المرأة عند العرب في الجاهلية
السيّدة مريم نور الدّين فضل الله
منذ 11 سنةلنلقي نظرة خاطفة على حالة المرأة العربية في الجاهلية قبل الإسلام ، وكيف كانت تعامل في ذلك العهد ، وما هي مكانتها الاجتماعية.
كانت المرأة العربية في الجاهلية ، أحط من أي سلعة فهي لا ترث وليس لها حق المطالب
ة ، لأنها لا تذود عن الحمى في الحرب ، وزواجها يرجع إلى أمر وليها ، وليس لها حق الاعتراض ولا المشورة حتى أن الولد يمنع أرملة أبيه من الزواج حتى تعطيه جميع ما أخذت من ميراث أبيه ، هذا إذ لم يضع ثوبه عليها قائلاً : ورثتها كما ورثت مال أبي.فإذا أراد أن يتزوجها ـ تزوجها هو بغير مهر ، أو زوجها لغيره وتسلم هو مهرها
ومن جملة قولهم للعروس عند زفافها اذهبي فإنك تلدين الأعداء وتدنين البعداء.
والعرب مثل غيرهم من الشعوب القديمة ، كانوا يفرحون إذا ولد لهم ولد ذكر ، ويغتمون إذا ولدت لهم انثى ، وكان الرجل العربي الجاهل يصاب بضيق صدر ، وهمّ بالغ ، إذا قيل له إن زوجته وضعت انثى وقد أشار الباري سبحانه وتعالى بقوله إلى هذا : ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ )
كان العدل والحق في زمن الجاهلية ، هو بجانب صاحب القوة ( كما في زماننا الحاضر ) وصار القوي المنيع هو صاحب الحق في الغالب.
ولما كان الرجل بتركيب جسمه الطبيعي وفطرته أقوى من المرأة منح نفسه حق سن الأحكام عندها صار الحق في الجاهلية في جانبه ورفع نفسه عنها في أكثر الأحكام وحرمها ميراثها وقايضها بديونه.
يقول الدكتور جواد علي: وفي زواج البدل ، وفي منع المرأة من الزواج إلا من قريبها لوجود حق الدم عليها ، وفي منع زواج زوجات الآباء إلا برضى ابناء الأب وذوي قرابته ، لأنهم أحق بالزواج منها. وغير ذلك من سنن الجاهلية التي كانت توحي إليهم أن المرأة دون الرجل في الحقوق ، لأنها خلقت دون الرجل في القوة ، ولم يكن أمامها بالطبع إلا الاستسلام.
ولما جاء الإسلام حرَّم كثيراً من هذه السنن ، التي لم يكن أهل الجاهلية يرونها تنافي العدالة. وقد ورد أنَّ ( كبشة بنت معن بن عاصم ) امرأة ( أبي قيس بن الأسلت ) انطلقت إلى الرسول فقالت : « إن أبا قيس قد هلك ، وإنَّ ابنه من خيار الحمى قد خطبني. » فسكت الرسول (ص) ثم نزلت الآية ( وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ ) فهي أول امرأة حرمت على ابن زوجها
روي عن ابن عباس أنه قال : ( إذا مات الرجل وترك جارية ، القى عليها حميمه ثوبه ، فيمنعها من الناس ، فإن كان جميلة تزوجها. وإن كانت قبيحة حبسها حتى تموت ) وظل هذا شأنهم إلى أن نزل الوحي بتحريم ذلك ( وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلاً )
هذا الظلم الفادح الذي كان ينزل بالمرأة بسبب ضعفها ، وبسبب عرف الجاهلية في حقها ، وأبشع العادات وأفظعها ، عادة وأد البنات التي تميَّز بها عرب الجاهلية ، وعدُّوها من المكرمات قال الشاعر :
القبر أخفى سترة للبنات
ودفنها يروى من المكرمات
التعلیقات