ثلثا الأميين في العالم من النساء
حقوق المرأة
منذ 16 سنة
لقد سئم الناس كثرة المنتديات والمؤتمرات الدولية حول وضع المرأة وحقوقها والتي لا تتعدى مجرد الكلام دون أية إجراءات جدية وعملية في تنفيذ البنود المتفق عليها، ناهيك عن الوعودات والالتزامات إلى حد التخمة من الكلام الفارغ والمجاني، ثم إذا كانت إرادات فعلية لتنفيذ المشاريع الحقيقية لدعم المرأة وتحسين وضعها عالمياً يتم إفشالها والحيلولة دون إتمامها فتكون ناقصة ومعاقة، لأن تعليم المرأة ورفع مستوى ثقافتها ليس من مصلحة المستعمرين إذ تعليم المرأة معناه تعليم الأمة كاملة وإنشاء جيل واعٍ وطموح لا تلبث أن تطالب بالاستقلالية غير المرغوبة أياً كان شكلها.
ومن هنا (500) مليون امرأة في العالم لا يعرفن القراءة ولا الكتابة و(65) مليون فتاة صغيرة لم يعرفن المقاعد الدراسية أبداً. ثلثا الأميين في العالم من النساء... أي على الأقل ثلاثة أرباع هذا العدد من الأمهات المسؤولات عن أطفال وعائلة. هذه الأرقام لا تعني شيئاً للكثيرين منا.
ولهم الحق أن يسألوا عن جدوى هذه الإحصائيات وعن فوائدها التي لم يلمسوا منها شيئاً فالأفضل لهم أن يبحثوا عن لقمة معيشتهم لتقيهم بأس الجوع على أن يسمعوا الأفكار والآراء المثالية التي لا تجد طريقها على أرض الواقع.
وتتركز الأمية خصوصاً في العالم الثالث، أي العالم الفقير الذي يعاني أساساً من المشكلات الاجتماعية وتخلفه نظراً إلى خضوعه لمجموعة من السلوكيات التقليدية المتحجرة التي تنال من النساء أولاً. فالتحدي الكبير الذي ينتظر القرن الحادي والعشرين على المدى الطويل يكمن في تغيير هذه السلوكيات بالذات، خصوصاً أنها تغذي عدم المساواة حيال النساء والرجال في آن، وفق ما قال سابقاً المدير العام لليونسكو (كويشيرو ماتسورا) الذي شدد على أهمية محو الأمية وتوفير الدراسة للجميع كمدخل أساسي للإصلاح الاجتماعي في العالم الثالث.
محو الأمية يبدأ من التعليم الابتدائي للجميع، سيما النساء اللواتي سيكن مسؤولات عن أطفالهن فيما بعد، خصوصاً أن محو الأمية النسائية هو عامل أساسي وحاسم لخفض نسب الوفيات لدى الأطفال وتحسين شروط قواعد الصحة العامة.
وأظهرت دراسة عربية أسهم في إعدادها نحو مئة باحث عربي وشملت (15) بلداً عربياً، أن هناك نسبة غير مقبولة من الأمية الهجائية، إذ أن نصف النساء أميات كما أن بعض الأطفال يحرمون من حقهم في التعليم الأساسي.
وأشارت دراسة أخرى إلى أن ثلث الأمهات أميات فيما ثلث ثان لم تتعد علومه المرحلة الابتدائية، وعليه تأتي أهمية تعليم الفتاة في الصغر. لأن تعليم الصبي يقتصر على شخص واحد، أما تعليم الفتاة فيشمل تعليم عائلة مستقبلية بكاملها، وأثبتت أكثر من دراسة عالمية تمت في بلدان أفريقية وآسيوية عدة أن تعليم الأمهات أثر مباشرة في صحة أولادهن ومستقبلهم الدراسي وإنتاجهم في المجتمع فيما بعد.
وكشفت دراسة أخرى أن الفتاة التي تابعت ستة أعوام مدرسية، تستطيع الاعتناء بطفلها في شكل أفضل إضافة إلى توفير الاهتمام الصحي والغذائي الضروري له.
وفي هذا الإطار قالت دراسة قام بها البنك الدولي في أفريقيا أن النساء اللواتي تعلّمن خمسة أعوام مدرسية، يقدمن لأولادهن فترة حياة أطول بنسبة (40%) كما أن دراسة لليونسكو أثبتت أن تأمين العلوم الابتدائية للأم يخفف من خطر موت الأولاد المبكر بنسبة تراوح بين (5 - 10%).
التعلیقات