آثار زيارة اهل البيت عليهم السلام في الدنيا والآخرة
السيد حسين الهاشمي
منذ 5 ساعاتتمثل زيارة أهل البيت عليهم السلام، وفي مقدمتهم الإمام الحسين عليه السلام، أحد الشعائر المركزية في الحياة الدينية والاجتماعية للمؤمنين، لما تحمله من أبعاد روحية، تربوية، وأخلاقية عميقة. وقد أولى الإسلام أهمية كبرى لمبدأ التولي لأولياء الله، وجعل زيارة قبورهم من الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه، لما فيها من تعبير عن الولاء، وتجديد للعهد، واستلهام للقيم والمبادئ التي ضحّوا من أجلها حيث قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ (1).
إن الأحاديث الشريفة التي وردت عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام في فضل زيارة الإمام الحسين عليه السلام لا تُحصى، وقد تضمنت تأكيداً على ما تتركه هذه الزيارة من آثار دنيوية ملموسة وكذلك آثار أخروية عظيمة.
أنواع الزيارات
قبل الخوض في أصل البحث وبيان الآثار، ينبغي القول بأنه يوجد نوعين أساسيين للزيارة. فتارة الزيارة تكون مطلقة وأخرى تكون مخصوصة. المراد من الزيارة المطلقة هي زيارة أحد المعصومين عليهم السلام في وقت لم ترد رواية لزيارة هذا المعصوم في هذا اليوم. مثل زيارة المعصومين في غالبية أوقات السنة. فنزور المعصومين زيارة مطلقة. وقد وردت في كتاب مفاتيح الجنان، سبع زيارات مطلقة لأميرالمؤمنين عليه السلام وسبع زيارات مطلقة للإمام الحسين عليه السلام وأيضا قد وردت زيارات مطلقة لبقية المعصومين عليهم السلام.
أما النوع الثاني من الزيارات هي الزيارات المخصوصة التي قد وردت رواية لزيارة هذا المعصوم في هذا اليوم. مثل زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام في يوم الغدير وفي يوم ميلاد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وفي ليلة المبعث ويومه. ومثل زيارة الإمام الحسين عليه السلام في اليوم الأول من رجب والنصف من رجب والنصف من شعبان وليالي القدر من شهر رمضان وفي العيدين الأضحى والفطر وفي يوم عرفة وفي يوم عاشوراء وفي يوم الأربعين. فزيارة الإمام الحسين عليه السلام في يوم الأربعين من الزيارات المخصوصة لسيد الشهداء عليه السلام التي وردت من الإمام الصادق عليه السلام زيارة لسيد الشهداء عليه السلام في هذا اليوم (2).
آثار الزيارة
هناك نوعان أساسيان من الآثار لزيارة الإمام الحسين عليه السلام:
النوع الأول هي الآثار الدنيوية للزيارة. والنوع الثاني هي الآثار الأخروية للزيارة. لكن قبل الخوض في هذين النوعين يجب أن نذكّركم أنّ هذه الآثار هي بحدّ المقتضي. يعني أنّ زائر الحسين عليه السلام مثلا يحصل على هذه الآثار في الدنيا والآخرة إذا لم يكن هناك مانع من حصول هذه الآثار. فيمكن أن يذنب العبد ذنبا بعد زيارة ويحرم من الحصول على بعض هذه الآثار أو جميعها. كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ (3).
الآثار الأخروية
هناك آثار أخروية كثيرة لزيارة الإمام الحسين عليه السلام وسنذكر البعض منها.
كونهم مغبوطين في الآخرة
قد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: « ما من أحد يوم القيامة إلا وهو يتمنى أنه زار الحسين بن علي لما يرى لما يصنع بزوار الحسين بن علي من كرامتهم على الله » (4). فجميع الناس يغبطون زائر الحسين عليه السلام في الآخرة.
مجاورة أهل البيت عليهم السلام
روى أبو أسامة عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: « من أراد أن يكون في جوار نبيه وجوار علي وفاطمة فلا يدع زيارة الحسين عليهم السلام » (5). فأيّ أجر وثواب أعظم للعبد المؤمن من مجاورة النبي الأكرم وأمير المؤمنين وفاطمة الزهراء عليهم السلام؟
دخول الجنة قبل الناس
روى زرارة عن الإمام الصادق عليه السلام: « إن لزوار الحسين بن علي عليه السلام يوم القيامة فضلا على الناس، قلت: وما فضلهم؟ قال: يدخلون الجنة قبل الناس بأربعين عاما وساير الناس في الحساب » (6).
ثواب الحج والعمرة والصوم والجهاد
روى محمد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام: « لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين عليه السلام من الفضل لماتوا شوقا، وتقطعت أنفسهم عليه حسرات، قلت: وما فيه؟ قال: من زاره تشوقا إليه كتب الله له ألف حجة متقبلة، وألف عمرة مبرورة، وأجر ألف شهيد من شهداء بدر، وأجر ألف صائم، وثواب ألف صدقة مقبولة، وثواب ألف نسمة أريد بها وجه الله، ولم يزل محفوظا، الحديث وفيه ثواب جزيل وفي آخره إنه ينادي مناد: هؤلاء زوار الحسين شوقا إليه » (7).
غفران الذنوب
قال الإمام موسى بن جعفر عليه السلام: « أَدْنى مَا يُثَابُ بِهِ زَائِرُ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام بِشَطِّ الْفُرَاتِ إِذَا عَرَفَ حَقَّهُ وَحُرْمَتَهُ وَوَلَايَتَهُ ـ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ » (8).
الآثار الدنيوية
لزيارة الإمام الحسين عليه السلام آثار دنيوية كثيرة وردت في روايات أهل البيت عليهم السلام سنذكر البعض منها.
كثرة الرزق ودفع البلاء
روى محمد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام: « مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السلام فان اتيانه يزيد في الرزق، ويمد في العمر ويدفع مدافع السوء، وإتيانه مفروض على كل مؤمن يقر للحسين بالإمامة من الله » (9).
ضمان أميرالمؤمنين عليه السلام في حوائجهم
قال الإمام الصادق عليه السلام: « إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَائِكَةً مُوَكَّلِينَ بِقَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَإِذَا هَمَّ الرَّجُلُ بِزِيَارَتِهِ أَعْطَاهُمْ ذُنُوبَهُ فَإِذَا خطأ مَحَوْهَا ثُمَّ إِذَا خطأ ضَاعَفُوا لَهُ حَسَنَاتِهِ ... فَإِذَا اغْتَسَلُوا نَادَاهُمْ مُحَمَّدٌ يَا وَفْدَ اللَّهِ أَبْشِرُوا بِمُرَافَقَتِي فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ نَادَاهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ أَنَا ضَامِنٌ لِحَوَائِجِكُمْ وَ دَفْعِ الْبَلَاءِ عَنْكُمْ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ثُمَّ اكْتَنَفُوهُمْ عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَ عَنْ شَمَائِلِهِمْ حَتَّى يَنْصَرِفُوا إِلَى أَهَالِيهِمْ » (10).
عدم حساب أيام الزيارة من العمر
روى محمد بن مسلم عن الإمام الباقر والإمام الصادق عليه السلام: « ان الله عوض الحسين عليه السلام من قتله ان الإمامة من ذريته والشفاء في ترتبه، وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تعد أيام زائريه جائيا وراجعا من عمره » (11).
نظر الله إليهم وجعلهم مشفعين
روى عبد الله بن مسكان عن الإمام الصادق عليه السلام: « إنَّ الله تبارك وتعالى يتجلّى لزوَّار قبر الحسين عليه السلام قبل أهل عَرفات ويقضي حوائجهم ، ويغفر ذنوبهم ، ويشفِّعهم في مسائلهم ، ثمَّ يثنّي بأهل عرفات فيفعل بهم ذلك » (12).
هذه كانت جملة من الآثار الدنيوية والأخروية لزيارة الإمام الحسين عليه السلام. إذا كنتم تعلمون آثارا أخرى مذكورة في الروايات، أكتبوا لنا في التعليقات.
1) سورة الشورى / الآية: 23.
2) مفاتيح الجنان (للشيخ عباس القمي) / المجلد: 1 / الصفحة: 568 / الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية – قم / الطبعة: 1.
3) سورة البقرة / الآية: 264.
4) وسائل الشيعة (للشيخ حرّ العاملي) / المجلد: 10 / الصفحة: 330 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – قم / الطبعة: 1.
5) وسائل الشيعة (للشيخ حرّ العاملي) / المجلد: 10 / الصفحة: 331 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – قم / الطبعة: 1.
6) وسائل الشيعة (للشيخ حرّ العاملي) / المجلد: 10 / الصفحة: 331 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – قم / الطبعة: 1.
7) وسائل الشيعة (للشيخ حرّ العاملي) / المجلد: 10 / الصفحة: 353 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – قم / الطبعة: 1.
8) الكافي (للشيخ الكليني) / المجلد: 9 / الصفحة: 329 / الناشر: دار الحديث – بيروت / الطبعة: 1.
9) وسائل الشيعة (للشيخ حرّ العاملي) / المجلد: 10 / الصفحة: 346 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – قم / الطبعة: 1.
10) ثواب الأعمال وعقاب الأعمال (للشيخ الصدوق) / المجلد: 1 / الصفحة: 92 / الناشر: دار الشريف الرضي – قم / الطبعة: 2.
11) وسائل الشيعة (للشيخ حرّ العاملي) / المجلد: 10 / الصفحة: 329 / الناشر: دار الكتب الإسلامية – قم / الطبعة: 1.
12) كامل الزيارات (لإبن قولويه القمي) / المجلد: 1 / الصفحة: 181 / الناشر: مكتبة الصدوق – قم / الطبعة: 1.
التعلیقات