تزيّن الزوج للزوجة
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 6 سنواتعن الحسن الزيات البصري قال: دخلت على أبي جعفر الباقر عليه السلام أنا وصاحب لي، وإذا هو في بيت مُنجَّد(1) وعليه ملحفة وردية، وقد حف لحيته، واكتحل، فسألناه عن مسائل فلما قمنا قال: لي يا حسن، قلت: لبيك.
قال: إذا كان غدا فائتني أنت وصاحبك.
فقلت: نعم جعلت فداك.
لقد كانت رسالة التبليغ لدين الإسلام وتعالمية على عاتق النبي الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمة من ذريته عليهم السلام، فكانوا بأنفسهم يطبّقون تعاليم الإسلام؛ لأنهم القدوة في كل شيء وفي نفس الوقت لا يجعلون أنفسهم في محل شبهة، وإذا لاحظوا أن الطرف المقابل يشعر بشيء في قلبه كانوا يبينون له خفايا الأمور، ويكشفون عن الواقع للطرف المقابل.
يقول الحسن الزيات البصري: فلما كان من الغد دخلت عليه ،وإذا هو في بيت ليس فيه إلا حصير، وإذا عليه قميص غليظ، ثم أقبل على صاحبي، فقال: يا أخا أهل البصرة إنك دخلت علي أمس، وإنا في بيت المرأة، وكان أمس يومها، والبيت بيتها، والمتاع متاعها، فتزينت لي على أن أتزين لها، كما تزينت لي، فلا يدخل قلبك شيء. فقال له صاحبي: جعلت فداك قد كان –والله- دخل في قلبي شيء، فأما الآن فقد –والله- أذهب الله ما كان، وعلمت أن الحق فيما قلت.(2)
وفي رواية أخرى أن الإمام الباقر عليه السلام تلا هذه الآية المباركة: (مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ).(3)
إذا كانت هذه الأُمور قبيحة، فإنّ الله تعالى لا يخلق القبيح، وإذا خلقها الله ليتمتع بها عباده، فكيف يمكن أن يحرّمها؟ وهل يمكن أن يكون هناك تناقض بين جهاز الخلق، وبين التعاليم الدينية؟!
ثمّ أضاف للتأكيد: (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ)،(4) أي: أنّ هذه النعم والمواهب قد خلقت للمؤمنين في هذه الحياة، وإن كان الآخرون ـ أيضاً ـ يتمتعون بها وهم غير مؤهلين لها، ولكن في يوم القيامة الذي تتجلى فيها الحياة بأعلى درجاتها وأفضل صورتها، ويتميز الخبيث عن الطيب، فإنّ هذه المواهب والنّعم ستوضع تحت تصرف المؤمنين الصالحين فحسب، ويحرم منها الآخرون حرماناً كليّاً.
وبناء عليه، فإنّ ما هو للمؤمنين في الدنيا والآخرة، وخاص بهم في العالم الآخر كيف يمكن أن يحرّم عليهم؟ إنّ الحرام هو ما يورث مفسدة، لا ما هو نعمة وموهبة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ من يزين البيت بالسُّتور والفُرُش ويحشو الوسائد.
2ـ الكافي: ط الاسلامية، ج 6، ص 449.
3ـ سورة الأعراف: 32.
4ـ سورة الأعراف: 32.
التعلیقات