وَلَدُكَ رَيحَانَتُكَ سَبْعَاً
السيد حيدر الجلالي
منذ 6 سنواتحميد (أبو مصطفى): مصطفى،سمية، أسكتا، واجلسا في مكانكما، إنني أسمع النشرة الأخبارية وصوتكما يمنعنى من التركيز.
مصطفى: أبي... أنا وسمية نلعب بهدوء، ولم يخرج منّا صوتا !!
حميد: أسكت ولا تردّ عليّ، اسمع كلامي، واجلس مع سمية، ولا تتكلّمان.
مصطفى إتّجه نحو سمية، وقال لها بصوت منخفظ: لا أعلم لماذا أبي يفعل هكذا؟ إنّه كلّ ما يرجع من العمل (حميد مُدرّس في مدرسة العاملون في الكرّادة ببغداد) يكون غاضباً، ونحن مُجبرين على السكوت، ولا يمكننا اللعب، في حين عندما يرجع أبا محمّد (جيران أبو مصطفى الذي يعمل في فندق في منطقة الزوراء ببغداد) من العمل، يلعب مع أولاده، وترتفع أصوات الضحك واللعب في بيتهم؟ لماذا أبونا يتعامل معنا هكذا؟...
إنّ أهمّ فترة في حياة الأولاد قبل الدخول إلى المجتمع (إبتداءاً من المدرسة) هي فترة تواجدهم في البيت واستيناسهم بأعضاء أسرتهم، حيث تتكون شخصية الأولاد فيها، ويتعلمون سلوكهم منها؛ وليس هناك بديل أفضل منها، وعليه فإن على الأبوين أن يُدققوا في تربية الطفل في هذا الفترة من عمر أولادهم.
كما أن الأولاد في صِغَرِ سنّهم يحتاجون إلى التنفيس والترويح حتى لا يتحقدون؛ ولذلك لابد أن نفسح لهم المجال ليلعبوا ويمرحوا (بالطبع لابد أن تكون نشاطاتهم وفعاليتهم لا تخالف عرف المجتمع أو أحكام الشرع، وهي تصب في مصالحهم في المستقبل)، وهذا ما أشار إلية الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله: "دَعْ ابْنَكَ يَلْعَبُ سَبْعَ سِنينَ".(1) هذه أكبر إشارة إلى أنّه لابد أن يفسحا الأبوين المجال للطفل في هذا العمر للعب والاسترخاء؛ لأنّ هذا هو مقتضى عمره وقدراته الجسدية والذهنية، ومقتضى الطبع البشري هو ملاطفة الأولاد الذي أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى هذه النقطة الغريزية التربوية في نهجه الشريف: "وَلَدُكَ رَيحَانَتُكَ سَبْعَاً...".(2)
أمّا ما هي ثمرات سيادة الطفل -المذكورة في الأحاديث-؟
ازدهار المواهب الخفية للطفل.
اعتماد الطفل على أبويه.
تكوين أُسُس شخصية الطفل لتهيئتها ودخولها إلى المجتمع.
تهدئة بال الطفل في المرحلة الثاني من تربيته حسب الروايات وهي تشمل سبع سنين (7-14) من حياته.
1) الكافي، ج6، ص46.
2) شرح إبن حديد، ج20، ص343.
التعلیقات