في المجالس المنعقدة لذكر مصيبته والبكاء علي الحسين ـ عليه السلام
آية الله الشيخ جعفر التستري
منذ 14 سنةوهي خمسة انواع:
الاول: ما انعقد قبل خلق النبي آدم عليه السلام.
الثاني: ما انعقد بعده وقبل ولادة الحسين عليه السلام.
الاول: ما انعقد قبل خلق النبي آدم عليه السلام.
الثاني: ما انعقد بعده وقبل ولادة الحسين عليه السلام.
الثالث: ما انعقد بعدها قبل شهادته.
الرابع: ما انعقد بعد شهادته في الدنيا.
الخامس: ما ينعقد بعد فناء الدنيا يوم القيامة.
النوع الاول
مجلسا وان كان التعبير بالمجلس مجازاً
الاول: محل تقديره حين قدّره الله تعالى وقضاه وكتبه بالقلم على اللوح فحزن عليه القلم واللوح.
الثاني: حول العرش قبل خلق آدم (ع) " إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة "، على الخلق الذين كانوا قبل النبي آدم (ع)، " قالوا أتجعل فيها من يُفسد فيها ويسفك الدماء "، ففي بعض التفاسير انهم لاحظوا في ذلك قتل الحسين عليه السلام، فقالوا هذا تحزّنا وتحسّرا، قال الله تعالى " إني أعلم ما لا تعلمون ".
النوع الثاني
وهو ستة عشر مجلساً
المجلس الاول: عرفات، حين نظر ادم (ع) الى ساق العرش ورأى اسماء الخمسة ولقّنه جبرئيل (ع) ان يقول " يا حميد بحق محمد، ويا عالي بحق علي، ويا فاطر بحق فاطمة، ويا محسن بحق الحسن والحسين ومنك الاحسان، فلما ذكر الحسين (ع) سالت دموعه وخشع قلبه.
فقال: يا اخي في ذكر الخامس ينكسر قلبي، وتسيل عبرتي، فأخذ جبرئيل (ع) في بيان السبب راثيا للحسين (ع)، وآدم والملائكة الحاضرون هناك يسمعون ويبكون، فقال: ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب، قال(ع (وما هي؟ قال جبرئيل (ع) يقتل عطشان غريبا، وحيدا فريدا، ليس له ناصر ولا معين، ولو تراه يا أدم وهو يقول " واعطشاه واقلة ناصراه، حتى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان، فلم يجبه احد الا بالسيوف، وشرر الحتوف، فيذبح ذبح الشاة من قفاه، ويُنهب رحله، وتشهر رؤوسهم في البلدان، ومعهم النسوان، كذلك سبق في علم الواحد المنان. "
المجلس الثاني والثالث: الجنة وقد انعقد فيها مجلسان
الاول: الراثي فيه حورية والسامع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم والملك جبرئيل عليه السلام.
الثاني: الراثي فيه جبرئيل (ع) والسامع رسول الله (ص) والحور العين.
اما الاول: فقد روي في البحار عن النبي (ص) قال: لما اسري بي اخذ جبرئيل (ع) بيدي فأدخلني الجنة وانا مسرور، فاذا انا بشجرة من نور مكللة بالنور، في اصلها ملكان يطويان الحلي والحلل الى يوم القيامة، ثم تقدمت فاذا انا بتفاح لم أر اعظم منه، فأخذت واحدة، ففلقتها فخرجت علي منها حورية، كان اجفانها مقاديم النسور، قلت: لمن انت؟ فبكت وقالت: لابنك المقتول ظلما الحسين بن علي بن ابي طالب (ع).
واما النوع الثاني: فقد روي ان الحسن المجتبى (ع) لما دنت وفاته، جرى السم في بدنه، واخضر لونه، فقال له الحسين (ع) مالي أرى لونك قد اخضر؟ فبكى وقال (ع) " يا أخي لقد صدق حديث جدي فيّ وفيك، ثم اعتنقه وبكيا كثيرا، فسأل عن ذلك، فقال (ع) " اخبرني جدي المصطفى (ص) قال " لما دخلت ليلة المعراج الجنة، رأيت قصرين عاليين متجاورين على صفة واحدة، احدهما من الزبرجد الاخضر، والاخر من الياقوت الاحمر، فسألت جبرئيل لمن هذان القصران؟
فقال: احدهما للحسن والاخر للحسين، فقلت: فلم لم يكونا على لون واحد؟ فسكت جبرئيل، فقلت: لم لا تتكلم؟ قال: حياء منك، فقلت: سألتك بالله تعالى الا ما اخبرتني، فقال: اما خضرة قصر الحسن فإنه يموت بالسم، ويخضّر لونه، واما حمرة قصر الحسين، فإنه يقتل، ويحمر وجهه بالدم، فعند ذلك بكيا، وضجّ الحاضرون بالبكاء والنحيب. "
المجلس الرابع: مجلس ادم (ع) في كربلاء، وذلك لما كان يطوف في الارض فعند وصوله الى مقتل الحسين عليه السلام عثر برجله، ووقع وسال الدم من رجله، فرفع رأسه الى السماء وقال: إلهي هل حدث ذنب اخر فعاقبتني؟
فأوحى الله تعالى اليه، لا ولكن يقتل في هذه الارض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه، فقال: من القاتل له؟ فأوحى الله تعالى اليه: انه يزيد فالعنه، فلعنه اربعا، ومشى خطوات الى جبل عرفات.
المجلس الخامس: سفينة نوح (ع) لما وصلت فوق ارض قتل الحسين (ع) ومحل طوفان سفينة اهل البيت اخذتها الارض، فخاف نوح الغرق فقال: الهي طفت الدنيا وما اصابني فزع مثل ما اصابني في هذه الارض، فنزل جبرئيل (ع) بقضية الحسين (ع)، وقال يقتل في هذا الموضع، فبكى نوح واصحاب السفينة ولعنوا قاتله ومضوا. ".
المجلس السادس: مجمع البحرين حين التقى موسى مع الخضر، فحّدثه عن آل محمد وعن بلائهم، حتى اذا بلغ الى حديث الحسين (ع) علت اصواتهم بالبكاء على ما في الرواية.
المجلس السابع: بساط سليمان وجنوده من الجن والانس والطير، وذلك انه لما كان على البساط في الهواء وصار محاذيا للمقتل، ادارت الريح البساط ثلاث مرات، وانحطت على الارض فعاتب الريح فأخذت الريح ترثي وتقول: يا نبي الله تعالى ان في هذا المكان مقتل الحسين (ع) الى اخر الحديث كما ورد في اكثر من مصدر كالمنتخب للطريحي صفحة 50
المجلس الثامن: شاطيء حرزان لابراهيم (ع)، حين اُري ملكوت السموات والارض، ورأى شبح الحسين عليه السلام فبكى عليه.
المجلس التاسع: مجلس ثان لابراهيم (ع) حين اراد كسر الاصنام، فقال: اني سقيم، يعني لما يحل بالحسين.
المجلس العاشر: مجلس ثالث لابراهيم (ع) حين فدى ولده بالكبش، قال الرضا (ع): لما امر الله عز وجل ابراهيم عليه السلام ان يذبح ابنه اسماعيل عليه السلام الكبش الذي انزله عليه تمنّى ابراهيم (ع) ان يكون قد ذبح ابنه اسماعيل عليه السلام بيده، وانه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع الى قلبه ما يرجع الى قلب الوالد عليه بيده، فيستحق بذلك ارفع درجات اهل الثواب على المصائب.
اوحى الله تعالى اليه: يا ابراهيم من احبّ خلقي اليك؟
فقال (ع) " يا رب ما خلقت خلقا هو احبُ اليّ من حبيبك محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
فأوحى الله تعالى اليه: افهو احب اليك ام نفسك؟
قال: بل هو احب اليّ من نفسي.
قال الله تعالى: فولده احب اليك ام ولدك؟
قال) ع) " بل ولده.
قال الله تعالى: فذبح ولده ظلما على ايدي اعدائه اوجع لقلبك او ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟
قال) ع) " يا رب بل ذبحه على ايدي اعدائه اوجع لقلبي.
قال الله تعالى: يا ابراهيم فإن طائفة تزعم انها من امة محمد (ص) ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش ويستوجبون بذلك سخطي.
فجزع ابراهيم (ع) بذلك، وتوجع قلبه، واقبل يبكي.
فأوحى الله تعالى اليه، يا ابراهيم قد فديت جزعك على ابنك اسماعيل، لو ذبحته بيدك، بجزعك على الحسين عليه السلام وقتله واوجبت لك ارفع درجات اهل الثواب على المصائب، وذلك قول الله تعالى (وفديناه بذبح).
المجلس الحادي عشر: مجلس رابع لابراهيم خليل الله عليه السلام في كربلاء حين وصل الى اهله راكبا، فعثرت به فرسه، وسقط عن الفرس، وشج رأسه، فقال: الهي ما حدث مني؟ فقالت فرسه: عظمت خجلتي منك، السبب في ذلك انه هنا يقتل سبط خاتم الانبياء (ص) لذا سال دمك موافقة لدمه.
اقول: ولعل محل سقوطه عن الفرس هو محل سقوط الحسين (ع) عن فرسه ايضا، فلاحظ الفرق بين السقوطين.
المجلس الثاني عشر: مجلس اسماعيل ذبيح الله تعالى في شريعة الفرات، وذلك ان اغنامه كانت ترعى بشاطيء الفرات، فأخبره الراعي انها لا تشرب من هذا الماء منذ ايام.
فسأل ربه تعالى عن ذلك، فأوحى تعالى اليه: سل غنمك، فسألها: لم لا تشربين من هذا الماء؟ فقالت بلسان فصيح: قد بلغنا ان ولدك الحسين سبط محمد صلوات الله عليه وآله يقتل هنا عطشان فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه.
المجلس الثالث عشر: مجلس لعيسى بن مريم عليهما السلام، في كربلاء، الراثي له الظباء والباكي هو الحواريون كما روي ابن عباس وسنذكر الرواية.
المجلس الرابع عشر: في طور سيناء وفي مرات عديدة، وذاكر المصيبة الوحي من الله رب العالمين، والسامع موسى النبي عليه السلام، فمن ذلك ان موسى (ع) رآه اسرائيلي مستعجلا، وقد كسته الصفرة، ترجف فرائصه، وجسمه مقشعر، وعينه غائرة، فعلم انه دعي للمناجاة.
فقال: يا نبي الله قد اذنبت ذنبا عظيما فاسأل ربك تعالى ان يعفو عني، فلما وصل الى مقامه، وناجى.
قال (ع) " يا رب انت العالم قبل نطقي، فإن فلانا عبدك اذنب ذنبا، ويسألك العفو.
قال الله تعالى: يا موسى اغفر لمن استغفرني الا قاتل الحسين، قال: يا رب ومن الحسين؟
قال تعالى: الذي مرّ ذكره عليك بجانب الطور.
قال: ومن يقتله؟
قال تعالى: تقتله امة جده الباغية الطاغية، في ارض كربلاء، وتنفر فرسه وتصهل، وتقول في صهيلها: الظليمة الظليمة من امة قتلت ابن بنت نبيها.
فيبقى ملقى على الرمال بغير غسل ولا كفن، وينهب رحله، وتسبى نساؤه في البلدان، ويقتل ناصروه، وتشهر رؤوسهم مع رأسه على اطراف الرماح، يا موسى صغيرهم يميته العطش، وكبيرهم جدله منكمش، يستغيثون فلا ناصر، ويستجيرون فلا فاخر، * اي: لا مجير، فبكى موسى عليه السلام.
فقال سبحانه: يا موسى اعلم انه من بكى عليه او ابكى او تباكى حرّمت جسده على النار.
اقول: هنيئا للذين كانوا ثابتين على الايمان، مشافهين كليم الرحمن، كلما عرضت لهم حاجة، او طلبوا مغفرة، سألوا موسى عليه السلام، ليعرض ذلك في مقام المناجاة.
لكن اقول: نحن ايضا، لنا كليم لله تعالى صاحب يد بيضاء، وعصا وآيات، وهو واقف دائما في مقام المناجاة على يمين العرش، لا على جبل سيناء، وهو يستغفر لنا بلا سؤال منا، ولكن كليمنا لم تكسه الصفرة، بل كسته الحمرة، وليست فرائصه راجفة، بل هو مقطع الاوصال والاعضاء مرمل في صحراء كربلاء صهرته الشمس ثلاثة ايام وبكى عليه كل شيء ………..،الخ
المجلس الخامس عشر: بيت المقدس المشير مجملا الى المصيبة هو الله تعالى، والنادب النبي زكريا عليه السلام ثلاثة ايام.
وذلك في رواية عن امامنا الحجة المهدي عليه السلام، قال: ان زكريا سأل ربه تعالى ان يعلمه اسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل فعلمه اياها، وكان زكريا (ع) اذا ذكر محمدا وعليا وفاطمـة والحسن صلوات الله عليهم اجمعين، سُريّ عنه الهم، وانجلى كربه، واذا ذكر اسم الحسين عليه السلام خنقته العبرة، ووقعت عليه البُهرة، اي: تتابع النفس وانقطاعه من شدة الاعياء، فقال زكريا (ع) ذات يوم: إلهي مالي اذا ذكرت اربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي، واذا ذكرت الحسين (ع) تدمع عيني، وتثور زفرتي؟
فأنبأه الله تعالى عن قصته فقال: (كهيعص) فالكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد لعنه الله، وهو ظالم الحسين (ع)، والعين عطشه، والصاد صبره.
فلما سمع ذلك زكريا (ع) لم يفارق مسجده ثلاثة ايام، ومنع فيهن الناس من الدخول عليه، واقبل على البكاء والنحيب.
وكان رثاؤه: الهي اتـُفجع خير جميع خلقك بولده؟ الهي اتـُنزل بلوى هذه المصيبة الرزية بفنائه؟ الهي اتلبس عليا وفاطمة ثياب المصيبة؟ الهي اتحل كربة هذه المصيبة بساحتهما؟ ثم كان يقول: اللهم ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبه، ثم افجعني بحبه كما تفجع محمداً صلى الله عليه وآله وسلم حبيبك بولده عليه السلام، فرزقه الله تعالى يحيى عليه السلام ستة اشهر، وحمل الحسين عليه السلام كذلك ستة اشهر.
المجلس السادس عشر: مجلس ثان لعيسى بن مريم عليهما السلام، في كربلاء، ذاكر المصيبة اسد والسامع عيسى والحواريون.
وذلك انهم لما مروّا بكربلاء، لا في سياحتهم رأوا اسداً كاسراً اي: يكسر ما يصيده، قد اخذ الطريق فاقدم عيسى عليه السلام وقال: لم جلست على طريقنا لا تدعنا نمر فيه؟ قال: اني لا ادعكم تمرون حتى تلعنوا يزيد قاتل الحسين (ع) سبط محمد المصطفى (ص) النبي الاميّ وابن علي الولي، سلام الله عليهما.
التعلیقات