مسؤوليات الآباء
مجلة الزهراء عليها السلام
منذ 8 سنواتجعل الدين الإسلامي المبين من واجبات الآباء إعانة الأبناء في اختيار العمل ووضعهم في الموضع الصالح المناسب، وهذا حق من حقوق الأبناء على الآباء في الإسلام لابد على الآباء اداءه.
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): (يا عليُّ حقّ الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه ويضعهُ موضعاً صالحاً).(1)
الفخر في العمل
لا تتحدد أهمية العمل وتحمل المسؤولية في تأمين لقمة العيش ومواصلة الحياة فحسب، بل أنه سبب للعز والكرامة الإجتماعية ومن العوامل المؤثرة في الثقة بالنفس وتوكيد الشخصية.
فالشاب الذي يعمل ويدر عليه عمله دخلاً خاصاً به يرى في نفسه الإستقلالية وامتلاك الحرية ويشعر في باطنه بالفخر ويعطي لنفسه الحق لاظهار وجوده في المجتمع باعتباره عضواً نافعاً ومؤثراً فيه.
يقول موريس دبس: للعمل واختياره دور مباشر في اثبات شخصية الشاب، لان ذلك من علائم حريته وقدرته منذ الان على استخدام وسائله الشخصية لمواصلة الحياة. ولهذا فإن الحصول على المال لأول مرة يكون لذيذاً ومريحاً، وبالنتيجة يجد الإنسان في نفسه قدرة الإعتماد عليها وينتشى حتى قمة رأسه.
أعرف شباباً كانوا على استعداد لوضع كل اجورهم بتصرف اسرهم عن طيب خاطر، لكنهم لم يكونوا يطیقون نظرة الأسرة إلى هذا الموضوع على أنه أمر طبيعي وعادي.
والشاب الجامعي الذي لم يكسب المال بعد ويحتاج إلى مساعدة الآخرين، غالباً ما يشعر بنوع من الضعة والذل الخفي، وهو يرضى على الأقل بهذه اللذة والسعادة بأن ينفق ما في جيبة حسب ميله.(2)
العمل وتعزيز الشخصية
مع اهتمامهم بالجانب المادي للعمل لتأمين المعاش وادارة الحياة وتوصياتهم إلى المسلمين بهذا الشأن،اهتم الأئمة (عليهم السلام) بالجانب المعنوي أيضاً وعدّوا العمل والسعي وسيلة لاستقلال الشخصية وتعزيز مكانتها وسبباً للعز الإجتماعي والاستغناء عن الناس.
عن زرارة، عن الإمام الصادق (عليه السلام): ان رجلاً اتاه فقال: انني لا اُحسن ان اعمل عملاً بيدي ولا أحسن أن اتجر وأنا محارف محتاج. فقال: أعمل وأحمل على رأسك واستغن عن الناس.(3)
وروى عن العالم الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه قال: (اليأسُ ممّا في أيدي الناس عزّ المؤمن في دينه ومُرُوّتهُ في نفسه وشرفه في دنياهُ وعظمتهُ في أعين الناس وجلالتهُ في عشيرته ومهابتهُ عند عياله وهو أغنى الناس عند نفسه وعند جميع الناس).(4)
الأعمال المشروعة
يحسن بنا أن نقول: إن حث الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من بعده على العمل وبذل الجهد والتشجيع عليه، يأتي في اطار الأعمال المشروعة والمشاغل المفيدة التي تحتوي خير المجتمع وصلاحه، والّا فإن الاعمال التي تلحق اضراراً بالجسم والنفس والاخلاق العامة وتجافي الكرامة وعزة النفس لا يمكنها ابداً أن تبعث على الفخر وتؤدي إلى العز والكرامة الاجتماعية.
فالذي يرتزق من الارتشاء والتملق. والذي يؤمّن لقمة عيشه بطريق الزنا واللواط أو تأسيس بيوت الدعارة.. والذي يعتاش على القمار وما تدره عليه أو على بيع المشروبات الكحولية وعلى بؤس الناس وشقاءها.. والذي يدير عجلة حياته بالطرق اللامشروعة، فإنه ليس فقط لا يحصل على الشخصية الحرة الكريمة، بل أن الأعمال المنحطة الذميمة تجعل منه وضيعاً وتحطم شخصيته الإنسانية وتطبعه بصفات مذمومة.
1- بحارالأنوار 18:17.
2- فاذا أعلم؟ البلوغ: 78.
3- المحجة البیضاء143:3.
4- سفینة البحار، «غنی»: 327.
التعلیقات