شهادة الإمام الجواد عليه السلام
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 3 سنواتإنْ أردتَ النجاةَ يومَ المعادِ
جُدْ بدمعٍ على الإمامِ الجوادِ
لستُ أنساه حين أشخصه
المأمونُ من يثربٍ إلى بغداد
قد قضى ببغدادَ وهو غريبٌ
بفؤاد من شُعلةِ السمِ صادي
والتي قدمت له السمَّ أمُ الفضلِ
بغضا منها لأمِّ الهادي
تركوا نعشَه بقَنطرة الريَّانِ
ملقىً آلُ الشِقى والعناد
فاستماتت أشياعه نحوَ حملِ
النعش كي لا يبقى رهينَ الوهاد
وسرى فيهمُ الحماسُ إلى أنْ
حملوه رفعا على الأجياد
ما بقيْ مثلَ جدِّه السبطِ عاري
الجسمِ تعدو على قِراه العوادي
تركوا جسمَه ثلاثا وعلَّوا
رأسَه في رؤوسِ سمرِ الصِعاد
وسروا في نسائه حاسراتٍ
يالقومي بين الرجال بوادي
لو تراها يا خِيرةَ اللهِ في السبي
وسُتر الوجوهِ منها الأيادي(١)
الإمام محمد الجواد عليه السلام يموت مسموماً
بعد موت المأمون بويع المعتصم بالخلافة، فلما جلس على سرير الملك أخذ يتحين الفرصة لقتل الإمام محمد الجواد عليه السلام الذي ظهرت فضائله ومناقبه للناس فراحوا يؤمنون به، ويعتقدون بإمامته، وهذا أمر يخيف السلاطين؛ لذلك دعا المعتصم الإمام الجواد من المدينة المنورة إلى بغداد. فلما عزم الإمام عليه السلام ترك المدينة والتوجه إلى بغداد خلف ابنه أبا الحسن الهادي عليه السلام عليها، وهو صغير السن وسلم إليه المواريث والسلاح، ونص على إمامته بمشهد من ثقاته وأصحابه، ثم ودعه، وودع قبر جده رسول الله وقبور آبائه عليهم السلام، وكأنه يعلم سوف لا يعود إليها، وانصرف إلى بغداد، فلما وردها عليه السلام جعل المعتصم يعمل الحيلة في قتله، وأشار على ابنة المأمون أم الفضل أن تسقيه السم.
وكانت منحرفة عن الإمام شديدة العداوة له، فأجابته إلى ذلك، فأرسل المعتصم إليها سماً قاتلاً، فأخذت السم، وجعلته في عنب رازقي، وقيل في شراب الاترنج. وكان الإمام عليه السلام صائما وعند الإفطار(١) وضعته بين يديه، فلما تناول منه شيئا تغير حاله، وأحس بذلك فقال عليه السلام: ويلك! قتلتيني قاتلك الله.
ثم أخذ إمامنا يتقلب على الأرض يمينا وشمالا من شدة الوجع، ويجود بنفسه، ويطلب جرعة من الماء، ويقول بصوت ضعيف: ويلك! إذا قتلتيني، فاسقيني شربة من الماء، فما سقت الإمام عليه السلام الماء، بل أغلقت الباب، وخرجت من الدار؛ فبقي الإمام يوما وليلة يعالج سكرات الموت حتى قضى نحبه، ولقي ربه، رحم الله من نادى: وا سيداه! وا إماماه! وا مسموماه.
مات الجواد اليوم مسموم
عگب الهظيمه او كل الهموم
والهادي يبچي ابگلب مالوم
وايصيح بويه اهنا يمحروم
شنهو السبب سمتك هلگوم
والشيعه تبچي دمه ابهليوم
لجل الجواد الراح مظلوم
أمثلُ ابنِ الرضا يبقى ثلاثا
رهينَ الدارِ في كُرَبٍ شِدادِ
ويقضي فوق سطحِ الدار فردا
وأنتِ(3) من الغواية في تمادي
إلا أن الخطب يهون عندما نتذكر مصيبة أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وما جرى على أهل بيته، حيث قتلوا جميعا، ثم عمد أعداء الله وأعداء رسوله إلى النساء، فسلبوا ما عليهن من حلي، وانتهبوا ما في الخيام، ثم أحرقوها على النساء والأطفال، فهربن مخدرات الرسالة في تلك البيداء نادبات صائحات: وا محمداه! ولا محمد لنا اليوم، وا علياه! ولا علي لنا اليوم.
سافراتٍ للقيدِ والغلِّ عانت
بعد خدرٍ به الصيانةُ بانت
فتمنَّت أن المنيةَ حانت
هذه زينبُ ومن قبلُ كانت
بفِنا دارِها تُحَطُّ الرحالُ(4)
1ـ المطالب المهمة: ص 274 القصيدة للسيد مهدي الأعرجي.
2ـ إثبات الوصية للإمام علي بن ابي طالب عليه السلام: ص 192.
3ـ الشاعر يخاطب أم الفضل بنت المأمون التي دست السم إلى الإمام الجواد عليه السلام.
4ـ مجمع المصائب: ج 4، ص 295.
التعلیقات