الانفاق وغفران الذنوب
عزّ الدين بحر العلوم
منذ 9 سنواتالأجر في الآخرة على الانفاق فقد اختلفت الآيات في طريقة الاخبار به ، ففي بعضها نرى أنها تعد
بالمغفرة فقط حيث قال سبحانه :
( إن تقرضوا الله قرضاً حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم ) (١).
وليس هذا الجزاء بالشيء القليل حيث يحصل المنفق من وراء إنفاقه أن يغفر الله ذنوبه ، بعد هذا له من الله الشكر على ما قدم للمحرومين في هذه الحياة.
أما البعض الآخر : فأنها تطرقت لذكر الأجر من غير تفصيل لنوعية الأجر فقالت :
( إن المصدّقينَ والمصدّقاتِ وأقرضُوا الله قرضاً حسناً يضاعَفُ لهم ولهم أجرٌ كريمٌ ) (٢).
( وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسنا وما تقدّموا لأنفسكم من خيرٍ تجدوه عند هو خيراً وأعظم أجراً ) (٣).
ولكن هذا الأجر يأتي في آيات أخرى وقد بانت نوعيته فقال سبحانه :
( وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزّرتُمُوهُم وأقرضتم الله قرضاً حسناً لأكفّرَنَ عنكم سيّئاتكُم ولاُدخلنَّكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهارُ ) (4).
( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم * يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم ) (5).
وهذا هو الجزاء الأخروي تعرضه الآيتان فيهما ما يحفز المنفق على الاسراع بهذا النوع من العطاء ليحصل على هذا النعيم الأبدي.
( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ).
أي نور هذا الذي يلف هؤلاء المؤمنين فيأخذ اشعاعه بالأبصار ؟.
وأي نور هذا الذي يميزهم عن بقية الناس في ذلك اليوم ؟.
انه نور جللهم الله به وأضفاه عليهم !
وهل يكتفي العلي القدير بهذا التقدير ، وهذا القدر من الجزاء ؟.
ويأتينا الجواب واضحاً تضيفه تكملة الآية الشريفة في قوله تعالى :
( بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم ) (6).
يناديهم المنادي ويبشرهم بهذه الجنات جزاء عملهم ، وقد شهد الله لهم بأن ذلك هو الفوز العظيم.
*****************************
(١) سورة التغابن / آية : ١٧.
(٢) سورة الحديد / آية : ١٨.
(٣) سورة المزمل / آية : ٢٠.
(4) سورة المائده / آية : ١٢.
(5) سورة الحديد / آية : ١١ ـ ١٢.
(6) سورة الحديد / آية : ١٢.
التعلیقات