الأم والتكريم الإلهي
موقع فاطمة
منذ 8 سنواتبسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
ترى هل هناك ما هو أعظم على مستوى التكريم... قرار من الله تبارك وتعالى يلزم نساء الأمة ورجالها بأن عليهم أن يتمثلوا خطوات تلك الأم التي أسلمت نفسها حقا لله.. ومضت تهرول باحثة عن الماء والغذاء لولدها دون سخط أو تذمر بعد أن خرجت من ضغط المشكلة إلى أفق المهمة وراحت تعيش بكل وجودها فرح التلبية, فرح النهوض والثقة واليقين.
وهناك في بيت الله.. يشهد المسلمون التكريم الذي أحاط به تعالى نهوض تلك الأم, التي انتدبت لجليل الدور فنهضت به كاملاً, وحيث كان سعيها بداية التمهيد لظهور خاتم الأنبياء محمد (ص) في تلك البقعة المباركة, خطوات أم جعلت في صميم فريضة هي من أهم فرائض الإسلام.. وهذا هو التكريم الإلهي للأم وأين منه تكريم البشر, ذلك أن هذا التكريم من الخالق جل وعلا, إنما هو تكريم لكل أم تعيش الوعي, والامتثال والنهوض الذي كانت عليه أم إسماعيل.
وإنّه ترسيخا لدور الأم العظيم في المجتمع الإنساني تكرر التكليف الإلهي.. وكان أن عهد تعالى لأم موسى بمهمة إنقاذ الوليد المدخر لإحدى الرسالات الكبرى, وكلفها برعايته والإشراف عليه «وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون*فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون» (القصص 12/13)
ومن ثم عهد تعالى إلى أم عيسى (ع) بوليدها الذي كانت وإياه "آية للعالمين".. إذ يبرز لنا القرآن الكريم جهاد تلك الأم الطاهرة عبر صور من الكفاح الصابر الذي تخللته مواقف مثقلة بالشجاعة والثبات والرضى: «وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا*فكلي واشربي وقري عينا فإما ترينّ من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا* فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا*يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا*فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا*قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا*وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا* وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا* والسّلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» (مريم25/33)
وبعد هذا يأتي دور آمنة.. في ختام هذا الموكب الرائع لأمهات الأنبياء لتكون أم الرسول المصطفى واليتيم محمد (ص), وحيث بقي طيفها الحاني بيصحبه طوال مراحل جهاده العظيم.. يمده بأعمق عواطف الرحمة والحنان.. إذ يروى أنه (ص) لما مر بالإيواء في عمرة الحديبية قال:"إن الله أذن لمحمد بزيارة قبر أمه" فأتاه وأصلحه, وبكى عنده وبكى المسلمون لبكائه فقيل له في ذلك, فقال(ص) :"أدركتني رحمتها فبكيت".
هذا هو دور الأم في مسيرة الأنبياء.. وهذه هي مساهمتها, فالتكليف الذي اختاره الله لها لإعداد فريق من الأنبياء دون مشاركة الآباء ليس صدفة.. وإنما شاء العليم الخبير أن يلفت إلى طاقات الأم وقدراتها.. وأن باستطاعتها لا أن تنهض بدورها الطبيعي وحسب، وإنما إلى هذا تستطيع أن تعوض الإنسان الوليد فقدان الأب أو غيابه, فرسالة الإسلام كما هو واضح ارتفعت بالأم من دائرتها الضيقة في الأمومة إلى أفق عال من المكانة السامية والمسؤولية, فجعلتها من جهة تعيش منزلة الأمومة الواهبة للحياة, ومن جهة ثانية تعيش منزلة العامل على إعمار الأرض بإيجاد الإنسان المؤمن الصالح, الذي هو عماد المجتمع الصالح والأمة الصالحة..
التعلیقات