أدب القرآن في مخاطبة المرأة
موقع المستشار
منذ 10 سنواتإن العفة والحياء والخجل من الأمور الفطرية السليمة, والمرأة، نظراً لخصوصيتها التكوينية
، أشدّ حياءً من الرجل, وعليه، فإن هذه الطبيعة الأنثوية الخجولة تعاطى معها القرآن الكريم بأدب بالغ و مميّز، حين قدّم التشريعات الخاصة بالمرأة بمفردات موجزة, ظاهرها لا يخدش حياء المرأة, وباطنها ينصّ على الأحكام الإلهية.وفي هذا الإطار، يقول الله تعالى في كتابه العزيز عن موضوع الأمر بالستر والحجاب يا أيّها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين، فقدّم جلّ وعلا الستر والحجاب في القرآن كدليل على الصلاح والعفة تُعرف به المؤمنات، فلا يتعرّض لهنّ بالقول أو الفعل المؤذي من لايردعه دين أو خُلق.هكذا، راعى القرآن الكريم خصوصية المرأة من حيث كونها عامل جذب تكويني للرجل، فكان أن أمرها بالستر عن الأجانب من الرجال، دون الإشارة إلى موارد الفتنة الكامنة فيها.كما يقول الله تعالى في نفس السياق التأديبي والأدبي فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، ما يوضح أن ترقيق الكلام وتليينه والدلال فيه يدعو الرجل للريبة، فيطمع من في قلبه ضعف ويذهب به ظنه إلى الفحشاء, فكان الأمر الإلهي هذا بغاية اللطف والدقة.الى ذلك، يتحدث القرآن الكريم في الكثير من آياته المباركة عن الزواج، الذي هو سنة الله في خلقه, حيث بيّن الأدب الإلهي أن الزواج هو مما أمر به سبحانه وتعالى تكوينياً من أجل التناسل وحفظ النوع الإنساني, وبيّن أنه رباط مودة ورحمة لا عقد تجارة. ومن نتاج الزواج تلك العلاقة الخاصة بين الزوجين، التي قدّم القرآن أحكامها، مستخدماً مفردات غاية في الأدب والإيضاح، بعيداً عن اللغو الكلامي أو التفصيل المؤدي لخدش الحياء, بل استعمل ألفاظا توصيفية راقية لبيان هذه العلاقة الخاصة كالمباشرة والمس والإتيان وغيرها.وفي هذا المعرض، يقول الله تعالى في محكم كتابه نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم، والحرث هنا بمعنى الزراعة، إذ شبه كتاب الله العلاقة الخاصة بين الزوجين بالحرث، مبيّناً أن النساء بالنسبة إلى المجتمع الإنساني كالحرث بالنسبة إلى الأرض , فكما الحرث يحتاج الى إلقاء البذور وحفظها لتنمو، فكذلك النساء يحتاج إليهن النوع الإنساني لاستمرار البشرية.
وفي كتابه العزيز، يقول الله تعالى أيضاً أُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهن, والرفث في اللغة إشارة إلى ما يُستقبح ذكره من ألفاظ عن مباشرة النساء, فاستعملها القرآن الكريم تأدباً, ثم شبه العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة باللباس الذي يستر به الإنسان بدنه عن الآخرين، وعليه يمنع كلّ من الزوجين الطرف الآخر من الفساد والانحراف.أما في الآيات المتعلقة بأحكام الطلاق، فقد وردت أكثر من مرّة عبارة ما لم تمسّوهن، والمسّ كناية عن الإشارة إلى العلاقة الزوجية الخاصة, وفي آية مباركة أخرى يقول الله تعالى المطلقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء، والتربّص هو الإنتظار وحبس النفس, وفي ذلك أيضاً مراعاة للحياء لدى المرأة، لناحية عدم تمكين الرجال من نفسها خلال مدة العدة، منعاً لاختلاط الأنساب.كما عرض القرآن الكريم بأدب بالغ الحالة الشهرية التي يراها كلّ النساء، وجاء ذلك في الآية الكريمة ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله, ما يشير الى أن المرأة خلال مدّة الحيض تكون عرضة لحالات نفسية قد تؤثر في صفاء نفسها، فلا يكون لديها قابلية الانسجام مع الزوج , كما أن هذه الحالة قد تسبب نفوراً لدى الأخير, وقد أثبت الطبّ أن المباشرة أثناء هذه الحالة يخلّ بنظام تطهير الرحم وإعداده للحمل، لذلك كان الأمر الإلهي بالإعتزال حتى يطهرن , وكانت عبارة هو أذى دليل على الحالة المرضية لدى المرأة، دون الدخول في تفاصيلها المُحرجة
أما قوله تعالى فالآن باشروهن بعد أن يتطهرن هي كقوله تعالى فأتوا حرثكم أنى شئتم.إذا كان الخطاب الإلهى قد اهتم بخصوصية الحياء عند المرأة, حتى في مورد بعض الأحكام الشرعية، فحريّ بنا نحن معشر النساء أن نتحلى بالعفة والطهارة، ذلك أن حياء المرأة الفطري قيمة من أروع القيم الإنسانية, وعفتها بمثابة مكابح في وجه الانحراف والانزلاقات الضاغطة تحت مسميات وهمية لا تًرى في المرأة إلا دمية.
التعلیقات