الأوقات الشاقة مع الطفل في الأماكن العامة
موقع لحواء
منذ 10 سنواتأوقات التنطُّط الشاقّة:
لا يعني التنطُّط على الأسِرّة والتراكض في كلّ مكان، أنّ الطفل سيِّئ السلوك. ما لم يكن الأطفال دون الخامسة من العمر قد أجبروا على الطاعة بفعل الخوف، وهو ما يتسبّب بتجمُّد سلوك عفويّ طبيعي، فإنّهم يجدون صعوبة بالغة في كبْح سلوكهم. ذلك أنّ دماغهم العلويّ لم يشكّل بعد مسالك أساسية تصِله بدماغهم السفليّ. هذه المسالك تَكبَح طبيعياً الرغبة في التنطُّط. أيضاً، في
الدماغ العلويّ للأطفال الصغار أجهزة نورادرينالين ودوبامين غير ناضجة، ويَنتِج عن ذلك أيضاً سلوك طائش يمكن تلخيصه بعدم القدرة على الجلوس. الجواب هو أن نجد طريقة لتفريغ طاقتهم."الأطفال الذي يتحوّلون إلى الإذعان التامّ كثيراً ما يحدُث في مستقبل حياتهم أن يُعانوا من أثر ذلك".
إذا كنتِ تخافين على السرير أو الأريكة، أعطي طفلك شيئاً آخر؛ على سبيل المثال، ركّزي له في الحديقة مِقفزة ترامبولين، أو خُذيه إلى ملعب قريب. ما من حاجة إلى أن تفقدي أعصابك؛ ما عليك إلّا أن تقولي بصوت لطيف، "التنطُّط على السرير غير مسموح. تعال نذهب إلى الخارج". إذا رفض طفلك أن يترك السرير، ارفعيه برِفق وخُذيه إلى الخارج.
الأوقات الشاقّة في الأماكِن العامّة:
لأنّ لطفلك دوافع مُنطلقة، من الحكمة أن تفكّري في الأماكن العامّة التي يحسُن الذهاب إليها. الأطفال الصغار والمطاعم الفاخرة لا يليق أحدهما بالآخر. قد يغضَب الأهل غضباً شديداً ويصابون بخيبة أمل عندما لا يستطيع دماغ طفلهم أن يعمل كما يعمل دماغ الكبار، فتكون النتيجة مشواراً فاشلاً. إذا خطر ببالهم موضع لتناول الطعام مناسب لدوافع الأطفال المحرِّكة، يغلِب أن يكون مشوارهم رائعاً.
تأملي في ما يلي...
بمعنىً ما، الأطفال كلّهم عندهم اضطراب فرط النشاط الناجم عن نقص الانتباه، والذي يعني سلوكاً متهوّراً وتركيزاً ضعيفاً على شيء واحد لفترة طويلة من الوقت. بدلاً من ذلك يركضون ويتسلّقون ويغيّرون مواضعهم باستمرار ويتمَلمَلون. هذه مرحلة من التطوّر الطبيعي ونتيجة من نتائج الدماغ غير الناضج. والجلوس بهدوء للصبيان أصعَب بكثير ممّا هو للفتيات لأنّ نُضج الدماغ العلويّ عند الصبيان أبطأ منه عند البنات.
يحتاج الأطفال الصغار إلى الكثير من الوقت نهاراً ليتراكضوا. إذا لم يحصُلوا على ذلك، يميلون إلى أن يكونوا شديدي النشاط في أوقات لا تكون دائماً مناسبة لك.
ابحثي عن مكان مُتّسِع للركض:
إذا كنت تزورين مكاناً عامّاً مثل معرض أو مطعم أو فندق، ابحثي عن مكان مُتّسع يستطيع طفلك أن يركض فيه. كلّما قَلَّ عدد الناس في ذلك الموقع كان أفضل، إذ يكون بإمكان طفلك أن يضِجّ كما يشاء. بعد أن يشبع من التراكض على هواه، يكون أميَل مجدّداً إلى سلوك هادئ.
الضجر كثيراً ما يولِّد سلوكاً سيّئاً في المقاهي والمطاعم:
تأمّلي السيناريو التالي. مَي، وعمرها سنتان أخذتها أمّها معها إلى مقهىً. الأُم تشرب القهوة ومَي تشرب عصير البرتقال. بعد أن تشرب شيئاً منه تشعر بالضجر، فتَمسِك الكوب وتخبِط به الطاولة مرّة بعد مرّة، مسبّبةً ضيقاً لكلِّ من حولها. وسرعان ما يندلق ما في الكوب من عصير على الطاولة، ولا تكتفي مَي بذلك بل ترشّ السكّر في كلّ مكان وتقلِب أخيراً فنجان القهوة الذي تشرب منه الأُمّ. ماذا يجري في دماغ مَي؟
مَي لا تحاول أن تكون سيّئة السلوك؛ الأجهزة غير الناضجة في دماغها هي التي تجعلها تتصرّف على هذا النحو. طُلِب منها أن تجلس هادئة لكنّها، كأيّ طفل في سنّها، تشعر بضجر شديد من محادثة الكبار الذي حولها. ضجرُ مَي يعني أنّها في حالة استحثاث، وهو ما يمكن أن ينشّط كيماويّات كرْب مؤلمة في دماغها، ويجعلها تتصرّف بأساليب مرهِقة. سلوكها على الطاولة هو محاولة منها لإشباع جوعها إلى الاستشارة. يُضاعف المشكلة دوافع مَي المحرِّكة، التي لا يستطيع دماغها غير الناضج أن يكبَحها بصورة طبيعية.
بطبيعة الحال، الطفل الدارج الذي يوسّخ كلّ ما حوله متعِب جدّاً. قد يلجأ الوالدان في هذه المرحلة إلى القصاص. (بعض الآباء والأُمّهات يثورون على أطفالهم في مثل هذا الوقت، جَهْلاً منهم لحقيقة تطوّر دماغهم). لكن هناك حلول.
إذا أعطَينا مَي لعبة تلعب بها أو دفتر تلوين، يغلِب أن يحدث تنسيق بين دماغها العلويّ وجهاز النشدان في دماغها السفليّ. هذا الجهاز يُطلق الدوبامين والأوبيود اللذَين يمكِّنان مَي من التركيز على النشاط الذي تقوم به، وهي إذ تفعل ذلك، تهدأ دوافعها المحرّكة طبيعيّاً. إذا لم نجلُب للأطفال في المطاعم والمقاهي أشياء تُلهيهم، يغلِب أن يصنعوا تسلية لأنفسهم.
"بطبيعة الحال، الطفل الدارج الذي يوسِّخ كلّ ما حوله مُتعِب جدّاً. لكن هناك حلول".
حوِّلي رحلة التسوُّق من جحيم إلى تصيُّد ممتِع لكَنز:
الزيارة الطويلة للسوبر ماركت من غير أن يكون للطفل شيء يفعله أمر يصعُب غالباً احتماله. لتتجنّبي أوقاتاً صعبة، من المهمّ أن تجعلي طفلك يشاركك في ما تفعلين. من غير نشاط يقوم به الطفل، يمكن أن يشعر بضجر شديد، إذ لا يكون جوعه للتنبُّه قد أُشبِع. وقد يختبر أيضاً حالات من الاستحثات البدني، التي، كما رأينا، يمكن أن تُطلق مراكز ألم في دماغه. هذا يعني أنّه ينتظرك في السوبر ماركت وقت عصيب، يتراكض فيه طفلك في كلّ مكان ويخبِط بعربات التسوّق.
"جلوس الطفل من غير شيء يفعله يتسبّب له بكَرْب شديد".
"أنا مُنهمِك في ما أفعل"
عند زيارة أماكن عامّة أو بيوت فاخرة حيث لا يكون مرحَّباً بالأطفال دائماً، نحتاج أن نوفّر لهؤلاء الأطفال تسلية. إذا لم تُعطي الطفل بدائل، مثل لعبة مسلّية أو كتاب رسم، سيَجد طريقة يسلّي بها نفسه، مثل أن يلعب بأدوات تناوُل الطعام، أو أن ينفُخ في شرابه، أو أن يستكشف حيث لا ينبغي أن يستكشف.
قبل أن يحدث ذلك، أعمِلي الجزء اللعوب من دماغك للحظة أو اثنتين، وفكِّري في لعبة لك ولطفلك لتستمتعا كلاكما بالتسوّق: تقولين مثلاً، "تعال نلعب لعبة معاً". هذا يُرضي جوع التنبُّه عنده وجوع البنيان. لندعو اللعبة "بطل التسوّق"، والتي يمكن أن تجري على الشكل التالي:
"هل سمِعتَ بلعبة بطل التسوّق؟ لا؟ أنا أشرحها لك. عندما نصل إلى بداية كلّ ممرّ، أهمِس بأذنك باسم شيء نحتاج إليه، وعليك أن تبحث عنه وعندما تجده تأتي به وتضعه في العربة. وعندئذٍ أهمِس بأذنك باسم شيء آخر. إذا وجدتَ كلّ شيء، تكون بطل تسوُّق وتستحقّ مكافأة. أنت تختار المكافأة بنفسك!".
من الألعاب المبتكرة في هذا المجال أن يُعطى الطفل في بداية كلّ زيارة للسوبر ماركت لوحاً عليه صور الأشياء التي عليه أن يجدها. على هذا النحو تتحوّل رحلة السوبر ماركت المُضجرة إلى مغامرة بحْث عن كنز.
التعلیقات