٥ طرق تجعل عيد الغدير عيدًا لا يُنسى في قلب طفلك
تربية طفلك
منذ 3 أياممقدمة: كيف نحكي لأطفالنا قصة الغدير؟
لم يتبقَّ إلا أيام قليلة على عيد الغدير، وكلّ العائلة مشغولة بالتحضيرات. لكن يبقى التحدّي الأكبر أمام الوالدين: كيف نحدّث أطفالنا عن هذا العيد العظيم بلغة قلوبهم؟
لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله في خطبته يوم الغدير: « قَدْ بَلَّغْتُ مَا أُمِرْتُ بِتَبْلِيغِهِ حُجَّةً عَلَى كُلِّ حَاضِرٍ وَ غَائِبٍ وَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِمَّنْ شَهِدَ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ وُلِدَ أَوْ لَمْ يُولَدْ فَلْيُبَلِّغِ الْحَاضِرُ الْغَائِبَ وَ الْوَالِدُ الْوَلَدَ » (1)؛ إذًا من واجب كل والد أن ينقل رسالة الغدير إلى أبنائه بطريقة جميلة ومحبّبة.
1. اللعب... جسر الحب والإيمان
اللعب هو بوابة الطفل إلى العالم، وهو أقوى أداة للتعليم والتواصل. في سيرة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام، لم يُنظر إلى اللعب مع الأطفال كأمرٍ ثانوي أو غير مهم، بل اعتُبر ضرورة تربويّة ومظهراً من مظاهر الرحمة والرعاية.
فقد أوصى أمير المؤمنين عليه السلام الآباء والمربّين بقوله:
«مَنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ صَبا» (2).
وهذه الكلمة تفتح نافذة إلى عالم الطفولة، حيث يحتاج الطفل إلى من يرافقه في عالمه الطفولي المليء باللعب والمشاعر البريئة، لينمو نفسيًّا وعقليًّا بشكلٍ سليم.
وكما قال الإمام الصادق عليه السلام: «دَعِ ابْنَكَ يَلْعَبْ سَبْعَ سِنِينَ» (3).
ففي هذا الحديث، يُعطى اللعب دورًا أساسيًّا في مرحلة الطفولة الأولى، باعتباره وسيلة الطفل للتعبير، وللتعلّم، وللتفاعل مع بيئته.
ومن جهة أخرى، كان النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله أسوةً في هذا المجال. فقد رُوي عن يعلى العامري: « أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله إِلَى طَعَامٍ دُعِيَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ بِحُسَيْنٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَاسْتَقْبَلَهُ النَّبِيُّ أَمَامَ الْقَوْمِ ثُمَّ بَسَطَ يَدَيْهِ فَطَفَرَ الصَّبِيُّ هَاهُنَا مَرَّةً وَ هَاهُنَا مَرَّةً وَ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ يُضَاحِكُهُ» (4).
إنّ هذا السلوك النبويّ لا يدلّ فقط على تواضع النبي وحنانه، بل يؤكّد على أهمية اللعب كجزء من التربية الرحيمة والحكيمة.
من هنا، فإنّ اللعب مع الطفل ليس مضيعة للوقت، بل هو جسرٌ لبناء الحب، وغرس القيم، وتعزيز الثقة بالنفس. وهو سنّة نبوية خالدة تصلح لكل زمان ومكان، وتمنح الأسر طريقًا نحو تربيةٍ مليئة بالرحمة والنجاح.
من خلال الألعاب يمكن تعليم قيم الغدير مثل الولاء، الصدق، حبّ الإمام علي عليه السلام، ورفض الطاغوت.
1. اللعب المفهومي
يمكن استخدام اللعب في مناسبة الغدير بطريقتين، ويُقال إن الطريقة الأولى هي ما يُسمّى بـ«اللعب المفهومي».
فعلى سبيل المثال، يمكن من خلال بعض الألعاب أن نُوصل مفاهيم الغدير بشكل مباشر إلى الأطفال. مثلًا، لعبة «سلة الخير والشر»: كرات مكتوب عليها مفاهيم من واقعة الغدير، يقوم الطفل برميها في سلة جميلة تُسمّى «سيد الولاية» أو «سلة الخيرات». ومن ناحية أخرى، هناك كرات كُتبت عليها كلمات خاطئة تُخالف الغدير، مثل: الطاغوت، الشيطان، نسيان الولاية... على الطفل أن يرميها في «سلة الشرور».
ومن الألعاب الأخرى «لعبة الكنز» : يُخبّأ صندوق جميل كُتبت بداخله معلومات أو عبارات تتعلق بالغدير، ويُطلب من الطفل أن يعثر عليه استنادًا إلى خريطة مرسومة. ويُستحسن أن يحتوي هذا الصندوق في أعلاه على بعض الحلوى أو الأشياء المحببة لدى الطفل، ليحتفظ بذكرى جميلة من هذه التجربة. وبعد أن يعثر الطفل على الصندوق، يقوم المربي بشرح ما فيه من معلومات.
2. المسرح... مشهد من الغدير في بيتك
مشاركة الأطفال في تمثيل أحداث الغدير أو مشاهد من خطبة الغدير، حتى لو كانت بسيطة، تجعل التعلم بصريًا وفعالًا. فقد استخدم النبي صلى الله عليه وآله هذا الأسلوب في تعليم الصلاة والحج. كما قال صلى الله عليه وآله: « صلوا كما رأيتموني أصلّي » (5).
تشير الأبحاث إلى أن من بين الحواس الخمس، فإن حاسة البصر مسؤولة عن 75% من التعلم، وحوالي 25% من التعلم مرتبط بالحواس الأخرى.
مثلاً: ضعوا عدّة وسائد فوق بعضها تمثّل جهاز ركوب الجِمال، ثم يقف الأب فوق هذه الوسائد ممثّلًا دور النبيّ صلى الله عليه وآله، ويرفع يد ابنه أو أحد الأطفال أمام العائلة، وهو يردّد:
«من كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه».
إنّ هذا المشهد البسيط والعفوي يترك أثرًا عميقًا في نفس الطفل، ويجعل من واقعة الغدير صورة حيّة ومحبوبة في ذاكرته، لا مجرّد قصة تُروى.
ويمكن أيضًا إشراك الأطفال في إعداد المسرح، كأن يلبس أحدهم لباس النبي، وآخر لباس الإمام علي، ويكون هناك طفل يقرأ الحديث، وآخر يوزّع الحلوى بعد البيعة، ليتحوّل مشهد الغدير إلى فرحة عائلية تربط بين القيم والمشاعر.
3. الشعر: نغمة الإيمان
استخدام الأناشيد والأشعار البسيطة والموزونة، كما كانت تفعل السيدة الزهراء عليها السلام مع الحسن عليه السلام، يساعد الطفل على حفظ المعاني الكبيرة بكلمات صغيرة وقافية محبّبة.
4. إعداد ألغاز وأسئلة ممتعة للأطفال حول الإمام علي عليه السلام
إحدى الوسائل التعليمية الممتعة والمفيدة في برامج عيد الغدير هي استخدام الألغاز القصيرة والمسابقات السريعة للأطفال. إليكم بعض الأمثلة:
في أي عمر تربّى الإمام علي عليه السلام في بيت النبي صلى الله عليه وآله وتحت رعايته؟
في سنّ السادسة.
في أي عمر آمن الإمام علي عليه السلام برسول الله صلى الله عليه وآله؟
في العاشرة من عمره.
ما اسم أتباع ومحبي الإمام علي عليه السلام؟
الشيعة.
ما هي السورة التي نزلت في شأن الإمام علي عليه السلام؟
سورة العاديات.
ما اسم الليلة التي نام فيها الإمام علي عليه السلام في فراش النبي صلى الله عليه وآله لحمايته؟
ليلة المبيت.
ما هي الآية التي نزلت في تضحية الإمام علي عليه السلام في ليلة المبيت؟
الآية 207 من سورة البقرة.
كم سنة خدم الإمام علي عليه السلام النبي صلى الله عليه وآله ورافقه؟
32 سنة و7 أشهر و15 يوماً.
متى وأين وبحضور كم شخص أعلن النبي صلى الله عليه وآله ولاية الإمام علي عليه السلام؟
في 18 من ذي الحجة، في غدير خم، أمام مئة ألف شخص.
من هو الإمام الذي يُلقّب بـ "القرآن الناطق"؟
الإمام علي عليه السلام.
ما اسم الكتاب الذي جمع خُطب الإمام علي عليه السلام ورسائله وحكمه؟
نهج البلاغة.
من الذي جمع كتاب نهج البلاغة؟
السيد الرضي رحمه الله في القرن الرابع الهجري.
ما هو الكتاب الذي يُسمّى "أخو القرآن"؟
نهج البلاغة.
ما هي البلاد التي سافر إليها الإمام علي عليه السلام؟
اليمن، الطائف، العراق، وإيران.
من هو أوّل من سجد سجدة شكر في الإسلام؟
الإمام علي عليه السلام.
ما هو أوّل عمل قام به الإمام علي عليه السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله؟
جمع القرآن الكريم وترتيبه.
من هو أوّل مفسّر للقرآن الكريم؟
الإمام علي عليه السلام.
ما اسم خادم الإمام علي عليه السلام المعروف؟
قنبر.
ما اسم سيف الإمام علي عليه السلام؟
ذو الفقار.
ما اسم فرس الإمام علي عليه السلام؟
دُلدُل.
ما هو الدعاء المعروف الذي علّمه الإمام علي عليه السلام لأحد أصحابه؟
دعاء كميل.
5. إقامة احتفال الغدير في الحيّ
إذا كنتم ترغبون بتنظيم برنامج خاصّ للأطفال في المجمع السكني أو الحيّ، يمكنكم إقامة احتفال بسيط ومحبّب في فناء المنزل أو الموقف أو داخل بيت أحد الجيران. هذا الحفل يُمكن أن يتضمّن فقرات متنوّعة، تهدف كلّ واحدة منها إلى جذب انتباه الأطفال وتعريفهم على حادثة الغدير بأسلوب ممتع ومرح.
من الأفكار المقترحة:
إقامة مسابقة حول عيد الغدير للأطفال، تتضمّن أسئلة بسيطة مثل:
– من هو أمير المؤمنين؟
– ماذا قال النبي صلى الله عليه وآله في يوم الغدير؟
– ماذا تعني كلمة "مولى"؟
ويتم توزيع هدايا صغيرة أو حلوى على المشاركين.
رسم مشهد الغدير: يمكن توزيع أوراق وألوان على الأطفال، وطلب رسم مشهد النبي وهو يرفع يد الإمام علي عليهم السلام.
تمثيل مسرحي صغير بمشاركة أطفال الحي، يعيد لحظة إعلان الولاية بأسلوب تمثيلي، كما ذُكر سابقًا.
زاوية الأعمال اليدوية: يُمكن للأطفال صنع تاج مكتوب عليه "عليّ مولاي" أو علم صغير يحمل عبارة "الغدير عيد الله الأكبر".
توزيع الحلوى وبعض أنواع العصائر من قِبل الأطفال على الجيران والسكان، مع بطاقة صغيرة فيها حديث النبي : «من كنت مولاه فهذا علي مولاه»، ليكونوا هم رسل الغدير في حيّهم.
إنّ مثل هذا الاحتفال البسيط يُشعر الأطفال بفرحة العيد، ويزرع في قلوبهم محبّة أمير المؤمنين، ويصنع ذكريات جميلة تبقى معهم طوال حياتهم.
خاتمة: الغدير في قلب الطفل... مسؤوليتنا جميعًا
إن زرع حبّ الغدير في قلب الطفل لا يحتاج إلى محاضرات، بل إلى لمسة حب، لعبة هادفة، مشهد تمثيلي، أو سؤال ذكي. فلنكن نحن سفراء الغدير لأطفالنا.
1. الإحتجاج / أبو منصور الطبرسي / المجلّد : 1 / الصفحة : 62.
2. الکافی- ط دار الحدیث / الشيخ الكليني / المجلّد : 11 / الصفحة : 449.
3. وسائل الشيعة / الشيخ حرّ العاملي / المجلّد : 21 / الصفحة : 475 / ط-آل البیت.
4. كامل الزيارات / ابن قولويه القمي / المجلّد : 1 / الصفحة : 53 / ط دار المرتضوية.
5. مختلف الشيعة / العلامة الحلي / المجلّد : ٢ / الصفحة : ٢٥٩.
التعلیقات