عقدة سندريلا
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 5 سنواتعقدة سندريلا: هي عقدة حديثة يُعتقد أنها تنتشر بين نساء هذا العصر، وُصِفت لأول مرة عام 1981 للميلاد من قِبَل الكاتبة والمعالجة النفسية الأمريكية كوليت داولينغ في كتابها (عقدة سندريلا: خوف النساء الخفي من الاستقلال؛ وهي بشكلٍ عام رغبة لاشعورية لدى الفتاة المصابة في أن تكون موضع الرِّعاية لدى الآخرين، ويُقال أن هذه العقدة تصبح أكثر وضوحًا كلَّما تقدَّمت المصابة في السن).
نعم، هذا ما يستلهمه الإنسان عندما ينظر إلى ما يصنعه الغرب ويدخره له من دون إمعان وتفطن.
نعم، سميت هذه العقدة على اسم الشخصية الخيالية المشهورة سندريلا، تلك الفتاة الجميلة وذات صفات مميزة، التي كانت تتحمل تلك المتاعب والإساءات وسوء التصرف التي كانت تتلقاها من زوجة أبيها وأختيها، ولكن كانت قد استجوبت لتلك الحالة ولم تغيّر شيئاً، ولا تعترض على تلك التصرفات، لكنها كانت في انتظار قوّة خارجية تساعدها لتغير حالها كما هو في القصة تنتظر الأمير أن يأتي وهو على فرس أبيض، ويأخذ بيدها وتحصل على السعادة، وفي هذه العقدة غالباً يكون البطل هو الرجل القوي الذي يأتي، ويحقق كل أحلام الفتاة المصابة.
ومن أبرز آثار هذه الحالة:
فقدان القدرة على الإبداع، الافتقار إلى الثقة بالنفس وعدم الاعتراف بالقدرات، عدم الثقة في قدرات بنات جنسهن، الخوف من النجاح.
وأما ما هي الطريقة التي يجب أن تراعى حتى تتخلص الفتاة من هذه المشكلة؟ في بداية الأمر يجب أن نقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾. (1)
نعم، لابد للفرد الذي يعاني من هذه الحالة ملازمة سندريلا بنفسه يسعى، ويحاول أن يغير حاله، ويفرض لنفسه شخصية، ويتوكل على الله تعالى، ومن ثم على البنت أن تختار الشريك المناسب لحياتها الزوجية لكي تحصل على السعادة، والمهم في هذه القضية أن الجميع يعملوا بتعاليم دين الإسلام وعندما يتقدم الشاب المؤمن للخطبة لا يعرقلون أمره حتى يتحقق أمر الزواج ببساطة، ومن ثم يتم الهدف السامي من الزواج، الذي منه استمرار النسل والسكينة المطلوبة للزوجين، والوصول للكمال، وتتضاعف ثواب عبادتهما بهذا القران، وقد ورد ذلك في روايات أهل البيت عليهم السلام منها، عن الإمام الصادق عليه السلام: «ركْعَتَانِ يُصَلِّيهِمَا مُتَزَوِّجٌ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً يُصَلِّيهِمَا أَعْزَبُ». (2)
فالعلاقة بين الرجل والمرأة علاقة سامية، واستخدم الإسلام مصطلح "من أنفسكم" في قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (3) يعبّر عن سموّ هذه العلاقة؛ فالرجل يعطف على المرأة ويحتويها، والمرأة تطيع زوجها، وتدعمه فالاثنان يكملان الآخر. فالسكينة الموجودة في الزواج تكون من قبل الزوجين معاً، وليس ما تتصوره المصابة بعقدة سندريلا بأن الزوج هو الذي يوفر لها هذا الجو ولا تتحمل في هذه العلاقة أية مسؤولية، بل لها السهم الأكبر في صنع هذه السكينة، ويتم ذلك برعاية الزوج لها وبرعايتها لزوجها، فيحصل كل منهما على السعادة في الحياة.
ـــــ
1ـ سورة الرعد: الآية 11.
2ـ روضة المتقين: ج 8، ص 85.
3ـ سورة الروم: الآية 21.
التعلیقات