تكافل الجار (١)
عباس ذهیبات
منذ 9 سنواتيعتبر الجار من ضمن الدائرة المكانية القريبة المشمولة بالرعاية الاجتماعية ، فالاهتمام بالجار
بمثابة حجر آخر في بناء قاعدة صلبة للتكافل الاجتماعي ، من هنا يدرج القرآن الجار ضمن قائمة الفئات القريبة المطلوب أن يُحسن إليها ، قال تعالى : ( وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) (١). ويلاحظ هنا أن القرآن قد أشار إلى صنفين من أصناف الجار ، وهما : الجار ذو القربى والجار الجُنُب ، ومعناهما : الجار القريب في النسب ، والجار الأجنبي الذي ليس بينك وبينه قرابة (٢).
وهنا تجد أن القرآن يأمر بالإحسان للوالدين ثم للأقارب والأرحام ، ثم اليتامى والمساكين ، ولو أنهم أبعد مكاناً من الجار ، لأن اليتيم فقد الناصر والمعين ، ولأن المسكين وهو ـ هنا ـ الضعيف العاجز عن الكسب لا ينتظم حال المجتمع إلاّ بالعناية به. ثم تصل النوبة إلى الجار سواءً القريب منه ( الجار ذو القُربى ) أو البعيد ( الجار الجُنُب ) ولكن تنطبق عليه صفة / الجار من الناحية المكانية. ولا ينحصر الإحسان بإعطاء المال ، بل يشمل الرّفق به والتواضع معه ، والسعي في قضاء حوائجه ، وتقديم النصح والمشورة له ، وكتمان سره ، وغض الطرف عن عثراته وعوراته ، وعدم إشاعة السيئات عنه ، وإعارته أدوات المنزل وما إلى ذلك ، وعلى أية حال ، فإن الأمر بالإحسان إلى هؤلاء ندب لافرض.
وتتبدى أهمية الجوار في دعوات الرسول صلىاللهعليهوآله الملحّة والمتكررة الداعية إلى التعاطف والتكافل مع الجيران وإسداء العون والمساعدة لهم واعتباره ذلك من ضمن لوازم الإيمان ، قال صلىاللهعليهوآله : « ما آمن بي من بات شبعانَ وجاره المسلم جائع ، وقال : وما من أهل قرية يبيت فيهم جائع ينظر الله إليهم يوم القيامة » (3) وورد الخبر من طريق آخر عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بتفصيل أكثر ، وفيه : « ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعان وجاره جائع ، فقلنا : هلكنا يا رسول الله ، فقال صلىاللهعليهوآله : من فضل طعامكم ، ومن فضل تمركم وورقكم وخلقكم وخرقكم ، تطفئون بها غضب الربّ » (4).
************************
(١) سورة النساء : ٤ / ٣٦.
(٢) مجمع البيان في تفسير القرآن ٢ : ٩٨ ، منشورات دار مكتبة الحياة ـ بيروت.
(3) اُصول الكافي ٢ : ٦٦٨ / ١٤ باب حقّ الجوار من كتاب العشرة.
(4) وسائل الشيعة ١٧ : ٢٠٩ / ١ باب (٤٩) ما ينبغي للوالي العمل به في نفسه ، تحقيق مؤسسة آل البيت : ، ط ٢.
التعلیقات