جمال أدوم
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 5 سنواتقال الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه: >صِيانَةُ الْمَرأةِ أنْعَمُ لِحالِها وَأدْوَمُ لِجَمالِها<.(1)
ما هو المقصود من الصيانة؟ وما هو الفارق بينه وبين الحجاب والعفاف؟
صيانتها أي حفظها عما يعيبها، ويُشنها، وجعلها في مكان أمين، وأن يحفظ كرامتها، ويحميها، ويقيها مما يتعرض إليها. وبهذا العمل يعطي جيمع الخير لمن صانه، وَ قَال الإمام على بن الحسين عَلَيهما اَلسَّلاَمُ : >اَلْخَيْرُ كُلُّهُ صِيَانَةُ اَلْإِنْسَانِ نَفْسَهُ<.(2)
وبما أن المرأة هي تشكل نصف عدد السكان هذا العالم، تلعب دوراً هاماً للغاية في إيجاد ونشر الأخلاق الفاضلة بالخصوص صفة العفة بين المجتمع البشري، وقد أكد على هذا المعنى جميع الأديان السماوية، حيث جعلوا لكل منهم نكاح حتى لا يكثر السفاح، وأن تكون الأسرة في حالة من الاستقرار النفسي حتى تكون متنعمة بالخير، وتصل إلى الكمال المنشود، وشدد على هذا المعنى أيضا علماء الاجتماع وأصحاب الاختصاص في جميع أنحاء العالم.
حتى ورد في الخبر عن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه: >العِفَّةُ رَأسُ كُلِّ خَيرٍ<.(3)
وإن العفاف مسألة قلبية باطنية ومعناها منع النفس عن الأمور المحرمة أو التي لا ينبغي القيام بها، وللعفة أشكال مختلفة منها: العفة في الكلام، والعفة في النظر، والعفة في الطعام والملبس، وغيرها.
ووضع الإسلام ضوابط خاصة لكي تحمي الأسرة والمجتمع من الانحطاط في الأخلاق، وجاء بالحجاب الذي هو مسألةٌ خارجية أي ظاهرية عرّفها الشارع المقدس ووضع لها حدود وضوابط، فقال: يجب على المرأة أن تستر بدنها ما عدا قرص وجهها وكفيها، فورد عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرماً قال: «الوجه والكفان والقدمان».(4)
وأما كيف يكون هذا الأمر أنعم لحالها؟
عندما تظهر المرأة في المجتمع بحالة تصون نفسها فتكون غير معرضة لأنظار النفوس الخبيثة، حيث أنها تدرء سهام العيون بحجابها الذي يحافظ على جمالها وطراوتها؛ لأن كما قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله : >النَّظَرُ سَهمٌ مَسمومٌ مِن سِهامِ إبليسَ<،(5) فهذا السهم المسموم كما يؤذي صاحبه، يؤذي من يصيبه أيضاً، وهذه الريحانة يجب أن تحافظ على نفسها من الآفات والفتن؛ لأن الوردة التي تكون تحت متناول الجميع سريعا لم تذبل، ولم يذهب جمالها وطراوتها، والمرأة المحتشمة قطعاً تكون ذات جاذبية أكثر وأكبر من المتبرجة التي جعلت نفسها عرضتاً للجميع، فهذه الأخبار التي وردت عن السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها تعلّم المرأة كيف تصون نفسها: >استأذن عليها أعمى فحجبته، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله لم حجبته وهو لا يراك، فقالت يا رسول الله، إن لم يكن يراني فأنا أراه، وهو يشم الريح، فقال النبي صلى الله عليه وآله أشهد أنك بضعة مني<.(6)
وعن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: >كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: أخبروني أي شيء خير للنساء، فعيينا بذلك كلنا حتى تفرقنا، فرجعت إلى فاطمة عليها السلام، فأخبرتها بالذي قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وليس أحد منا علمه ولا عرفه، فقالت، ولكني أعرفه: خير للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت: يا رسول الله سألتنا أي شيء خير للنساء خير لهن أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال، فقال: من أخبرك فلم تعلمه، وأنت عندي؟ فقلت: فاطمة، فأعجب ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: ان فاطمة بضعة مني<.(7)
وهذه المرأة التي تصون نفسها يكون بالها في أعلى مراتب الهدوء والطمأنينة الذي يؤدي إلى دوام جمالها وجاذبيتها حيث أن الإنسان له غريزة حب الاستطلاع والنظر لما قد خفي.
ــــ
1ـ مستدرك وسائل الشيعة: ج 14، ص 255.
2ـ تحف العقول: ج 1, ص 278.
3ـ غررالحكم ودررالكلم: رقم الحديث 1168.
4ـ الكافي: ج 5، ص 512.
5ـ بحار الأنوار : ج 104، ص 38 .
6ـ جامع أحاديث الشيعة: ج20، ص 299.
7ـ وسائل الشيعة: ج 14، ص 43
التعلیقات