كيفية التعامل مع المراهق
السيد حيدر الجلالي
منذ 6 سنواتقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ، وَلا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ".(1) هذا القول يلزم الإنسان على رعاية حريم الآخرين، فبعض الآباء لا يَحترمون خصوصية ابنهم المراهق،
ويتدّخلون في كافة أمور حياته وجميع أفعاله حركاته وسكناته، لكن هذا أمرٌ خاطئ، حيث يجب أن يُترك مساحةً للمراهق؛ لكي يُبيَّن له بأنّ الآباء يحترمون خصوصياته، فمثلاً يجب جعل بعض الأمور المتعلّقة به أشياءً خاصّةً له كبريده الإلكتروني أو مكالماته الهاتفية، وعدم التوقّع منه أن يشاركهم في كلّ ما يحصل معه أو يفكّر به، فهو يعتبرها أموراً خاصةً به دون غيره من الأشخاص حتى لو كانوا تلك الأشخاص هم آبائه. بهذه الطريقة يتعلّم المراهق كيف يصبح شخصاً مسؤولاً، ولكن يجدر بالآباء أن يعرفوا دائماً أين يذهب ابنهم، ومتى سيعود، وما الذي يفعله، ومن أصدقاؤه؟؟؟ ولكن مِن دون يشعر بأنه مُراقَب مِن قِبَل الآباء؛ لأنّ شخصيّة المراهق يتطلب بأن يكون له ردّ فعلٍ قويٍ وسريعٍ؛ لأنّه كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أوصيكُمْ بِالشُّبّانِ خَيْرا فَاِنَّهُمْ أرَقُّ أفـْئِدَةً"،(2) وكذلك لابد مِن التدخّل في حياة ابنهم المراهق في حال لاحظوا وجود أيّ مشكلة يعاني منها، وهذا كلّه يمنح ثقةً أكبراً وتبيين هذه النقطة بأنّ له أشخاص يحمونه ويدعمونه عندما يواجه أيّ مشكلة. فلابدّ مِن تقديم الدعم المستمر والوقوف الدائم بجانب المراهق؛ لأنّه يمرّ بمرحلة تجعله حساساً تجاه المشاعر والمسؤوليّات الجديدة، لذلك هو بحاجة لمن يقف بجانبه دائماً، ولمن يستمع له دون مقاطعته، كما يجب أن يكون الآباء متفهّمين ومنفتحين بحيث يعطون ابنهم المراهق الموافقة والدعم على بعض الأمور التي يفكّر بها؛ لكي لا يشعر بأنّ أفكاره وقدراته ليست لها أهمية وأنّها غير مفيدة.
في هذا العالم المتطوّر المتقدّم يَستطيع المراهق الحصول على كميّة كبيرة من المعلومات من خلال البرامج التلفزيونية وشبكة الإنترنت، والبرامج المرتبطة بها؛ لذلك يجب أن يكون لدى الآباء العلم حول كلّ هذه البرامج ومعرفتها وكيفية العمل بها؛ لكي يستطيعوا السيطرة على ما يفعله المراهق؛ لأن يوجد هناك برامج كثيرة تُسبب انحراف المراهق وتجعله أن يقع في دهاليز الضياع. كذلك يجب عليهم وضعُ حدودٍ على مقدار الوقت الذي يقضيه المراهق أمام الكمبيوتر أو التلفزيون أو جهاز الموبايل، ومعرفة ما يتعلّمه مِن وسائل الإعلام ومع مَن يتواصل عبر الإنترنت، لكن كما ذكرنا بأنّ النقطة الأساسية والأهم هي عدم شعور المراهق بأنّه تحت المراقبة؛ لأنّ المراهق لا يستوعب كلام أمير المؤمنين (عليه السلام): "مَن أحَبَّكَ نَهاكَ".(3)
الصبر هو مفتاح لحلّ الكثير من المشاكل، فيجب على الآباء التحلّي بمزيد من الصبر عند التعامل مع ابنهم المراهق؛ حيث إنّ الولد المراهق يحتاج إلى وقت أكثر ليجد التوازُن الصحيح لسلوكه، حتّى لو انحرف بسلوكٍ سيءٍ في بعض الأحيان، فإنّه سيعود لطبيعته بتخطيطٍ صحيحٍ في الوقت المناسب؛ لذلك يجب على الآباء أن يغفروا ويغضوا النظر عن بعض أخطاء أبنائهم المراهقين، وعدم التوقف عندها والإصرار والإلحاح عليها والمضي قدماً نحو الأمام لتمهيد المقدّمات لجعل المراهق في الطريق الصحيح.
1) كنز العمال، ج6،ص102، ح15035.
2) سفینة البحار، جلد2، ص176.
3) بحار الانوار، ج75، ص91، ح95.
التعلیقات