حقوق المجتمع
السيّد سعيد كاظم العذاري
منذ 11 سنةالإسلام ليس منهج اعتقاد وايمان وشعور في القلب فحسب ، بل هو منهج حياة إنسانية واقعية ، يتحول فيها الاعتقاد والايمان إلى ممارسة سلوكية في جميع جوانب الحياة لتقوم العلاقات على التراحم والتكافل والتناصح ، فتكون الأمانة والسماحة والمودة والاحسان والعدل والنخوة هي القاعدة الأساسية التي تنبثق منها العلاقات الاجتماعية
.وقد جعل الإسلام كل مسلم مسؤولاً في بيئته الاجتماعية ، يمارس دوره الاجتماعي البنّاء من موقعه ، قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»
ودعا صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الاهتمام باُمور المسلمين ومشاركتهم في آمالهم وآلامهم ، فقال : «من أصبح لا يهتم باُمور المسلمين فليس بمسلم ودعا الإمام الصادق عليهالسلام إلى الالتصاق والاندكاك بجماعة المسلمين فقال : «من فارق جماعة المسلمين قيد شبر ، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر»
وأمر الإمام الصادق عليهالسلام بالتواصل والتراحم والتعاطف بين المسلمين ، وذلك هو أساس العلاقات بينهم ، فقال : «تواصلوا وتباروا وتراحموا وتعاطفوا»
ودعا الإمام علي عليهالسلام إلى استخدام الأساليب المؤدية إلى الاُلفة والمحبة ، ونبذ الأساليب المؤدية إلى التقاطع والتباغض ، فقال : «لا تغضبوا ولا تُغضبوا افشوا السلام وأطيبوا الكلام»
والاُسرة بجميع أفرادها مسؤولة عن تعميق أواصر الود والمحبة والوئام مع المجتمع الذي تعيش فيه ، ولا يتحقق ذلك إلاّ بالمداومة على حسن الخلق والمعاشرة الحسنة ، وممارسة أعمال الخير والصلاح ، وتجنب جميع ألوان الاساءة والاعتداء في القول والفعل.
ولذا وضع الإسلام منهاجا متكاملاً في العلاقات قائما على أساس مراعاة حقوق أفراد المجتمع فردا فردا وجماعة جماعة ، وتتمثل هذه
الحقوق العامّة في حقّ الاعتقاد ، وحقّ التفكير وإبداء الرأي ، وحق الحياة ، وحق الكرامة ، وحق الأمن ، وحق المساواة ، وحق التملك) وتنطلق بقية الحقوق من هذه القواعد الكلية ، لتكون مصداقا لها في الواقع العملي.
والالتزام بالاوامر الالهية كفيل باحقاق حقوق المجتمع ، ومن الأوامر الالهية الجامعة لجميع الحقوق قوله تعالى : «إنّ اللّه يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وايتاء ذي القُربى ويَنهى عَنِ الفَحشَاءِ والمُنكَرِ والبَغي يَعِظُكم لَعلَّكُم تَذَكَّرونَ»
فالتقيد بهذا الأمر الالهي يعصم الإنسان من التقصير في حقوق المجتمع ، ويدفعه للعمل الجاد الدؤوب لتحقيق حقوق الآخرين وأداء مسؤوليته على أحسن وجه أراده اللّه تعالى منه.
التعلیقات