كيف تنظم وقتك
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 5 سنواتمن الأمور المهمة اليوم في حياة البشر هي القدرة على تنظيم الوقت بشكل مفيد وصحيح، بحيث أصبح الشخص الناجح هو من ينجز كثير من الأعمال بجهد ووقت أقل، ففي هذه الحالة تزداد عنده
فرص النجاح فيحصل على الامتيازات في مختلف المجالات، وكما أن تنظيم الوقت يكون عاملاً مهماً في قضية الاستقرار الاجتماعي والنفسي، فنسلط الضوء على بعض كلمات الإمام الرضا عليه السلام؛ لنأخذ الدروس منه في الانتفاع الصحيح من أوقات عمرنا، واستثمرها بصورة مفيدة، وذلك في سبيل مرضاة الله، وبالتالي الفوز في الدارين الدنيا والآخرة:
قال الإمام الرضا عليه السلام: «اجتَهِدوا أن يَكونَ زَمانُكُم أربَعَ ساعاتٍ: ساعَةً مِنهُ لِمُناجاةِ اللّه ِ، وساعَةً لِأمر المَعاشِ، وساعةً لِمُعاشَرَةِ الإخوانِ والثِّقاتِ والَّذينَ يُعَرِّفُونَ عُيُوبَكُم ويَخلِصونَ لَكُم فِي الباطِنِ، وساعَةً تَخلُونَ فِيها لِلَذّاتِكُم، وبِهذِهِ السّاعَةِ تَقدِروُن عَلَى الثَّلاثِ ساعاتٍ» (1).
يدعو الإمام الرضا عليه السلام في هذه الكلمات من المؤمنين أن يجعلوا، ويسعوا في تنظيم أوقاتهم إلى أربع أوقات والقصد من الساعة هنا جزء من الوقت.
الوقت الأول: (ساعَةً مِنهُ لِمُناجاةِ اللّه) يجب على الإنسان أن يناجي ربه، ويتصل به عبر قراءة القرآن والأدعية والأذكار الواردة عن أهل البيت عليهم السلام، وإقامة الواجبات كصلاة والصيام والحج والجهاد وباقي الأعمال الصالحة.
الوقت الثاني: (وساعَةً لِأمر المَعاشِ) أي يجعل وقت خاص لأمور معاش أهله، ويوفر مستلزمات الحياة، ويسعى في طلب الرزق الحلال، كما حث أهل البيت عليهم السلام، فجاء في الخبر عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «الْكَادُّ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ حَلَالٍ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (2).
الوقت الثالث: (وساعةً لِمُعاشَرَةِ الإخوانِ، والثِّقاتِ والَّذينَ يُعَرِّفُونَ عُيُوبَكُم ويَخلِصونَ لَكُم فِي الباطِنِ) بما أنّ الإنسان طبعه اجتماعي، ويحب المجتمع والاجتماع يجب عليه أن يواصل إخوانه، ويعاشرهم بالمعروف وعليه أن يصل رحمه، ويتصل بالثقات من أحبته الذين يتمتعون بالمعرفة وبالحنان، فهؤلاء هم من يعرفون عيوبه، ولكن لا يذيعون بها أمام الآخرين، فيكتمون سره حباً له.
الوقت الرابع: (وساعَةً تَخلُونَ فِيها لِلَذّاتِكُم) أي تجلعون وقتاً للذات الحلال التي أباح الله سبحانه وتعالى للبشر من ملاطفة الأهل والعيال وكل شيء محلل من قبل الشارع المقدس، كالسفر والرياضة والمشاركة في أعمال الخير.
فهذه الساعة الأخيرة تعين الإنسان على الساعات الثلاثة الأخرى بحيث تجعل نفسه في راحة البال وصفاء الذهن حتى أنّه إذا أراد أن يشرع بأي عمل ما تكون له طاقة عالية تساعده على اتمام عمله بشكل صحيح واتقانه، وهو قد استفاد من جميع وقته دون ضياعه مغتنماً ساعات عمره فيما يرضى الله تعالى مستثمرا إياها لنفسه وعائلته ومجتمعه، ويصل بها إلى النتيجة المطلوبة فيكون ناجحاً في جميع أمور الحياة.
1ـ فقه الرّضا عليه السلام: ص ۳۳۷.
2ـ من لا يحضره الفقيه: ج 3، ص 168.
التعلیقات