السكتة الدماغية: الوقاية والعلاج
مجلة الزهراء عليها السلام
منذ 8 سنواتهناك بعض العوامل الخطرة المرتبطة بحدوث السكتة الدماغية لا يملك الإنسان حيالها أي شيء، ولا يستطيع أن يغير من طبيعتها، كالتقدم في السن والتاريخ العائلي للمرض. لكن أغلب العوامل الخطرة ـ لحسن الحظ ـ هي مما يمكن التحكم فيه ومعالجته. من تلك العوامل:
• ارتفاع ضغط الدم: يعد ضغط الدم مرتفعاً إذا تجاوز الضغط الانقباضي 160 والضغط الانبساطي 90 . وتشير الدراسات إلى أن حوالي 40% من حالات السكتة الدماغية ترجع إلى ارتفاع ضغط الدم. أولى خطوات علاج ارتفاع ضغط الدم تغيير نمط المعيشة، وممارسة العادات الصحية الجيدة كالتقليل من الملح والدهنيات في الطعام، وتخفيف الوزن، وممارسة الرياضة. وقد تكفي تلك الوسائل عن العلاج بالعقاقير أو تقلل من الجرعة اللازمة للتحكم في المرض. وقد ثبت من عدة دراسات علمية نشرت نتائجها مؤخراً أن التحكم الجيد في ضغط الدم يقلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 35% .
• التدخين: يتعرض المدخن لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة تزيد 50% عن غير المدخن. وأثر التدخين يأتي من دوره في الإصابة بتصلب الشرايين وزيادة قابلية تخثر الدم.
• أمراض القلب: بالإضافة إلى مرض تصلب الشرايين وهو أحد أمراض القلب والأوعية الدموية، فإن هناك أمراضاً أخرى كفشل القلب ومرض الصمامات، وجلطة القلب، ورجفان القلب تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. فجميع هذه الأمراض تقلل من قدرة القلب على ضخ الدم بصورة طبيعية، وبهذا يتعرض للتخثر بسرعة فتنشأ خثرة الدم التي تؤدي إلى انسداد الشرايين. المصابون بهذه الامراض يحتاجون في الغالب إلى أدوية مسيلة للدم تمنع التخثر، وقد يحتاجون إلى تناولها لفترات طويلة.
• وهناك عوامل أخرى ترتبط بالسكتة الدماغية مثل داء السكري وارتفاع معدلات الدهون في الدم ، ولكن مع العلاج يمكن تفادي ذلك الخطر بإذن الله.
إن معرفة الشخص للعوامل الخطرة التي يحملها ثم معالجتها بالطريقة المناسبة هي ما يمكن عمله، ونعني بذلك تغيير العادات الصحية الضارة.
كالتوقف عن التدخين، والتقليل من الدهون في الوجبات الغذائية، ثم زيارة الطبيب وإجراء الفحوصات ومن أهمها قياس ضغط الدم. كما يمكن للطبيب فحص الشرايين السباتية في العنق ومعرفة ما إذا كان هناك أي تضيق لأنها من العوامل المؤدية لحدوث السكتة الدماغية، وإذا شك الطبيب في وجود أي تضيق فيمكن حينئذ عمل أشعة صوتية تعطي نتيجة قاطعة حول هذا الأمر.
ماذا بعد حدوث السكتة؟
يعتمد علاج السكتة الدماغية على السبب الذي أدى إلى حدوثها، هل هو انسداد أم نزيف في شرايين المخ. وعادة يمكن عن طريق الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي معرفة ذلك. فإذا كانت السكتة الدماغية انسدادية فإن العلاج يشمل الأدوية المسيلة للدم التي تمنع التخثر، وبالتالي تمنع حدوث تجلط آخر سواء في المخ أو أي عضو آخر من أعضاء الجسم. ومن الأمور العلاجية المهمة كذلك. عند حدوث السكتة الدماغية، التحكم في ضغط الدم. فقد يكون سبب السكتة الدماغية ارتفاع حاد في ضغط الدم، وربما أدى ذلك إلى مضاعفات أخرى غير السكتة الدماغية مما يهدد حياة المريض. ولابد من أن يكون علاج ذلك بالتدريج، بحيث يعود ضغط الدم إلى المستوى الطبيعي تدريجياً وببطء ، لأن الانخفاض الحاد يحمل مضاعفات كذلك.
الجانب الآخر من العلاج هو العلاج التأهيلي الذي يهدف إلى معالجة مضاعفات السكتة الدماغية، وهو يختلف من حالة لأخرى. وكما سبق فإن مضاعفات السكتة الدماغية إنما هي بحسب الجزء المصاب من المخ، وعادة ما يكون جزءاً صغيراً. ينقسم المخ كما هو معلوم إلى نصفين: أيمن وأيسر، ومع أن كلا النصفين يشتركان في بعض الوظائف والمهام إلا أن كل واحد منهما يحتوي على مراكز مختلفة للتحكم في وظائف الجسم تختلف عن النصف الآخر. فمثلاً الجزء الأيمن من المخ عندما يصاب بالسكتة الدماغية فإن المريض قد يعاني ضعفاً أو شللاً في العضلات، مع فقد البصر والإحساس في الجزء الأيسر من الجسم. واما الجزء الأيسر من المخ ففيه مركز النطق، وهذا يعني فقد القدرة على الكلام إذا ما أصيب ذلك الجزء من الدماغ. مضاعفات السكتة الدماغية قد تخف ثم تزول تدريجياً دون أي آثار. وربما يحدث بعض التحسن ولكن تبقى مضاعفات دائمة.
في الأسابيع الثلاثة الأولى من حدوث السكتة الدماغية يستعيد بعض المصابين بسرعة قدراتهم ويعودون إلى ما كانوا عليه قبل حدوث المرض والبعض الآخر قد يحتاج إلى وقت أطول من ذلك. لكن إذا لم يحدث تحسن خلال عدة أشهر من حدوث السكتة الدماغية فإن المضاعفات تلازم المريض بقية حياته.
وهذا لا يعني أن المريض يبقى عاجزاً أو معاقاً بقية حياته، فإن برامج التأهيل شهدت تطوراً كبيراً وربما ساعدت المريض على تخطي الإعاقة، سواء كان ذلك ضعفاً في النطق أو الحركة أو الإحساس. ويعتمد هذا بشكل كبير على نفسية المريض ورغبته في تخطي حاجز المرض. لا يهدف العلاج التأهيلي إلى إعادة المريض إلى سابق صحته وقدرته، وإنما يسعى إلى مساعدة المريض على التكيف مع ظروفه الجديدة وقدراته التي تغيرت بعد حدوث المرض. وأول ما يجب الاهتمام به في العلاج التأهيلي هو تعريف المريض وتدريبه على القيام بشؤون نفسه دون الحاجة إلى الآخرين مثل الأكل والشرب والتحرك داخل المنزل، وغيرها من الأنشطة اليومية.
التعلیقات