شكر النعمة أو كفرها
موقع عبقات الأنوار
منذ 7 سنواتبِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.
يُعدّ المجتمع الإسلامي
ـ الذي حمل آخر مشاعل الهداية للبشرية ـ كباقي المجتمعات التي احتضنت الشرائع السماوية السابقة، من جهة إمكان تعرُّضه للانحراف والضياع؛ من هنا نجد أنّ التعاليم الدينية تؤكّد على هذه الحقيقة وتُحذّر أفراد المجتمع من مواجهة هذه العاقبة السيئة، قال تعالى: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾[1]، فهذه الآيات المباركة تُبيِّن بوضوح أنّ الإنسان مهما كانت النعمة مُغدقة عليه، إلَّا أنّه يبقى في معرض الانحراف والتّيه، وفي معرض الغضب والضلال، وهذه سُنّة إلهية جارية في كافة المجتمعات، لا ينجو منها إلَّا مَن استقام وهداه الله تعالى إلى الصراط المستقيم.
والمجتمع اليهودي ـ كما في بعض النصوص الروائيةـ من مصاديق ﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾[2]؛ مع أنّ الله تعالى قد أنعم عليهم، كما جاء ذلك في قوله }:﴿ بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾[3]. لكنهم كفروا بنعمة الله تعالى، وكانوا يحاربون الأنبياء والمرسلين، فنالهم الغضب الإلهي.
وأمّا ﴿الضَّالِّينَ﴾ فهم النصارى؛ إذ أنّهم لمّا أنعم الله عليهم، تمرَّدوا وضلّوا.
هذه هي حال المجتمعات، فكلما تمسّكت بطريق الحقّ؛ هداها الله، وكلما ابتعدت؛ غضب الله عليهم، وجعلهم من الضّالين.
والمجتمع الإسلامي ليس بمعزل عن هذه السنن الإلهية، فقد أنعم الله عليه بالإسلام وبنبي الرحمة، فمَن شكر كان من المهتدين، ومَن كفر بهذه النعمة كان من الضّالين أو من المغضوب عليهم، وعندما نلاحظ حالة المجتمع الإسلامي بعد رحيل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ؛ نجد أنّ تلك السُّنّة قد تكرّرت بأجلى صورها، وبلغت الانحرافات أقصاها، وهو ما تنبّأ به الرسول العظيم صلى الله عليه وآله ، حينما قال: ((لتتبعن سنن مَن كان قبلكم شبراً شبراً، وذراع بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضبٍ تبعتموهم))[4]. وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: ((لما قتل الحسين اشتد غضب الله على أهل الأرض))[5].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الفاتحة : 7.
[2] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار: ج1، ص 319.
[3] البقرة:40.
[4] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج8، ص151. واُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص266.
[5] الكافي، الكليني: ج1، ص 368.
التعلیقات