تزوج التي هويت
ياسر الشريعتي
منذ 8 سنوات
الغرض من الزواج هو السّكينة والمؤانسة بين الرجل والمرأة كما قال الله تبارك و تعالى: " وَمِنْ آیَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَیْهَا وَجَعَلَ بَیْنَكُم مَّوَدَّةً ورحمةً "،
(1) ولا يحصل المؤانسة بين الزوجين إلّا أن تكون بينهما رغبة ومحبة.
ويعتبر النكاح عقد دائمي بين الزوجين الرجل والمرآة اللذين يريدان العيش معا تحت سقف واحد على مدى العمر، ولكن كيف يكون العيش مع من لا نحب ولا نرغب اليه؟
نعم، كما أننا نعترف بل نخض لدور الوالدين في اختيار شريك حياة وتكوين أسس العائلة، وهذا أمر لا يُنكَر، وقد أعطى الله سبحانه وتعالى اختيار زوج البنت بيد الوالد، وأن الولي له التحكم، ولكن هناك روايات وردت عن أئمة الأطهار (عليهم السلام) تشير إلى لزوم مراعاة رغبة الأبناء في الزواج، خصوصاً بالنسبة إلى الرشيدة من البنات فلا يحرمها تقرير مصير حياتها.
وهذا ابن أبي يعفور وهو أحد أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) فيدخل ذات يوم على الإمام (ع) يستشيره في هذا الأمر قائلاً: إني أريد أن أتزوج إمرأة و إن والدي يرغبون في غيرها. قال (عليه السلام) : "تزوج التي هويت ودع التي هوى أبواك". (3)
فجميع هذه المرويات تنبهنا على أنّه لا يحصل المؤانسة التي هي أهم دعاوي النكاح إلا عبر الطلب والرغبة.
وفضلاً عما تقدم فإنّ الإكراه على المبادرة في هذا الجانب يثير الانزجار والكراهية على نحو لا يرى الشخص الجوانب الإيجابية للفعل، ويحسبه مضرّاً بتاتاً.
وإن افترضنا أن الزوجين يصلحان للآخر، وهما من جميع الأبعاد والزاويا مما يليق بهذا البنيان المرصوص إلاً أن تدخل قضيتة الجبر والإكراه يناهض الوصول إلى تلك الحياة السامية ذات الجوانب الخصبة من المودة والمؤانسة التي يروم الزوجان لتحقيقهما في حياتهما الزوجية.
فعلى الوالدين مراعاة متطلبات أولادهم في النكاح وعلى الأولاد مراعاة جانب الأدب في إرضاء والديهم ورعاية احترامهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. الروم، 21.
2. الاشعري، النوادر، ص 131 ح 336، بحار الأنوار، ج 100 ، ص 378.
3. المجلسي، بحار الأنوار، ج 100، ص 235.
هذه المقاله ماخوذة من كتاب "التربية الجنسية في الكتاب والسنة" للشيخ علي نقي الفقيهي
التعلیقات