تجمّلتِ تبغّلتِ وإن عشتِ تفيّلتِ
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 3 سنواتمعركة الجمل؛ هي المعركة الأولى التي خاضها الإمام علي عليه السلام في زمن خلافته، وقد حدثت في شهر جمادى الآخرةمن سنة 36 للهجرة في منطقة الخُرَيبَة من نواحي البصرة، وبما أنّ أصحاب الجمل نكثوا بيعتهم للإمام علي عليه السلام عرفوا في التاريخ بالناكثين، وكان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعائشة بنت أبي بكر هم قادة أصحاب الجمل الذين جيّشوا الجنود مقابل جيش الإمام علي عليه السلام، وأنتهت المعركة بهزيمة أصحاب الجمل وخسرانهم دينهم ودنياهم.
لقد نقل العلامة المجلسي في كتابه رواية عن الإمام صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف تشير إلى هذا المعنى فعن الإحتجاج: في رواية سعد بن عبد الله الأشعري عن القائم عليه السلام قال: قلت له: يا مولانا وابن مولانا روي لنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله جعل طلاق نسائه إلى أمير المؤمنين علي، حتى أنه بعث يوم الجمل رسولا إلى عائشة وقال: « إنك أدخلتي الهلاك على الاسلام وأهله بالغش الذي حصل منك وأوردتي أولادك في موضع الهلاك للجهالة فإن امتنعت وإلا طلقتك ». فأخبرنا يا مولاي عن معنى الطلاق الذي فوض حكمه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام؟
فقال عليه السلام: «إن الله تقدس اسمه عظم شأن نساء النبي فخصهن بشرف الأمهات فقال رسول الله: يا أبا الحسن إن هذا شرف باق ما دمن لله على طاعة فأيتهن عصت الله بعدي في الأزواج بالخروج عليك فطلقها وأسقطها من شرف أمهات المؤمنين» (1).
فلم تنسَ ما حصل لها على الجمل فخرجت مرةً أخرى على بغلةٍ ولكن مع الأسف كان ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله السبط الأكبر عليه السلام موسّد في تابوته فأنظر ما فعلته هذه المرأة.
تولى الإمام الحسين عليه السلام مهمّة تغسيل الجسد الطاهر لأخيه الحسن عليه السلام وهكذا تكفينه ولفّه، وبعدها حملت جنازة الإمام الحسن عليه السلام إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله ولمّا وصلوا المسجد اعترض مروان طريق الجنازة للحيلولة دون الدخول بها إلى المسجد، ثمّ مضى إلى عائشة يحرضها على منع دفن الإمام الحسن عليه السلام عند جدّه، فجاءت عائشة على بغلة لتمنع دفن الإمام عليه السلام، فدنا عبد الله بن عباس منها وزجرها وقال لها: واسوأتاه! يوماً على بغل ويوماً على جمل، وفي رواية : يوماً تجّملت ويوماً تبغّلت وان عشت تفيّلت، فأخذه ابن الحجاج الشاعر البغدادي فقال :
يا بنتَ أبي بكر***لاكانَ ولاكُنتِ
لِك التسع من الثُمن***وبالكلّ تملّكتِ
تجمّلتِ تبغّلتِ ***وإن عشتِ تفيّلتِ
وقالَ الحسينُ عليه السلام: «واللهِ لَولا عهدُ الحسنِ إِليَّ بحقن الدِّماءِ ، وأن لا أُهريقَ في أمرِه محجمةَ دمِ، لَعلمتُم كيفَ تَأْخذُ سُيوفُ اللهِّ منكم مَأْخذَها، وقد نَقَضْتُمُ العهَدَ بَينَنا وبينَكم، وأبطلتُم ما اشترطْنا عليكم لأنفسِنا».
ومَضَوا بالحسنِ عليه السلام فَدَفَنُوه بالبقيعِ عندَ جدّتِه فاطمةَ بنتِ أسدِ بنِ هاشمِ بنِ عبدِ مَنافٍ رضيَ اللهُ عنها وأسكنَها جنّاتِ النعيمَ (2).
وقفة مع الشعر الذي قيل بهذه المناسبة وأشتهر على لسان المسلمين.
يا بنتَ أبي بكر***لاكانَ ولاكُنتِ
لِك التسع من الثُمن***وبالكلّ تملّكت
تجمّلتِ تبغّلتِ ***وإن عشتِ تفيّلتِ
إن الآية ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾(3) مطلقة لم تقيد الأمر بالحصول على الإذن في حياة النبي صلى الله عليه وآله ومن يدعي التقيد بالحياة فعليه الدليل. ومن مصاديق الدخول هو الدفن في بيته ومن الواضح إنه كان بدون إذنه لأنه كان صلى الله عليه وآله قد انتقل إلى ربه ولا يوجد أحد يدعي أنّ الشيخين قد أخذا الإذن منه صلى الله عليه وآله في حياته ولا ينفع إذن عائشة لأنها لا تملك البيت بل هي أحد الورثة ليس بأكثر، فأن المرأة ترث من زوجها ثمن ما يملك وبما أن النبي صلى الله عيله وآله كان له زوجات متعددة فكلهن يشتركن بهذا الثُمن أي كان على عاتقه تسعة من النساء فسهم كل واحدة يكون تسع من الثُمن، لكنها استولت على كله بإعانة السلطات وهذا أمر آخر.
تجمّلتِ: ركبت عائشة على جمل يقال له عسكرا، وكان عظيم الخلق شديدا، فلما رأته أعجبها، وأنشأ الجمّال يحدّثها بقوّته وشدته، ويسميه في أثناء كلامه عسكرا، فلما سمعت هذه اللفظة استرجعت وقالت: ردوه لا حاجة لي فيه، وذكرت أنّ رسول الله ذكره لها بهذا الاسم ونهاها عن ركوبه. فطلب لها الناس غيره فلم يجدوا لها ما يشبهه فغيروا لها جلاله وقالوا لها: أصبنا لك أعظم منه وأشد قوة. فهدأ روعها ورضيت به، وما خرجت من مكّة حتى استنفذت ما في وسع الأمويين من نصرة لها ثُم مضت على غلوائها.(4)ولهذا سُمِّيت المعركة بحرب الجمل.
تبغّلتِ: فخرجت مبادرة على بغل بسرج - فكانت أول امرأة ركبت في الاسلام سرجا - فوقفت وقالت: نحوا ابنكم عن بيتي، فإنه لا يدفن فيه شئ ولا يهتك على رسول الله حجابه، فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليهما: «قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله قربه» (5).
تفيّلتِ: لو عاشت أكثر من عمرها هذا لركبت الفيل وهدّمت بيت الله عزّ وجل كما أراد أن يفعله أبرهة، ولكن لعب بعدها يزيد بن معاوية لعبتها ومشى على سيرتها حيث رمى بيت الله بالمنجنيق.
من الأحداث المهمة في تاريخ الإسلام هجوم جيش يزيد بن معاوية سنة 64 هـ على مكة المكرمة بعد ان استباح المدينة المنورة؛ لأن عبد الله بن الزبير امتنع عن بيعة يزيد ودعا الناس إلى نفسه فبايعه أهل الحجاز.
وصل جيش يزيد بن معاوية إلى مكة في شهر محرم الحرام سنة 64 هـ وبعد ثلاثة أيام من شهر ربيع الأول يوم السبت قذفوا الكعبة بالمجانيق، وحرقوها بالنار، وأخذوا يرتجزون ويقولون:
خطارة مثل الفنيق المزبد***نرمي بِهَا أعواد هَذَا المسجد(6).
لقد نقل العلامة المجلسي في كتابه رواية عن الإمام صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف تشير إلى هذا المعنى فعن الإحتجاج: في رواية سعد بن عبد الله الأشعري عن القائم عليه السلام قال: قلت له: يا مولانا وابن مولانا روي لنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله جعل طلاق نسائه إلى أمير المؤمنين علي، حتى أنه بعث يوم الجمل رسولا إلى عائشة وقال: « إنك أدخلتي الهلاك على الاسلام وأهله بالغش الذي حصل منك وأوردتي أولادك في موضع الهلاك للجهالة فإن امتنعت وإلا طلقتك ». فأخبرنا يا مولاي عن معنى الطلاق الذي فوض حكمه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام؟
فقال عليه السلام: «إن الله تقدس اسمه عظم شأن نساء النبي فخصهن بشرف الأمهات فقال رسول الله: يا أبا الحسن إن هذا شرف باق ما دمن لله على طاعة فأيتهن عصت الله بعدي في الأزواج بالخروج عليك فطلقها وأسقطها من شرف أمهات المؤمنين» (1).
فلم تنسَ ما حصل لها على الجمل فخرجت مرةً أخرى على بغلةٍ ولكن مع الأسف كان ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله السبط الأكبر عليه السلام موسّد في تابوته فأنظر ما فعلته هذه المرأة.
تولى الإمام الحسين عليه السلام مهمّة تغسيل الجسد الطاهر لأخيه الحسن عليه السلام وهكذا تكفينه ولفّه، وبعدها حملت جنازة الإمام الحسن عليه السلام إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله ولمّا وصلوا المسجد اعترض مروان طريق الجنازة للحيلولة دون الدخول بها إلى المسجد، ثمّ مضى إلى عائشة يحرضها على منع دفن الإمام الحسن عليه السلام عند جدّه، فجاءت عائشة على بغلة لتمنع دفن الإمام عليه السلام، فدنا عبد الله بن عباس منها وزجرها وقال لها: واسوأتاه! يوماً على بغل ويوماً على جمل، وفي رواية : يوماً تجّملت ويوماً تبغّلت وان عشت تفيّلت، فأخذه ابن الحجاج الشاعر البغدادي فقال :
يا بنتَ أبي بكر***لاكانَ ولاكُنتِ
لِك التسع من الثُمن***وبالكلّ تملّكتِ
تجمّلتِ تبغّلتِ ***وإن عشتِ تفيّلتِ
وقالَ الحسينُ عليه السلام: «واللهِ لَولا عهدُ الحسنِ إِليَّ بحقن الدِّماءِ ، وأن لا أُهريقَ في أمرِه محجمةَ دمِ، لَعلمتُم كيفَ تَأْخذُ سُيوفُ اللهِّ منكم مَأْخذَها، وقد نَقَضْتُمُ العهَدَ بَينَنا وبينَكم، وأبطلتُم ما اشترطْنا عليكم لأنفسِنا».
ومَضَوا بالحسنِ عليه السلام فَدَفَنُوه بالبقيعِ عندَ جدّتِه فاطمةَ بنتِ أسدِ بنِ هاشمِ بنِ عبدِ مَنافٍ رضيَ اللهُ عنها وأسكنَها جنّاتِ النعيمَ (2).
وقفة مع الشعر الذي قيل بهذه المناسبة وأشتهر على لسان المسلمين.
يا بنتَ أبي بكر***لاكانَ ولاكُنتِ
لِك التسع من الثُمن***وبالكلّ تملّكت
تجمّلتِ تبغّلتِ ***وإن عشتِ تفيّلتِ
إن الآية ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾(3) مطلقة لم تقيد الأمر بالحصول على الإذن في حياة النبي صلى الله عليه وآله ومن يدعي التقيد بالحياة فعليه الدليل. ومن مصاديق الدخول هو الدفن في بيته ومن الواضح إنه كان بدون إذنه لأنه كان صلى الله عليه وآله قد انتقل إلى ربه ولا يوجد أحد يدعي أنّ الشيخين قد أخذا الإذن منه صلى الله عليه وآله في حياته ولا ينفع إذن عائشة لأنها لا تملك البيت بل هي أحد الورثة ليس بأكثر، فأن المرأة ترث من زوجها ثمن ما يملك وبما أن النبي صلى الله عيله وآله كان له زوجات متعددة فكلهن يشتركن بهذا الثُمن أي كان على عاتقه تسعة من النساء فسهم كل واحدة يكون تسع من الثُمن، لكنها استولت على كله بإعانة السلطات وهذا أمر آخر.
تجمّلتِ: ركبت عائشة على جمل يقال له عسكرا، وكان عظيم الخلق شديدا، فلما رأته أعجبها، وأنشأ الجمّال يحدّثها بقوّته وشدته، ويسميه في أثناء كلامه عسكرا، فلما سمعت هذه اللفظة استرجعت وقالت: ردوه لا حاجة لي فيه، وذكرت أنّ رسول الله ذكره لها بهذا الاسم ونهاها عن ركوبه. فطلب لها الناس غيره فلم يجدوا لها ما يشبهه فغيروا لها جلاله وقالوا لها: أصبنا لك أعظم منه وأشد قوة. فهدأ روعها ورضيت به، وما خرجت من مكّة حتى استنفذت ما في وسع الأمويين من نصرة لها ثُم مضت على غلوائها.(4)ولهذا سُمِّيت المعركة بحرب الجمل.
تبغّلتِ: فخرجت مبادرة على بغل بسرج - فكانت أول امرأة ركبت في الاسلام سرجا - فوقفت وقالت: نحوا ابنكم عن بيتي، فإنه لا يدفن فيه شئ ولا يهتك على رسول الله حجابه، فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليهما: «قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله قربه» (5).
تفيّلتِ: لو عاشت أكثر من عمرها هذا لركبت الفيل وهدّمت بيت الله عزّ وجل كما أراد أن يفعله أبرهة، ولكن لعب بعدها يزيد بن معاوية لعبتها ومشى على سيرتها حيث رمى بيت الله بالمنجنيق.
من الأحداث المهمة في تاريخ الإسلام هجوم جيش يزيد بن معاوية سنة 64 هـ على مكة المكرمة بعد ان استباح المدينة المنورة؛ لأن عبد الله بن الزبير امتنع عن بيعة يزيد ودعا الناس إلى نفسه فبايعه أهل الحجاز.
وصل جيش يزيد بن معاوية إلى مكة في شهر محرم الحرام سنة 64 هـ وبعد ثلاثة أيام من شهر ربيع الأول يوم السبت قذفوا الكعبة بالمجانيق، وحرقوها بالنار، وأخذوا يرتجزون ويقولون:
خطارة مثل الفنيق المزبد***نرمي بِهَا أعواد هَذَا المسجد(6).
1ـ بحار الأنوار: ج 32، ص 268، ح 207.
2ـ الأرشاد: ج 2، ص 19؛ هذا الخبر روته العامة والخاصة بتغير ببعض عباراته كل بحسب مذهبه، انظر دلائل الامامة: ٦١؛ ومقاتل الطالبيين : ٧٤ ؛ شرح النهج الحديدي ١٦: ٤٩ ـ ٥١؛ والخرائج والجرائح ١ : ٢٤٢ / ٨ ؛ ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٤ : ١٥٦.
3ـ سورة الأحزاب: الآية 53.
4ـ النصّ والاجتهاد: ص 434.
5ـ الكافي: ج 1، ص 302.
6ـ تاريخ الطبري: ج 5، ص 498.
التعلیقات
١