آداب بذل المال في سبيل الله(٤)
عباس ذهیبات
منذ 9 سنواتوروى أبو إسحاق الهمداني أنّ امرأتين أتتا عليّاً عليهالسلام ، إحداهما من العرب ،
والأخرى من الموالي ، فسألتاه فدفع إليهما دراهم وطعاماً بالسواء ، فقالت إحداهما : إنّي امرأة من العرب وهذه من العجم ، فقال عليّ عليهالسلام : « والله لا أجد لبني إسماعيل في هذا الفيء فضلاً على بني إسحاق » (٣).
وعموما فقد كان أئمة أهل البيت : يحثّون أتباعهم على بذل الأموال سواءً المفروض منها أو المستحب ، ويكشفون لهم الحكمة من وراء ذلك ، والفائدة المرجوّة ، قال الإمام الصادق عليهالسلام لعمّار الساباطي : « يا عمّار أنت ربّ مال كثير ، قال : نعم جعلت فداك ، قال : فتؤدي ما افترض الله عليك من الزّكاة، فقال : نعم ، قال : فتصل قرابتك ؟ قال : نعم ، قال : فتصل إخوانك ؟ قال : نعم ، قال عليهالسلام : يا عمّار ، إن المال يفنى ، والبدن يبلى ، والعمل يبقى ، والدّيان حيّ لا يموت. يا عمّار ، أما أنّه ما قدمت فلن يسبقك ، وما أخرّت فلن يلحقك » (١).
ولما كان البخل والشح يكبحان طريق الإنفاق ، عَمَلَ أهل البيت : على التسامي بنفوس أتباع مدرستهم وحثهم على قلع جذور البخل من خلال التكافل ، لكي ينجحوا في الابتلاء ويجتازوا الامتحان.
عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ، قال : « ما بلى الله العباد بشيء أشدّ عليهم من إخراج الدّراهم » (٢).
وكان أمير المؤمنين عليهالسلام يشنع أشد التشنيع بالشحيح ، ويعتبر الشحّ أقبح من الظلم ، يروى أنه عليهالسلام سمع رجلاً يقول : إنّ الشحيح أعذر من الظالم ، فقال له : « كذبت ، إنّ الظالم قد يتوب ويستغفر ويردّ الظلامة إلى أهلها ، والشّحيح إذا شحّ منع الزّكاة والصّدقة وصلة الرّحم وقري الضّيف والنفقة في سبيل الله ، وأبواب الخير ، وحرام على الجنّة أن يدخلها شحيح » (٣).
*********************
(٣) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ٢ : ٢٠٠ ، دار إحياء الكتب العربية.
(١) الكافي ٣ : ٥٠١ / ١٥ باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق ، من كتاب الزكاة.
(٢) الخصال / الشيخ الصدوق : ٨٠.
(٣) الكافي ٤ : ٤٤ / ١ باب البخل والشحّ ، من كتاب الزكاة.
التعلیقات