السيدة زينب في عهد والدها وأخيها
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 5 سنواتبعد أن جاء الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إلى الكوفة، واستقر بها، -وكان قادماً من البصرة إليها- التحقت به العوائل من المدينة.
ومن جملة السيدات اللواتي هاجرن من المدينة إلى الكوفة هي السيدة زينب عليها السلام، وقد سبقها زوجها عبد الله بن جعفر، وكان في جيش الإمام لدى وصوله إلى البصرة.(1)
السيدة زينب تعلم تفسير القرآن لنساء الكوفة
وورد في الأخبار أن جمعاً من رجال أهل الكوفة جاؤوا إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وقالوا: إئذن لنسائنا كي يأتين إلى ابنتك، ويتعلمن منها معالم الدين وتفسير القرآن.
فأذن الإمام لهم بذلك، فبدأت السيدة زينب عليها السلام بتدريس النساء.
وما أكثر عدد النساء المسلمات اللواتي كن يحضرن درس السيدة .. طيلة أربع سنوات أو أكثر.
وذات يوم دخل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام الدار، فسمع ابنته زينب تحدث النساء عن الحروف المقطعة في أوائل السور، وعن بداية سورة مريم بشكل خاص.
وبعد انتهاء الدرس جاء الإمام إلى ابنته، وقال لها: يا نور عيني! أتعلمين أن هذه الحروف هي رمز لما سيجري عليك وعلى أخيك الحسين في أرض كربلاء ، ثم بدأ يحدثها عن بعض تفاصيل تلك الفاجعة.(2)
وشهدت مقتل أبيها حيث تروي الروايات أنه كان عندها قبل وفاته، وكانت آخر من زارها في بيتها، وجاء في رواية الكليني أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أوصى إلى ولده الحسن عليه السلام، وأشهد على وصيّته الحسين عليه السلام ومحمد بن الحنفيّة وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ودفع إليه الكتب والسلاح وقال له: "يا بُني أمرني جدّك رسول الله صلى الله عليه وآله أن أُوصي إليك، وأن أدفع إليك كُتبي وسلاحي، كما أوصى إليّ رسول الله صلى الله عليه وآله ودفع إليَّ كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين عليه السلام...".(3)
وبعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام أصبح أمر أهل البيت بيد الإمام الحسن عليه السلام، وكانوا يقدّمون رأيه على رأيهم، وكانوا بجنبه حتى أن السيدة الزينب عليها السلام جعلت أمر ولدها بيده، وهذا يدل على شدة محبتها واحترامها لأخيها الأكبر.
رفضه عليه السلام مصاهرة معاوية:
أرسل معاوية إلى عامله في المدينة مروان بن الحكم ليخطب زينب بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد، فأجابه عبد الله إن أمر نساءنا بيد الحسن بن علي فاخطب منه .
فأقبل مروان إلى الإمام، فخطب منه ابنة عبد الله، فقال عليه السلام: أجمع من أردت، فجمع مروان الهاشميين والأمويين في صعيد واحد، وخطب فيهم أن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن أخطب زينب بنت عبد الله بن جعفر ليزيد بن معاوية على حكم أبيها في الصداق وقضاء دينه بالغاً ما بلغ .
فقام الإمام الحسن عليه السلام: و نقض كلام مروان، وقال: «وقد رأينا أن نزوج زينب من ابن عمها القاسم محمد بن جعفر، وقد زوجتها منه، وجعلت مهرها ضيعتي التي لي بالمدينة».
ولما بلغ معاوية ذلك قال :
خطبنا إليهم فلم يفعلوا *** ولو خطبوا إلينا لما رددناهم (4)
ـــــ
1ـ زينب الكبرى من المهد الى اللحد: ص 53.
2ـ كتاب رياحين الشريعة: ج 3 ص 57.
3ـ الكافي: ج 1، ص 297.
4ـ حياة الإمام الحسن عليه السلام: ج2، ص 288.
التعلیقات