الإحسان محور العلاقة الأسرية
موقع الوارث
منذ 7 سنوات
(وَقَضَى رَبُّكَ اَلاَّ تَعْبُدُوا إِلآَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَهُمَآ اُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا
وَقُل لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)
نحن في الدنيا حلقة قبلها كانت حلقات، وبعدها ستكون حلقات؛ إنها سلسلة الوجود البشري منذ آدم الأول وحتى قيام الساعة.
فماذا نفعل تجاه آبائنا وأمهاتنا، مع الأخذ بنظر الاعتبار أننا سنكون فيما بعد أباً أو أماً؟..
ربنا تبارك وتعالى يؤكد علينا ضرورة وصل وربط هذه العلاقة بين الحلقات البشرية المشار إليها آنفاً، بل ويسمو بها إلى حد يذكرها بعد الإشارة المباشرة إلى أهليته للعبادة وحده فيقول: (وَقَضَى رَبُّكَ اَلاَّ تَعْبُدُوا إِلآَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً).
فإذا كانت العبادة لله، فإن الإحسان للوالدين، ويبقى هذا الاحسان ملازماً للعلاقة بين الولد ووالديه حتى وإن جاهداه على أن يشرك بالله؛ فهو مأمور بعدم إطاعتهما في هذا المجال، وبمعاشرتهما بالمعروف في الوقت نفسه.
إن من الخطأ الفاحش أن يبني المرء علاقته بوالديه على أساس الربح والخسارة، وعلى أساس التفكير النفعي، بل عليه التفكير بأن أمه قد حملته وهناً على وهن، وأن والديه هما الوسيلة التي جاء عبرها إلى الدنيا، ولولاهما لما سنحت له الفرصة في دخول جنان الله الأبدية.
فليس من الصحيح أن يعرف المرء أن أمه قد حملت به وأرضعته خلال ثلاثين شهراً أو أكثر، وأنها قد أعطته من روحها ودمها وطاقتها؛ أن يعرف كل ذلك ويتصوره ثم يفكر بماذا يمكن أن ينتفع بها حينما يتقدم بها العمر.
إن المنطق والوجدان يدعوان المرء أن يهجر الفكرة النفعية، ويتوجه إلى فكرة الإحسان التي أمرنا الله بها.
فالأب يمثل خلاصة التأريخ للأسرة، وخلاصة لتطلعاتها. ولذلك فقد جاء في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام بأنه قال " رأي الشيخ أحب إليَّ من جلد الغلام"
لأن الشيخ يختصر التأريخ والتطلعات والتجارب النافعة لابنائه وحفدته، فقد تنقذ تجربة واحدة من تجاربه الأسرة أو فرداً من افرادها من الموت الزؤام.
ومن هنا؛ فإن المؤمنين يحتفظون بالعلاقة الإيجابية بين الأجيال، وليسوا ممن يعتقدون بأن كل جيل يجب أن يفكر بنفسه وذاته فقط.
وعلى المرء أن يعرف بأنه إذا قطع علاقته بتأريخه الذي هو أبواه ، فإن أولاده سيقطعون علاقتهم به في يوم من الأيام، ولن يجد نفسه إلا في دار العجزة أو على قارعة الطريق، لأنه سيصبح -إذ ذاك- كائناً منبوذاً خارجاً عن نطاق الزمن.
وهناك قصة تؤخذ مأخذ الأمثال، تقول: أن أماً أعطت لابنتها مالاً لتشتري لجدتها وعاءً من الخشب، فسألتها: لماذا يا أمي ؟ فأجابت الأم: لأن جدتك تكسر الأوعية الخزفية. فذهبت البنت وابتاعت وعاءين. فسألتها الأم عن سبب ذلك، فقالت البنت: لقد اشتريت وعاءين، لأنك ستصبحين جدة عن قريب فتحتاجين للوعاء الخشبي الثاني!!
لقد جاءتنا الثقافة الغربية بأفكار خاطئة ؛ أفكار لا تتفق مع ثقافة الرسالة فهم فرطوا عقد الأُسرة والتأريخ، فتراهم ينبذون آباءهم وأمهاتهم إلى المراكز الصحية ودور العجزة وما أشبه، حتى يموتوا بغيضهم. ولكنهم يغفلون عن أن الزمن سرعان ما سيستدير عليهم، فيفرض عليهم العزلة والهجر كما فعلوا هم بآبائهم وأمهاتهم.
فحريٌّ بنا نحن المسلمين الرجوع إلى الدين الإسلامي الحنيف، فنحترم الآباء والأمهات ليكونوا محور علاقتنا الأُسرية، ووسيلة لتحقيق تطلعاتنا.
التعلیقات