أيتها الأم احترمي شهية طفلك للطعام
تغذية طفلك
منذ 15 سنةأخذنا آراء الأمهات وأضافنا إليها أموراً أخرى للنقاش وذهبنا بها إلى د. بسام صالح بن عباس استشاري الغدد الصماء والأمراض الوراثية في الأطفال بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث فكان معه هذا اللقاء: بدأنا بالحديث حول أمنية بعض
الأمهات أن يكون ولدها بديناً اعتقاداً منها أن ذلك مفيدلصحته ووقاية له من الأمراض، فهل هناك صحة لهذا القول؟ في رأي د.بسام أن البدانة في سن الطفولة أو المراهقة من أكثر المشكلات الغذائية شيوعاً في الدول العربية ونسبة الإصابة بها والمعاناة منها في ازدياد ملحوظ. وتدل أحدث الإحصائيات الغربية على أن 22% من الأطفال زائدو الوزن وأن 11% منهم يعاني من البدانة. ويعتقد البعض خطأً أن هناك علاقة صحية بين زيادة الوزن والوقاية من الأمراض، وأن الطفل البدين أقل عرضة للأمراض أو أكثر مناعة من سواه من الأطفال معتدلي الوزن. ومن منطلق هذا الاعتقاد الخاطئ تسعى الأمهات جاهدات إلى إرغام أطفالهن وإطعامهم فوق حاجتهم وإرهاقهم بالأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية لتحقيق رغبتهن في رؤية أطفالهن في وضع «صحي أفضل». كما يذهب البعض إلى أبعد من ذلك باستخدام فواتح الشهية من أدوية طبية أو أعشاب طبيعية لتحقيق هذه الرغبة. وتصحيحاً لهذا الاعتقاد الخاطئ ينصح أطباء الأطفال واختصاصيو التغذية دوماً بأن التغذية الجيدة هي التغذية المتوازنة، وأن الطفل صحيح البدن هو الطفل المعتدل الوزن. ويجب أن تتذكر هؤلاء الأمهات أن هناك علاقة أكيدة بين زيادة الوزن في سن الطفولة وعند البلوغ، وقد يؤثر ذلك سلبياً على الطفل بسبب زيادة احتمال إصابته في المستقبل بأمراض تصلب الشرايين والقلب والضغط والسكري ناهيك عن الأمراض النفسية التي قد تصاحب ذلك. ونذكّر الأمهات بأن للطفل رغبة وشهية للطعام كما للإنسان البالغ يجب علينا احترامهما وأن نقدم له الغذاء الصحي المتوازن عند إحساسه بالجوع والرغبة في الأكل من غير إلحاح أو فرض أو إصرار. لكن ما الحدود التي يمكن للأم أن تحكم بها على الطفل (الذي عمره أقل من عامين) بأنه صحيح بدنياً؟ وهل هناك معيار لوزن الطفل في هذا العمر؟ هنا ينصح أطباء الأطفال دوماً والحديث لـ د.بسام بمراجعة الطبيب بصفة دورية لمتابعة وزن الطفل وطوله أثناء نموه. وذلك منذ الولادة وحتى فترة البلوغ وغالباً ما يعتمد أطباء الأطفال على منحنيات الطول والوزن المتوفرة لمتابعة زيادة طول الطفل ووزنه وملاحظة زيادة الوزن بالنسبة للطول لمعرفة ما إذا كانت هذه الزيادة طبيعية أم مرضية. ويمكن للأم متابعة وزن طفلها إذا عرفت أنه عادة ما يتضاعف وزن الطفل عند الشهر الخامس من عمره ويصبح ثلاثة أضعاف وزنه عند الولادة في نهاية السنة الأولى من حياته. والبعض يتسائل عن الطفل البدين، ما هي أسباب بدانته وهل السبب وراثي أم حليب الأم أم قلة الحركة؟ يقول الدكتور بسام إن أسباب البدانة لدى الأطفال متعددة العوامل، وقد تكون متداخلة أو مجهولة الهوية. وتلعب العوامل الوراثية والبيئية والهرمونية دوراً كبيراً في ذلك. فإذا تطرقنا إلى العامل الوراثي نجده يلعب دوراً أساسياً في حدوث السمنة لدى الأطفال. فبدراسة التوائم المتشابهين وغير المتشابهين، نجد أن نسبة احتمال إصابة التوأم المتشابه بالسمنة تزيد على 90% حين إصابة شبيهه التوأم بها. وتقل هذه النسبة في التوائم غير المتشابهة. وقد تؤثر العوامل الوراثية نفسها وتتحكم بالعوامل البيئية والتصرفات الفردية كطريقة الأكل مثلاً، فقد أوضحت بعض الدراسات أن الأطفال البدينين لهم رغبة أكبر وتفضيل للأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية والسكريات مقارنة بمثلائهم أصحاب الأوزان الاعتيادية. وأوضحت دراسات أخرى أن الأطفال حديثي الولادة الذين لديهم الاستعداد الوراثي للسمنة أكثر شرهاً لامتصاص الحليب سواء حليب الأم أم الحليب الصناعي. وتجدهم في سن الطفولة أكثر رغبة في تناول الطعام، ويمضون وقتاً أقل في مضغه. ولاستبعاد العامل البيئي وتأثيره على السمنة وإثبات دور العامل الوراثي. دور حليب الأم والحركة أما عن دور حليب الأم في السمنة فليس لحليب الأم دور واضح في هذا المجال. بل على العكس فحليب الأم باتفاق الجميع هو الطعام الأمثل للطفل والذي تتوفر فيه جميع العناصر الغذائية المطلوبة لنمو الطفل الطبيعي. وليس هناك من شك في أن مقدار الحركة والنشاط لدى الطفل يلعب دوراً هاماً في التحكم في الوزن ومقدار الطاقة المستهلكة. وقد دلت بعض الدراسات على أن الأطفال المصابين بالسمنة لديهم قدرة أقل على استهلاك الطاقة واستخدامها، فتكون كمية الطاقة الداخلة أكثر من الطاقة المستهلكة مما يؤدي إلى السمنة. كذلك لا يوجد سبب واضح لتفاوت الأطفال في الحركة وقد يرجع ذلك لطبيعة الطفل وتكوينه أو لعوامل وراثية. وماذا عن ضعف الطفل، وهل السبب هو حليب الأم؟ ويؤكد بسام أن حليب الأم هو الغذاء الأمثل والأفضل دوماً وهو الغذاء المتكامل للطفل والمستوفي لجميع العناصر الغذائية الأساسية. ولا شك أنه إذا كانت الأم في وضع صحي جيد فإن ذلك سينعكس إيجابياً على الطفل،والعكس صحيح إذا كان وضع الأم الصحي غير جيد فإن ذلك سيؤثر سلبياً على الطفل وتغذيته ولا يكون علاج ذلك باستبدال حليب الأم بالحليب الصناعي ولكن بتحسين تغذية الأم وعلاج الأسباب إن وجدت. وأسباب عدم زيادة وزن الطفل الطبيعي كثيرة ومتعددة وتحتاج إلى مراجعة الطبيب للتعرف عليها وقد تكون هذه الأسباب غذائية أو مرضية أو حتى نفسية. يقال أحيانا أن من أسباب بدانة الأطفال "الغدد"، فما معنى ذلك؟ وكيف يتعرف الأبوان على ذلك؟ حول هذا الموضوع يوضح الدكتور بسام قائلا:تشكل أمراض الغدد الصماء واضطرابات الهرمونات الجزء الأصغر من أسباب البدانة لدى الأطفال حيث غالباً ما يكون السبب هو العامل الوراثي أو البيئي أو زيادة الأكل. ومن أمراض الغدد الصماء التي تصاحبها زيادة في الوزن هو نقص إفراز الغدة الدرقية أو هرمون النمو أو زيادة إفراز الغدد الكظرية والأنسولين أو اضطرابات الغدة جار الدرقية. كما أن أمراض الغدة النخامية وتحت المهاد أو بعض المتلازمات قد يصاحبها زيادة في الأكل وبالتالي في الوزن. وغالباً ما يصاحب أمراض الغدد الصماء المسببة للسمنة تأخر في النمو الطولي بخلاف زيادة الوزن الناتجة عن الزيادة في الأكل والتي تصاحبها زيادة في الطول. وتختلف علامات المرض المصاحب للسمنة باختلاف الغدة المصابة فمثلاً قد يصاحب أمراض الغدة الدرقية تأخر في النمو العقلي أو زيادة في حجم الغدة الدرقية أو جفاف في الجلد وغير ذلك. أما بالنسبة لاضطرابات الغدة الكظرية فقد يظهر على الطفل الإجهاد واحمرار الجلد ورقته وتعرضه للتشققات. ويضيف د.بسام: لقد أكدت الدراسات وجود الارتباط القوي بين السمنة في فترة الطفولة وبين السمنة في مرحلة البلوغ وبعد اكتمال النمو، وقد يكون ذلك لاستمرار وجود الأسباب التي أدت إلى زيادة الوزن في مرحلة الطفولة وحتى البلوغ. وينصح د.بسام الأمهات والآباء فيقول: لا يخفى على الكثير أن صعوبة علاج السمنة ليس في عدم المقدرة على تخفيض الوزن ولكن تكمن الصعوبة في الاستمرار في المحافظة على الوزن بعد التخفيض. لذا كان للوقاية من السمنة والاكتشاف المبكر لها بالغ الأثر في الحد من تفاقم هذه المشكلة، وذلك بمراجعة الطبيب الدورية والانضمام إلى برامج تخفيض الوزن التي تتبع نظاماً غذائياً محدداً وتمارين رياضية معينة ومدروسة بالإضافة إلى الدعم النفسي من قبل الأهل والأقارب وذلك عند الإصابة بالسمنة. كما أن للغذاء وانتقائه دور هام في حياة الطفل البدين. فليس الهدف هو تقييد السعرات الحرارية اللازمة لنمو الطفل، وإنما توفير حد كاف لنموه من غير تأثير سلبي على نموه العقلي.
التعلیقات
١