اصول تربية الأطفال في كلمات اهل البيت عليهم السلام
السيد حيدر الجلالي
منذ 6 سنواتبشكل عام للتربية أبعاد مختلفة يجب مراعاتها عند تطبيقها على الطفل؛ لأنّها مكمّلة لبعضها الآخر، فمثلاً كما يُصرف المبالغ على الطفل؛ لكي يترعرع جسدياً، كذلك لابد من وعيه وتثقيفه في الجانب العاطفي والذهني. فلا يمكن أن يتكامل شخصية الطفل
بأخذ جهة والإهمال في الجهة الأخرى.
الوصول إلى هذا الهدف السامي يحتاج إلى مقدمات منها: 1) عدم وجود الإكراه والإجبار في التربية، 2) لابد أن تكون العملية التربوية تدريجيةً لا متسرعةً.
إنّ فطرة الإنسان مخلوقة على الطهارة والإيمان، فلا يتغير بنفسه إلّا أن يتغير بأمور خارجية من أهمّها العائلة، فالعائلة لها التأثير الأكبر والأهم، حيث قال أبي عبدالله (عليه السلام): "عن أبي عبدالله (عليه السلام) عن أبيه قال: إنّا نأمر صبياننا بالصلاة إذا كانوا بني خمس سنين، فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين"،(1) فهذا الحديث يحثّ على وجوب التربية الإسلامية القرآنية.
توجد هناك أمور تربوية فنيّة، حيث مراعاتها تنتج إلى نمو الطفل إيجابياً، فعلى سبيل المثال: كثير ما يشتبه الآباء بأنّ طفلهم لم يكن مثل طفل آخر فمثلاً لم يكن نشطاً في اللعب أو فطن في الأمور المنزلية؛ فلذا يلومونه على ذلك، فهل هذا العمل صحيح؟ هل أنّ الأطفال جميعهم على حدٍّ سواء من الذكاء والانتباه؟ هل أنّ اللوم، طريق صحيح لحلّ هذه المشكلة أو ما يشبهها من المشاكل؟! الجواب هو أنّه لابد أن نعلم بأنّ الأطفال لا يشبهون بعضهم الآخر قطّ، فبعضهم يحبون الدراسة والآخر يحبون العمل الحر، البعض نشطاء في اللعب والآخر يميلون إلى الأمور الفنية. فعدم مراعاة هذه الموازين يسبب الحسد، والقلق، والعدائية في الطفل.
عن المفضل بن عمر قال: "دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، وعلي ابنه في حجره، وهو يقبله، ويمص لسانه، ويضعه على عاتقه، ويضمه إليه، ويقول: بأبي أنت، ما أطيب ريحك، وأطيب خلقك، وأبين فضلك"(2). الاحترام هو أصلٌ في تربية الطفل، فالطفل الذي يٌحترم طوال حياته، ويتعلّم احترام الآخرين، يختلف اختلافاً شاسعاً في تعاملة مع الآخرين بالنسبة إلى الطفل الذي اعتاد على الإساءة وعدم الاحترام، فلكلّ واحد منهما نظرة مختلفة للمجتمع وبالمقابل المجتمع له نظرة مختلفة لهما.
إن تأثير الصديق على الصديق يكون أكثر بالنسبة إلى تأثير العائلة على الشخص، فلكي يستطيع الأبوين التأثير على الطفل وعلى تربيته، لابد من جعل الآباء أنفسهم أصدقاء للطفل، فهذه أحسن وأفضل طريقة لخلق العلاقة الرصينة والتأثير الأكثر.
ومن أهمّ النقاط التربوية هي أنّها لابد أن نعلم بأنّ الطفل ليس سيئاً، بل تصدر منه بعض السلوك السيئة تارتاً، وأنّ منطق الطفل وفلسفته ليس مثل منطقنا وفلسفتنا. عالمه غير عالمنا، فجميع أفعاله بالنسبة إلينا ومن وجهة نظرنا تكون ألعاباً عبثياً، لكن عنده تكون عملاً جدياً وشاقاً وناتجاً؛ فلابد أن نتوجّه إليهم، ونحترم قوانينهم وقواعدهم؛ لأنّها أساس شخصيتهم.
فالنتيجة هي أنّها لابد من جعل برنامج خاص وخلق علاقة منسجمة بين الأبوين للوصول إلى الهدف المقصود الذي هو تربية الطفل من جميع الجهات بأفضل شكل ممكن.
(1) الکافي، ج3، ص 409.
(2) وسائل الشيعة، ط إسلامية، ج8، ص557.
التعلیقات