السيدة زينب نِعم الأخت
الشیخ مهدي المجاهد
منذ 5 سنواتجمعتهم رحم واحد، وقَرُب بين قلوبهم، وعاشوا تحت ظلال نور دين واحد زاد من ألفتهم، فالأخت ترى في أخيها ذلك الحصن الآمن، فهي تريد أن تلجأ إليه إذا ألمّ بها حادث، وأن تستشيره إذا أرادت استشارة ورأياً. إن الأخت تريد من أخيها أن يكون لها درعاً تحتمي به من كل سوء، وتريد منه أن يكون لها سنداً تجلب به كل خير.
وكذلك الأخ، يرى في أخته هذا القلب الحنين الرقيق، الذي يتأثر بأقل المشاعر والأحاسيس، فلا يجرح كرامتها بكلمة أو نظرة أو حركة.
وهذه الرابطة والعلاقة الودية بين الأخ والأخت قد أخذت آفاقها حتى صار يضرب بها المثل لشدة العلاقة الموجودة لهذا المعنى ، أي: الأخوة بين الأخت والأخ.
ولقد تجلّت هذه العلاقة، وظهرت على أفضل شكل ممكن في بيت أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ولم تكن تلك العلاقات الودية بين أفراد الأسرة _ وخاصةً بين السيدة الزينب سلام الله عليها مع أخويها سيدي شباب أهل الجنة الامام الحسن والامام الحسين صلوات الله عليهما _ منبعثة عن عاطفة القرابة فحسب، بل عرف كل واحد منهم ما لـلآخر من المنزلة والجلالة والكرامة.
فالسيدة زينب تعلم بأن أخويها هما سيدي شباب أهل الجنة، وتعلم أنهما أمامين، وتعلم بأن الله تعالى قد أثنى عليهما في آيات كثيرة من القرآن الكريم، كآية المباهلة، وآية المودة، وآية التطهير، وسورة «هل أتى»، وغيرها من الآيات والسور.
بالإضافة إلى أنها عاشت سنوات معهما في بيت واحد، وشاهدت ما كانا يتمتعا به من مكارم الأخلاق والعبادة والروحانية، وعرفت ما لأخوتها من علو المنزلة وسمو الدرجة عند الله عزوجل.
وتعلم أنهما إمامين منصوبين من عند الله تعالى، منصوص عليهما بالإمامة العظمى والولاية الكبرى من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله.
فكانت نعم الأخت، وقد ضحّت بكل ما ليدها لأجل إمام زمانها الذي كان في بعض أيام والدها عليه السلام وفي بعض الآخر أيام أخيها الامام الحسن عليه السلام وفي بعض الآخر أيام الامام الحسين عليه السلام، وكان الارتباط بينها وبينه ارتباط خاص، كما كانت العلاقة بينهما شديدة حيث أنها لا تستطيع أن تفارقه، وكانت تصاحبه طيلة حياته الشريفة، فشاهدت أعظم المصائب لكنها بقيت ثابتة القدم قوية القلب لم تضعضعها تلك الأحداث الدامية، فحفظت عيال أخيها وأولاده، ومن أعظم مواقفها هو حفظها لحياة إمام زمانها من بعد أخيها الامام الحسين عليه السلام وهو الامام زين العابدين عليه السلام في كربلاء المقدسة والكوفة والشام.
فالسيدة زينب بنت علي عليهما السلام هي تلك المرأة الكاملة والقدوة البارزة في الإتباع في جميع شؤون الحياة خاصة الاقتداء بتلك الصفة اللامعة في حياتها وهي صبرها واستقامتها والحنان التي كانت تحمله وكانت المقرّبة لقلب إخوتها والتاريخ مليئ بمواقفها المشرفة.
فهنا نريد من القارئ الكريم أن يفيض علينا جانب من حياة السيدة الزينب عليها السلام حول ما جرى بينها وما بين إخوتها حتى تعم الفائدة للجميع، ونشكر كل من يساهم في هذا العمل المبارك.
التعلیقات