الحبّ الطفولي
السيد حيدر الجلالي
منذ 6 سنواتمازال سالم يذكر كيف كان وجه مريم ابنة الجيران يرمق بنظراتٍ مليئةٍ بالحنين والحبّ حينما كانت تسير حاملة حقيبتها المدرسية، تربط جديلتي شعرها بشرائط زرقاء،
فيما كان يشعر بخفق قلبها الذي يكاد أن يخرج من قفص صدرها لفرط الحياء والإرباك.. مازال يذكر سالم اليوم الذي اكتشف والدها بأنّه صاحب قصّاصات الورق التي كان يرميها من فوق سطح المنزل؛ لتقرأها مريم بعد أن يكون وضع حجارة ثقيلة بداخل الورق لتصل إلى سطح منزلها، حتى اشتكى والدها لأبيه الذي وبّخَه كثيراً لفعلته التي رآها غير لائقة وغير أخلاقية، فلم يفهم سالم في تلك الفترة لماذا يحارب الكبار الحبّ.
يومها بكى كثيراً وطلب من أبيه أن يخطب له مريم لكن والده سخر من طلبه فهو ابن أربعة عشر عاماً، الموقف الذي دفعه لأن يفر من البيت لأسبوع كامل ليقيم في منزل شقيقه الأكبر كنوع من الضغط على الأب، الذي كان يعلم جيداً أن ابنه مراهق، لم يكمل بعد المرحلة المتوسطة!
اليوم سالم يذكر تلك التفاصيل الجميلة بعد مُضي عشرون عاماً، يتذكرها بذاكرةٍ مكتملةٍ وقلبٍ كبيرٍ وبحسِّ رجل ناضج، يتذكر صدماته الأولى في الحبّ فيضحك كثيراً على نفسه، على طريقة تفكيره، على "الحبّ الطفولي!"
قال الشاعر:
قصة وحكاية وذكرى وكثير أسرار في المدرسة دائم أكتبها على دفتري
وبعدها فيني الحبّ والغلى والشوق دار والغرام خلاني لبنت كل شي لها أشتري
لاحَظ الإسلامُ أمراً مهماً جداً، ألا وهو التغييرات الهورمونية التي تحدث في جسم كلٍ من البنين والبنات في السن المراهقة حيث تبدأ هذه التغييرات ويصبحون أكثر إستقبالاً للميل إلى الجنس المخالف، لكن علينا أن نجد طريقاً آمناً وسريعاً لكي نفصل بينهما بحيث لا يتضرّروا من هذا الإنفصال.
أحد هذه الطُرُق هي فصل كلٌ من البنين عن البنات في السن السادسة من عمرهم كما أشار إلى ذلك الإمام الرضا (عليه السلام) بقوله: « يُفرّق بَينَ الصِّبيَانَ في المضَاجِعِ لِسِتِّ سِنِين »(1). هذا أمرٌ مهم جداً؛ لأنّه عند إنفصال الصبيان في المضاجع سيفهم الصبي تلقائياً بأنّ لهذا العمل سبب وعلّة. ومن الأفضل عدم تأخير هذا الأمر بحجّة أنّهم صغار ولا يدركون الفوارق بين الجنسين؛ لأنّ مقتضى عمرهم هو الميل إلى الجنس المخالف.
لكن لابد أن نعلم بأنّ الطبع البشري يميل إلى الجنس المخالف كما لاحظنا هذا الأمر عند سالم عندما سعى إلى كسب إنتباه مريم، لكن في كثير الأحيان يتسبب هذا الميل إلى أمرٍ غير ناضج الذي يُسمّى ﺑ"الحُب". هذا الحبّ ليس حقيقياً؛ لأنّه غير ناشيء عن المبادء وأولويات الحبّ الحقيقي الذي ينتج في النهاية إلى العشق والتضحية في سبيل المحبوب.
1 ) من لا يحضره الفقيه، ج3، ص436، ح4508.
التعلیقات