المهرجون يغزون مستشفيات الأطفال!!
يوسف وهباني
منذ 16 سنةفطن الطب الحديث للأهمية المعنوية في الإسهام الفعال في شفاء المرضى، فالجانب المعنوي يمثل نحو ثلثي العلاج كما يقول بعض الأطباء المحدثون، ولهذا فقد جاء أحد الأطباء الأمريكان ويدعي وليم مارجرجس بفكرة رائدة ألا وهي استخدام المهرجين كجزء من العلاج المستخدم في مستشفيات الأطفال لا سيما وأن الجانب النفسي يعتبر من أهم العوامل لكي يتقبل الطفل أنواع الأدوية التي تخصص له بجانب إقباله على الحياة بكل انشراح وحب مما يجعل معنوياته مرتفعة، وبالتالي يقبل على الحياة بكل تفاؤل وانشراح
. وفور انطلاق الفكرة تبنتها إحدى المستشفيات وبدأت في تفعيل الفكرة بحيث أنشأت مسرحا في ساحة المستشفى أي في الهواء الطلق، على أن تعرض تلك العروض في النهار حتى لا يصاب الأطفال بداء السهر، وكما وأن تواجد الأطفال بالهواء الطلق وتحت ضوء الشمس يعطيهم القوة والحيوية، وحتى أن اجتماع الأطفال في مكان واحد يشعرهم بتعاونهم وانسجامهم حيث يجتمعون في جو مرح وضاحك.
المستشفي تقع بمدينة ليون الفرنسية وهي مستشفي متخصصة في علاج الأطفال المصابين بأمراض السرطان، ولقد خصصت برنامجا يوميا في ظهر كل يوم ليظهر به المهرجون ويستعرضون أعمالهم المرحة والضاحكة لأولئك الصغار الذين بهرتهم الدهشة هل هم في المستشفي أم في سيرك بحديقة ما ؟!!!
يعتبر المهرج شخصية محببة للأطفال خصوصا حينما يظهر بأنفه الأحمر الكبير والمستدير ومن خلال حركاته البسيطة الساذجة.
بجانب الأطفال يجتمع كل الكادر الطبي يتقدمهم الأطباء والممرضون والممرضات وكل الكادر الطبي المساعد والإداري - إن عملية تواجد جميع عاملي المستشفى يجعلهم عبارة عن عائلة واحدة.
ومن أهم النتائج التي حظيت بها هذه التجربة:
- الانتعاش الروحي والمعنوي للأطفال المرضى
- بدا الأطفال يقبلون على تناول وجباتهم بكل شغف وحب
- أقبلوا على حب الحياة بعد أن فارقتهم تلك الروح الوثابة
طلب بعض الأطفال النزلاء حضور بعض أصدقائهم بجانب والديهم فسمحت لهم إدارة المستشفى وسمحت لكل مريض بزيارة والديه وصديقين من أصدقائه في كل يوم لحضور العرض.
حينما دعوا الوالدين لتلك العروض شعر الوالدان بامتنان لإدارة المستشفي لا سيما وأنهم يبحثون عن كل ما هو مفرح لأطفالهم المرضى والمكتئبين، خاصة وأن أطفالهم افتقدوا الضحكة الطفولية الهانئة لفترة طويلة من الزمن ولكن المهرجين نجحوا في انتزاعها منهم بصورة يومية.
وبدا المهرجون يخلقون علاقات ودية مع اؤلئك المرضى، حيث بدؤوا يسمون الأطفال بأسمائهم مما جعل الأطفال يتفاعلون مع عروضهم ويقبلون عليها بكل شغف وإقبال.
في بداية الأمر كان عدد المهرجين ما بين ( 2-3) ولكن بطول الزمن تزايد عددهم وأصبحوا ما بين (6-8) مهرجا - ولقد كان مردود العملية فعالا فقد انتعشت صحة الأطفال وبدؤوا يتحدثون عن المواضيع التي يطرقها المهرجون ويرددون الأناشيد التي ألقاها عليهم المهرجون بجانب النكات والمسرحيات الضاحكة.
وبدأ بعض المهرجين يعلمونهم بعض أنواع العلوم والمعارف الإنسانية الممثلة في الجغرافيا والعلوم الطبيعية، ونسبة الطاقة والمناخ فإنها كانت ترسخ في أذهانهم بلا مذاكرة.
إن استخدام الأسلوب الفكاهي بداخل المستشفيات يعتبر نقلة هائلة لإسعاد المرضى لا سيما وأن الإقامة بالمستشفى أشبه منها للإقامة بالسجن وليس الإقامة بالفندق، وما قدمته هذه المستشفى يعتبر نقلة هائلة استطاع الإنسان أن ينقلها لأحبائه الصغار بحيث أنهم أصبحوا يشعرون بانتمائهم للمجتمع، مما يجعلهم يقبلون على الحياة بكل حب واطمئنان، ومما يجعل أجسامهم الغضة قابلة لقهر هذا المرض العضال وكل الأمراض الأخرى بإذن الله.
التعلیقات