علامات آخر الزمان من كلمات الإمام الصادق عليه السلام
السيد حسين الهاشمي
منذ أسبوعوجود زمان بإسم آخر الزمان وعلامات هذا الزمان من الأمور المهمة في الشريعة الإسلامية والتي أكدت عليها الروايات الشريفة. لأن في هذا الزمان تحدث وقائع عجيبة وفريدة من نوعها. وأهم هذه الوقائع هي ظهور صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف. فقد روي في تفسير الآية الشريفة: ﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾ (1)، أن أحد المعصومين قال: « هو المهدي يكون في آخر الزمان وبعد خروجه يكون قيام الساعة وأماراتها » (2).
ومن بين الأئمة عليهم السلام، هناك معصوم واحد تكلم عن آخر الزمان وعلاماته ودلائله، وهو الإمام جعفر الصادق عليه السلام. فإنه في المرتبة الأولى إمام معصوم مختار من قبل الله سبحانه وتعالى، فهو مرجع هام لما لديه من علم غزير وإحاطة بأخبار الغيب. وأيضًا، وقعت خلافات ومشاجرات ومعارك بين الحكومة الأموية والعباسية في زمن الإمام الصادق عليه السلام، ولهذا استطاع الإمام عليه السلام أن يتكلم بحرية أكبر ويربّي تلامذة وعلماء من الشيعة.
أهمية آخر الزمان ومعرفة علائمها
قد اشتغل بحث آخر الزمان وعلاماتها في الأزمنة الأخيرة، أذهن الناس بصورة عامة وأذهن الشيعة بصورة خاصة. لأن هذا الزمان ذو أهمية في الشريعة الإسلامية وفي المذهب التشيع. والمؤمنون الذين يعيشون في هذا الزمان ويستطيعون أن يحفظوا دينهم وإيمانهم هم من أحسن الناس. فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: « قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: يا علي! واعلم أن أعظم الناس يقينا قوم يكونون في آخر الزمان ، لم يلحقوا النبي وحجب عنهم الحجة فآمنوا بسواد في بياض » (3). وأيضا روى الإمام زين العابدين عليه السلام: « من ثبت على ولايتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر واحد » (4).
فمعرفة آخر الزمان ومعرفة علائمها من أهم الأمور بالنسبة إلينا نحن الشيعة الذين نعيش في هذا الزمان.
ومن جهة أخرى يسبب معرفة علائم آخر الزمان إلى تقوية الإيمان بالله سبحانه وتعالى. عندما يتأمل الأفراد في هذه العلامات، يزداد إيمانهم ويقينهم بأن الله موجود، وأن هناك يوم حساب. هذه العلامات تُشجع المسلمين على الالتزام بتعاليم دينهم وتحسين سلوكهم. وأيضا تساعد معرفة علائم آخر الزمان على أن نهيئ أنفسنا للآخرة. فإن التفكير فيما سيحدث بالعالم قريب ظهور صاحب العصر والزمان عج الله تعالى فرجه وفي آخر الزمان يجعلنا أن نبتعد عن الأعمال السيئة والمعاصي ونحرص على الأعمال الحسنة. هذا الاستعداد يشمل أيضًا الدعوة إلى التوبة والإصلاح الذاتي.
رواية علامات آخر الزمان من الإمام الصادق عليه السلام
هناك رواية مفصلة عن الإمام الصادق عليه السلام يعدّ فيه الإمام عليه السلام علامات كثيرة من آخر الزمان. وخلف هذه الرواية حكاية جميلة. فلنذكر الحكاية والعلامات لتتضح لنا علامات آخر الزمان. (5)
حكاية حركة الإمام الصادق عليه السلام مع المنصور الدوانيقي
ذكر بعض أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في محضره عليه السلام في زمان حكومة المنصور الدوانيقي سوء حال الشيعة وإيذائهم من قبل المنصور. فقال الإمام الصادق عليه السلام:« إني سرت مع أبي جعفر [ المنصور ] وهو في موكبه ، وهو على فرس ، وبين يديه خيل ومن خلفه خيل ، وأنا على حمار إلى جانبه ، فقال لي : يا با عبد الله! قد كان ينبغي لك أن تفرح بما أعطانا الله من القوة ، وفتح لنا من العز ، ولا تخبر الناس أنك أحق بهذا الامر منا وأهل بيتك فتغرينا بك وبهم. قال : فقلت : ومن رفع هذا إليك عني فقد كذب ، فقال : أتحلف على ما تقول؟ قال : فقلت : إن الناس سحرة. يعني ـ يحبون أن يفسدوا قلبك علي ـ فلا تمكنهم من سمعك. فقال لي : تذكر يوم سألتك: هل لنا ملك؟ فقلت : نعم ، طويل عريض شديد ، فلا تزالون في مهلة من أمركم ، وفسحة من دنياكم ، حتى تصيبوا منادما حراما في شهر حرام في بلد حرام؟ قالت: نعم. فلما رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال : دخلني من ذلك (كلام الإمام مع المنصور) شك حتى خفت على ديني ونفسي« (6).
فحين ذلك ذكر الإمام عليه السلام لذلك الرجل بعض علامات آخر الزمان حتى يعلم متى يأتي الفرج.
علامات آخر الزمان من كلام الإمام الصادق عليه السلام
تبديل الحق والباطل وتغيير القرآن
قال الإمام الصادق عليه السلام: « اذا رأيت الحق قد مات وذهب أهله ، ورأيت الجور قد شمل البلاد ، ورأيت القرآن قد خلق ، واحدث فيه ما ليس فيه ، ووجه على الاهواء ، ورأيت الدين قد انكفأ كما ينكفئ الاناء ».(7)
كثرة المعاصي وعدم الغيرة
قال الإمام:« ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحق ، ورأيت الشر ظاهرا لا ينهى عنه ويعذر أصحابه ، ورأيت الفسق قد ظهر ، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ، ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله ، ورأيت الفاسق يكذب ولا يرد عليه كذبه وفريته ، ورأيت الصغير يستحقر بالكبير ، ورأيت الارحام قد تقطعت ، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يرد عليه قوله. ورأيت الغلام يعطى ما تعطى المرأة ، ورأيت النساء يتزوجن النساء ، ورأيت الثناء قد كثر ، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه ورأيت الناظر يتعوذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد ، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع «.(8)
فرح الكافرين والفاسقين وغلبتهم
قال الإمام الصادق عليه السلام: « ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن ، مرحا لما يرى في الارض من الفساد ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزوجل ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلا ، ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قويا محمودا ، ورأيت أصحاب الآيات يحقرون ويحتقر من يحبهم ، ورأيت سبيل الخير منقطعا وسبيل الشر مسلوكا ورأيت بيت الله قد عطل ويؤمر بتركه ، ورأيت الرجل يقوم مالا يفعله «.(9)
كثرة معاصي النكاح في الجامعة
قال الإمام الصادق عليه السلام: « ورأيت الرجال يتسمنون للرجال والنساء للنساء ، ورأيت الرجل معيشته من دبره ، ومعيشة المرأة من فرجها ، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال. ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر ، وأظهروا الخضاب ، وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها ، وأعطوا الرجال الاموال على فروجهم ، وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال ، وكان صاحب المال أعز من المؤمن ، وكان الربا ظاهرا لا يعير ، وكان الزنا تمتدح به النساء. ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال ، ورأيت أكثرالناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن ».(10)
حزن المؤمنين وكثرة مال الحرام
قال الإمام الصادق عليه السلام: « ورأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا ، ورأيت البدع والزنا قد ظهر ، ورأيت الناس يعتدون بشاهد الزور ، ورأيت الحرام يحلل ، ورأيت الحلال يحرم ، ورأيت الدين بالرأي ، وعطل الكتاب وأحكامه ، ورأيت الليل لا يستخفى به من الجرءة على الله. ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلا بقلبه ، ورإيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عزو جل. ورأيت الولاة يقربون أهل الكفر ، ويباعدون أهل الخير ، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم ، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد «.(11)
تعطيل القرآن والحسنات
قال الإمام الصادق عليه السلام: « ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه ، وخف على الناس استماع الباطل ورأيت الجار يكرم الجار خوفا من لسانه ، ورأيت الحدود قد عطلت وعمل فيها بالاهواء ، ورأيت المساجد قد زخرفت ، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب ، ورأيت الشر قد ظهر والسعي بالنميمة ، ورأيت البغي قد فشا ، ورأيت الغيبة تستملح ويبشر بها الناس بعضهم بعضا. ورأيت الرجل يتكلم بشئ من الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه ، فيقول : هذا عنك موضوع ، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ، ويقتدون بأهل الشرور ، ورأيت مسلك الخير وطريقه خاليا لا يسلكه أحد ، ورأيت الميت يهزء به فلا يفزع له أحد .«(12)
فإذا رأيت جميع ذلك: فكن على حذر ، واطلب من الله عزو جل النجاة.
هذه كانت جملة من العلامات التي ذكرها الإمام الصادق عليه السلام.
1) سورة زخرف / الآية: 61.
2) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 51 / الصفحة: 99 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
3) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 52 / الصفحة: 125 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
4) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 52 / الصفحة: 125 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
5) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 52 / الصفحة: 255 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
6) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 52 / الصفحة: 255 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
7) نفس المصدر.
8) نفس المصدر.
9) نفس المصدر.
10) نفس المصدر.
11) نفس المصدر.
12) نفس المصدر.
التعلیقات