الإنفاق بدون تبذير
عزّ الدين بحر العلوم
منذ 9 سنوات
ولا يقتصر الايصاء من القرآن على الاعتدال في الإنفاق من حيث القلة والكثرة
، بل هناك جهة أخرى لابد من رعايتها ، وهي عدم التبذير فقد قال سبحانه :
( وآت ذي القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراً * إن المبذرون كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ) (1).
قال في المجمع التبذير التفريق بالاسراف ، وأصله أن يفرق البذر إلا أنه يختص بما يكون على سبيل الافساد. وما كان على سبيل الإصلاح لا يسمى تبذيراً وان كثر (2).
وهذه النقطة لابد من ملاحظتها ورعايتها لأن النتائج المترتبة على التبذير أخطر من النتائج التي تترتب على الاسراف في الانفاق والذي عبر القرآن عنه بالوقوع بالتهلكة ، أو في الآية المتقدمة أن المسرف يقعد ملوماً محسوراً.
وذلك لأن الاسراف لا يخلف إلا الضرر على المنفق ، ومن يرثه حيث صرف المال كله وجلس معدماً محسوراً ، أما المبذر فإنه لا ينفق المال في حقه.
« وعن مجاهد لو انفق المال في باطل كان مبذراً ».
وفرق كثير بين إنفاقه كله وعلى الأخص لو كان في سبيل الله وبين إنفاقه في الباطل.
ولذا رأينا الآية الكريمة قالت عن المبذرين إنهم.
( كانوا إخوان الشياطين ) :
لأنهم لا ينفقون مالهم في الحق ، وفي طريق الخير ، ولذا كانوا إخواناً للشياطين وليتبوأ مقعده في النار من كان اخاً للشيطان وقريناً له.
أما المسرفون : فلم يرد فيهم مثل ذلك بل أقصى ما جاء فيه ان يدخل الضرر على نفسه فيقعد ملوماً محسوراً.
**************************
(1) سورة الاسراء / آية : ٢٦ ـ ٢٧.
(2) لاحظ مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية.
التعلیقات