قصة رجل وأد ابنته وقد أظهر ندمه عند النبي (صلى الله عليه وآله)
السيّدة مريم نور الدّين فضل الله
منذ 11 سنةروي أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان لا يزال مغتماً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لك تكون محزوناً ؟ فقال يا رسول الله إني أذنبت ذنباً في الجاهلية فأخاف ألا يغفره الله لي وإن أسلمت فقال له : أخبرني عن ذنبك ؟ فقال : يا رسول الله ، إني كنت من الذين يقتلون بناتهم ، فولدت لي بنت فتشفعت
إلي امرأتي أن أتركها فتركتها حتى كبرت وأدركت ، وصارت من أجمل النساء فخطبوها ، فدخلتني الحمية ، ولم يتحمل قلبي أن أزوجها ، أو أتركها في البيت بغير زواج ، فقلت للمرأة إني أريد أن أذهب الى قبيلة كذا وكذا في زيارة أقربائي فأبعثيها معي ، فسرَّت بذلك ، وزينتها بالثياب والحلي ، وأخذت عليَّ المواثيق بألا أخونها ، فذهبت الى رأس بئر فنظرت في البئر ، ففطنت الجارية أني اريد ان ألقيها في البئر فالتزمتني وجعلت تبكي وتقول : يا أبت إيش تريد أن تفعل بي (١) ؟ فرحمتها ، ثم نظرت في البئر فدخلت عليَّ الحمية ، ثم التزمتني وجعلت تقول : يا أبت لا تضيع أمانة أمي ! فجعلت مرة أنظر في البئر ومرة أنظر إليها فأرحمها ، حتى غلبني الشيطان فأخذتها وألقيتها في البئر منكوسة ، وهي تنادي في البئر : يا أبتِ قتلتني ؟! ومكثت هناك حتى انقطع صوتها فرجعت.فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقال : لو أُمرت أن أعاقب أحداً بما فعل في الجاهلية لعاقبتك
ومهما كانت كيفية الوأد ، واختلاف المسببات ، فلقد حاربه الاسلام ، وندد به ، وعاقب عليه وجعله من الكبائر ، حتى محى أثره من الوجود ، وأصبح قصة يرويها الرواة ، من جملة ما يروونه من أخبار الماضي.
ولم يكتف الاسلام بذلك ، بل رفع من شأن المرأة ، وساوي بينها وبين الرجل في كثير من شؤون الحياة. وفي الحديث « إن أحسن الناس عند الله من أحسن صحبة أزواجه وبناته ».
وقد أكثر الشعراء العرب في وصف حالهم وحال المرأة في ذلك العهد وعجزها عن العمل والمقاومة ، في حين أن البنين أقوى منهن ، ويتاح لهم ما لا يتاح للبنت. قال بعض الشعراء :
وزادني رغبة في العيش معرفتي
ذل اليتيمة بحفوها ذوو الرحم
أخشى فظاظة عمٍ أو جفاء أخ
وكنت أبكي عليها من اذى الكلم
تهوى حياتي وأهوى موتها شفقاً
والموت أكرم نزال على الحرم
إذا تذكرت بنتي حين تندبني
فاضت لعبرة بنتي عبرتي بدم
ووصف سروره واستقراره بعد أَن تخلص من ابنته حيث يقول :
فالآن تمت فلا همُّ يؤرقني
بعد الهدوء بلا وجدٍ ولا حل
التعلیقات