وفاة السيدة خديجة (ع): دروس من حياة امرأة مِثال في دعم الإسلام
نساء خالدات
منذ 23 ساعةاليوم العاشر من شهر رمضان المبارك هو يوم وفاة السيدة الجليلة خديجة بنت خويلد سلام الله عليها، زوجة النبي محمد صلى الله عليه وآله ووالدة سيدة النساء فاطمة الزهراء سلام الله عليها. لذا، من المهم جدًا أن نعرفها ونعرف صفاتها وأفعالها حتى نتمكن نحن الشيعة، وخصوصًا النساء من جعلها أسوة لنا في جميع المواقف في الحياة. فمن المهم أن نعرف الشخصيات التاريخية والدينية، لأن الشخصيات التاريخية مثل السيدة خديجة سلام الله عليها، يمكن أن تعمل كنماذج إيجابية للجيل الحالي. فهي ليست فقط زوجة النبي صلى الله عليه وآله ، بل هي امرأة قوية ومستقلة كانت نشطة في مجالات الاقتصاد والمجتمع. يمكن أن يلهم التعرف على حياتها الشباب للسعي نحو تحقيق أهدافهم في مختلف مجالات الحياة.
أهمية معرفة الشخصيات التاريخية والمدينية
معرفة الشخصيات التاريخية والدينية مثل السيدة خديجة سلام الله عليها من أهم الأمور بالنسبة إلينا. لأنه تساعدنا الشخصيات التاريخية في تشكيل هويتنا في السياقات الثقافية والاجتماعية والدينية. تُعتبر السيدة خديجة سلام الله عليها أول النساء المؤمنات برسالة الإسلام، وهي مثال للفداء والدعم للحقيقة. يمكن أن يساعد التعرف على مثل هذه الشخصيات في تعزيز الهوية الإسلامية والوطنية لدى الجيل الحالي وزيادة الشعور بالانتماء إلى المجتمع. أيضا التاريخ مليء بالتجارب والدروس التي يمكن أن تساعد الأجيال الجديدة. تُظهر حياة السيدة خديجة سلام الله عليها أهمية الثبات في مواجهة الصعوبات، ودعم الحق، والمثابرة في مواجهة التحديات. يمكن أن تساعد هذه الدروس الشباب في الاستفادة من تجارب الماضي عند مواجهة مشاكل حياتهم. يمكن أن تكون الشخصيات التاريخية مصدر إلهام للنشاطات الاجتماعية والثقافية. من خلال دراسة حياة وأعمال السيدة خديجة سلام الله عليها، يمكن أن يدرك الجيل الحالي أهمية دور النساء في المجتمع والنشاطات الاجتماعية، ويسعى لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية.
حياة السيدة خديجة سلام الله عليها
السيدة خديجة سلام الله عليها هي ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، من عائلة قريش، وفاطمة بنت زائدة. وقد قيل إن سنة ميلادها كانت قبل خمسة عشر عامًا من عام الفيل (1).
وكانت ذات مكانة عالية بين العرب خصوصا بين قريش. فإنه قد ذكر في كتاب التاريخ حولها: « وَكَانَتِ امْرَأَةً حَازِمَةً شَرِيفَةً لَبِيبَةً مَعَ مَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَا مِنَ الْكَرَامَةِ وَالْخَيْرِ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ أَوْسَطُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ نَسَبًا، وَأَعْظَمُهُنَّ شَرَفًا، وَأَكْثَرُهُنَّ مَالا، وَكُلُّ قَوْمِهَا كَانَ حَرِيصًا عَلَى نِكَاحِهَا لَوْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ » (2).
جميع المصادر التاريخية تشير إلى أن السيدة خديجة سلام الله عليها هي أول زوجة للنبي صلى الله عليه وآله. ومع ذلك، فإن التاريخ الدقيق لزواجهما غير واضح. لكن من المصرح به عند الشيعة أن عمر النبي صلى الله عليه وآله عند زواجه من السيدة خديجة كان 25 سنة (3).
وقد ورد في كتب التاريخ أن السيدة خديجة سلام الله عليها بعد أن رأت أمانة النبي صلى الله عليه وآله وصداقته، طرحت عليه الزواج معها. فقد ورد أنها قالت له: « يا ابن عَمِّ، إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِيكَ لِقَرَابَتِكَ، وَوَسِطَتِكَ فِي قَوْمِكَ وَأَمَانَتِكَ، وَحُسْنِ خُلُقِكَ وَصِدْقِ حَدِيثِكَ، فَلَمَّا قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ لأَعْمَامِهِ، فخرج معه عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، فَخَطَبَهَا إِلَيْهِ فَتَزَوَّجَهَا » (4).
وقد ورد أن السيدة خديجة سلام الله عليها هي أول من أسلمت من النساء وقبلت نبوة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله (5). وأيضا روي أن السيدة خديجة سلام الله عليها هي أول من صلت مع النبي صلى الله عليه وآله: « عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ خَدِيجَةَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ » (6).
مواصفاتها وفضائلها
صرف جميع مالها في نشر الإسلام
إن السيدة خديجة سلام الله عليها كانت من أغنى القريش. ومع هذا صرفت جميع أموالها للدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله ونشر الإسلام. فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: « ما نفعني مال قط ما نفعني مال خديجة » (7).
وأيضا قد روي أن أبي طالب والسيدة خديجة سلام الله عليهما أنفقا جميع مالهما لنصرة النبي والمسلمين المحاصرين في شعب أبي طالب. فقد روي: « إن قريشا كلهم اجتمعوا وأخرجوا بني هاشم إلى شعب أبي طالب ، ومكثوا فيه ثلاث سنين إلا شهرا ، ثم أنفق أبوطالب وخديجة جميع مالهما ، ولا يقدرون على الطعام إلا من موسم إلى موسم » (8).
دفاعها عن النبي الأكرم والبشارة بالجنة
روي العلامة المجلسي: « ولما أنزل الله تعالى :(فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الصفا ونادى في أيام الموسم : يا أيها الناس إني رسول الله رب العالمين... ورماه أبوجهل قبحه الله بحجر فشج بين عينيه وتبعه المشركون بالحجارة... وجاء رجل إلى علي بن أبي طالب و قال : يا علي قد قتل محمد . فانطلق إلى منزل خديجة... فمضى علي حتى جاز الجبل وخديجة معه... وجعلت خديجة : تنادي من أحس لي النبي المصطفى؟ من أحس لي الربيع المرتضى؟ من أحس لي المطرود في الله؟ من أحس لي أبا القاسم؟ ونظر جبرئيل إلى خديجة تجول في الوادي فقال : يا رسول الله ألا ترى إلى خديجة قدأبكت لبكائها ملائكة السماء؟ ادعها إليك فأقرئها مني السلام ، وقل لها : إن الله يقرئك السلام ، وبشرها أن لها في الجنة بيتا من قصب لانصب فيه ولا صخب، لؤلؤا مكللا بالذهب ، فدعاها النبي والدماء تسيل من وجهه على الارض ، وهو يمسحها ويردها قالت فداك أبي وامي » (9).
وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه وآله: « خَدِيجَةُ وَ اَينَ مِثْلُ خَدِيجَةَ صَدَّقَتْنِي حِينَ کَذَّبَنِي النَّاسُ وَ آزَرَتْنِي عَلَي دِينِ اللَّهِ وَ اَعَانَتْنِي عَلَيهِ بِمَالِهَا اِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اَمَرَنِي اَنْ اُبَشِّرَ خَدِيجَةَ بِبَيتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبِ الزُّمُرُّدِ لَا صَخَبَ فِيهِ وَ لَا نَصَب » (10).
دروس من حياة السيدة خديجة
تظهر حياة السيدة خديجة سلام الله عليها بوضوح أهمية دور النساء في المجتمع. فهي لم تكن فقط زوجة النبي، بل كانت شخصية مستقلة وناجحة في مجالات الاقتصاد والمجتمع. كانت خديجة سلام الله عليها نموذجاً للنساء في زمنها، حيث يمكنهن أن يكن نشيطات في جميع المجالات، بما في ذلك التجارة والإدارة ودعم الحقائق الدينية.
قدمت السيدة خديجة سلام الله عليها الدعم والمرافقة للنبي صلى الله عليه وآله في أصعب ظروف حياته. خلال الأوقات الصعبة التي واجه فيها النبي معارضة وتحديات كثيرة، كانت دائمًا بجانبه وتمنحه القوة. هذه الدروس تعلّم جيل اليوم أهمية الوفاء والتضحية في العلاقات الإنسانية، خاصة في الأوقات الصعبة، وكيف يمكن دعم بعضهم البعض في مواجهة التحديات.
تظهر حياة خديجة سلام الله عليها قدرتها على تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمسؤوليات الاجتماعية. فقد كانت تدعم أسرتها كأم وامرأة، وفي نفس الوقت تستمر في أنشطتها التجارية والاجتماعية. هذه الدروس تذكر جيل اليوم بأنه يمكن تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمسؤوليات الاجتماعية من خلال التخطيط والإدارة الجيدة، والنجاح في كلا المجالين.
النتيجة
تحتوي حياة السيدة خديجة سلام الله عليها على دروس قيّمة للجيل اليوم فهي، كنموذج للمرأة القوية والمستقلة، تمثل الوفاء والتضحية والقدرة في مختلف مجالات الحياة. يمكن أن تلهم هذه الدروس الرجال والنساء اليوم للسعي في حياتهم والتمسك بالقيم الإنسانية والاجتماعية.
1) الطبقات الكبرى (لإبن سعد) / المجلد: 8 / الصفحة: 13 / الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت / الطبعة: 1.
2) عيون الأثر (لإبن سيد الناس) / المجلد: 1 / الصفحة: 63 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – بيروت / الطبعة: 1.
3) مناقب آل أبي طالب (لإبن شهر آشوب) / المجلد: 1 / الصفحة: 149 / الطبعة: المكتبة الحيدرية – النجف الأشرف / الطبعة: 2.
4) عيون الأثر (لإبن سيد الناس) / المجلد: 1 / الصفحة: 63 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – بيروت / الطبعة: 1.
5) الاستيعاب في معرفة الأصحاب (لإبن عبد البر) / المجلد: 2 / الصفحة: 546 / الناشر: دار الجيل – بيروت / الطبعة: 1.
6) الاستيعاب في معرفة الأصحاب (لإبن عبد البر) / المجلد: 3 / الصفحة: 1091 / الناشر: دار الجيل – بيروت / الطبعة: 1.
7) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 19 / الصفحة: 63 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
8) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 19 / الصفحة: 16 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
9) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 18 / الصفحة: 243 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
10) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 43 / الصفحة: 131 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
التعلیقات