوجع، وشر ما فيه، وشر ما أحذر منه ) تكتب هذا في كتف أو لوح أو جام بمسك وزعفران، ثم تغسله بماء السماء وتشربه على الريق، أو عند منامك » (10).
بركة طين قبر الإمام الحسين عليه السلام في علاج الأمراض
جاء في أَحَادِيثِ ابْنِ حُبَيْشٍ التَّمِيمِيِّ قَالَ سَالِمٌ كَانَ بِي وَجَعُ الْبَطْنِ فَتَعَالَجْتُ بِكُلِّ دَوَاءٍ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ عَافِيَةً وَ خِفْتُ عَلَى نَفْسِي فَدَخَلْتُ عَلَى امْرَأَةٍ كُوفِيَّةٍ يُقَالُ لَهَا سَلَمَةُ فَقَالَتْ لِي يَا سَالِمُ أُعَالِجُكَ فَتَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ قُلْتُ نَعَمْ فَسَقَتْنِي مَاءً فِي قَدَحٍ فَسَكَنَتْ عَنِّي الْعِلَّةُ وَ بَرَأَتْ فَسَأَلْتُ الْعَجُوزَ بَعْدَ أَشْهُرٍ بِمَا ذَا دَاوَيْتِنِي قَالَتْ بِوَاحِدٍ مِمَّا فِي هَذِهِ السُّبْحَةِ قُلْتُ وَ مَا فِيهَا قَالَتْ إِنَّهَا مِنْ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَقُلْتُ لَهَا يَا رَافِضِيَّةُ دَاوَيْتِنِي بِهَذَا فَخَرَجَتْ مُغْضَبَةً وَ رَجَعَتْ وَ اللَّهِ عِلَّتِي كَأَشَدِّ مَا كَانَتْ (11).
إن العلاج الروحي الذي قدمه أهل البيت عليهم السلام لآلام البطن لا يقتصر على الجوانب المادية فقط، بل يمتد إلى تعزيز الإيمان بالله والتوجه إليه بالدعاء. فالأدعية، والآيات القرآنية، والنصائح الغذائية تحمل في طياتها أسرارًا إلهية، تجمع بين الروح والجسد في رحلة الشفاء. ولذا، ينبغي للمؤمن أن يجعل من هذه الإرشادات نهجًا عمليًا في حياته، متيقنًا بأن الشفاء من الله تعالى، وأن أهل البيت عليهم السلام قد ورثوا من جدهم المصطفى صلى الله عليه وآله الحكمة والعلم في جميع جوانب الحياة.
1ـ طبّ الأئمة عليهم السلام / ابن بسطام / المجلّد : 1 / الصفحة : 28.
2ـ طبّ الأئمة عليهم السلام / ابن بسطام / المجلّد : 1 / الصفحة : 28.
3، سورة فصلت : الآية 41 ـ 42.
4ـ طبّ الأئمة عليهم السلام / ابن بسطام / المجلّد : 1 / الصفحة : 28.
5ـ سورة الإسراء : الآية 82.
6ـ طبّ الأئمة عليهم السلام / ابن بسطام / المجلّد : 1 / الصفحة : 28.
7ـ المحاسن / ابو جعفر البرقي / المجلّد : 2 / الصفحة : 593.
8ـ الكافي / الشيخ الكليني / المجلّد : 6 / الصفحة : 342 / ط الإسلامية.
9ـ المحاسن / ابو جعفر البرقي / المجلّد : 2 / الصفحة : 503.
10ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 92 / الصفحة : 110 / ط دارالاحیاء التراث.
11ـ مناقب آل أبي طالب عليهم السلام / لابن شهرآشوب / المجلّد : 4 / الصفحة : 64.
التعلیقات