ذوو الحاجات الخاصة في لسان الروايات
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 5 سنواتكان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام يولون اهتماما بالغا بأمور وشؤون الناس، بالأخص الطبقة المحرومة والضعفاء منهم، حيث سعوا لحل معاناتهم وتخفيف آلامهم برفع حرمانهم ومنحهم كرامتهم الحقيقية، وكان هذا الأمر عن كثرة مخالطتهم للناس وتلبية دعواتهم بحيث لم يجعلوا بينهم وبين المستضعفين حاجب، بل كانوا متواجدين في أماكن العبادة والسوق،
ويشاركون الناس أفراحهم وأحزانهم، وكانوا يحاولون رفع مستوى النبل الإنسانية، وتحريرهم من الأسر بتزويدهم بأفكار نورانية تهيأ لهم الأجواء للرقي ونيل الكمال المطلوب.
ومن جملة هؤلاء المستضعفين والمحرومين هم المعاقين وذوي الحاجات الخاصة؛ إذ الثلة القليلة من هؤلاء متمكنين؛ لأنهم يتمتعون بعوائل ثرية أو حصلّ المال و... عن طريق آخر، ولكن أغلبهم لا يملكون المال المناسب لتلبية حوائجهم، ولا تكون لهم فرص عمل مناسبة، كما أنه يفقدون القوة الكافية لإمرار معيشتهم على نحو كريم، ولهذا يصنفون في ضمن الطبقة المحرومة.
ولكن الإسلام لم يسمح لأحد بإهانة المعاقين، بل جعل لهم مكانة خاصة، واحترمهم، وجعل لهم حقوق تجب مراعاتها.
احترام المعاقين ومعاونتهم:
عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عليهما السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: «لَا تُدِیمُوا النَّظَرَ إِلَى أَهْلِ الْبَلَاءِ وَالْمَجْذُومِینَ فَإِنَّهُ یَحْزُنُهُمْ». (1)
عن رسول اللّه صلى الله عليه وآله : «مَن أعانَ ضَعيفا في بَدَنِهِ عَلى أمرِهِ أعانَهُ اللّهُ تَعالى عَلى أمرِهِ، ونَصَبَ لَهُ فِي القِيامَةِ مَلائِكَةً يُعينونَهُ عَلى قَطَعِ تِلكَ الأَهوالِ وعُبورِ تِلكَ الخَنادِقِ مِنَ النّارِ حَتّى لا يُصيبَهُ مِن دُخانِها ولا سُمومِها، وعَلى عُبورِ الصِّراطِ إلَى الجَنَّةِ سالِما آمِنا». (2)
روي عن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال: «أَنَّ عِلَّةَ الزَّكَاةِ مِنْ أَجْلِ قُوتِ الْفُقَرَاءِ وَتَحْصِينِ أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَلَّفَ أَهْلَ الصِّحَّةِ الْقِيَامَ بِشَأْنِ أَهْلِ الزَّمَانَةِ مِنَ الْبَلْوَى». (3)
وظيفة الحكّام والمسؤولين:
وجاء في عهد الإمام علي (ع) مالك ورد فيه: هذا ما أمر به عبد الله عليٌ أميرُ المؤمنينَ مالكَ بن الحارث الأشتر في عهده إليه حين ولاه مصر: «... اَللَّهَ اَللَّهَ فِي اَلطَّبَقَةِ اَلسُّفْلَى مِنَ اَلَّذِينَ لاَ حِيلَةَ لَهُمْ مِنَ اَلْمَسَاكِينِ وَاَلْمُحْتَاجِينَ وَأَهْلِ اَلْبُؤْسَى وَاَلزَّمْنَى، فَإِنَّ فِي هَذِهِ اَلطَّبَقَةِ قَانِعاً وَمُعْتَرّاً، وَاِحْفَظِ لِلَّهِ مَا اِسْتَحْفَظَكَ مِنْ حَقِّهِ فِيهِمْ، واِجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَيْتِ مَالِكِ وَقِسْماً مِنْ غَلاَّتِ صَوَافِي اَلْإِسْلاَمِ فِي كُلِّ بَلَدٍ، فَإِنَّ لِلْأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ اَلَّذِي لِلْأَدْنَى، وَكُلٌّ قَدِ اِسْتُرْعِيتَ حَقَّهُ، وَلاَ يَشْغَلَنَّكَ عَنْهُمْ بَطَرٌ...». (4)
وحفظ الإسلام كرامة كل فرد من أفراد المجتمع بأي شكل كان، ولا يجيز لأحد أن يعتدي على أحد حتى بنظرة وكلام يجرحه، وجعل لكل فرد وظيفة معيّنه في كل مجال إذا تم تطبيقها تجعله يحس بمعنى الإنسانية الحقيقية.
ويوافق يوم الثالث من شهر ديسمبر من كل عام اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة وهو يوم عالمي خصص من قبل الأمم المتحدة منذ عام 1992 لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة. يهدف هذا اليوم إلى زيادة الفهم لقضايا الإعاقة ودعم التصاميم الصديقة للجميع من أجل ضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الأنوار: ج 72، ص 15.
2ـ بحار الأنوار : ج 104 ص 305.
3ـ علل الشرائع: ج 2، ص 369.
4ـ شرح نهج البلاغة: ج 17، ص 85.
التعلیقات