فاطمة بنت الرسول (سلام الله عليها)
السيّدة مريم نور الدّين فضل الله
منذ 11 سنةفي مناخ الايمان والعقيدة يسمو الانسان ، وتتهاوى سدود انانيته ، وتتحطم حدود فرديته وحواجز المادة الطاغية.
فاذا تجرد الانسان من الادران والشوائب ، يشف اهاية ، وتشع نورانيته ، ويتجاوز الزمان والمكان الى الديمومة والخلود.
وبالعقيدة الراسخة ، والايمان القوي ، والاخلاق الفاضلة ، ترتفع اعمدة الحضارة والتمدن والرقي ، وتبنى قصور القيم ، وتتألق الحقيقة ويعم الوجود فيض من النور
.أجل في مناخ الإيمان والعقيدة ، نشأت فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، وترعرعت في كنف ابيها الرسول الاعظم (صلّى الله عليه وآله) ، ورعاية أمها خديجة أم المؤمنين (رضي الله عنها). وقد اغدقا عليها العطف والحنان مما يفوق الوصف.
رضعت عليهاالسلام من ثدي الإيمان ، وربيت في حجر الاسلام ونهلت من المعين الصافي ، فكان الرسول الاعظم (صلّى الله عليه وآله) الوالد العطوف ، والمربي الشفوق ، والمعلم الكريم ، والمؤدب الحليم.
كانت حياة فاطمة (عليها السلام) مليئة بالاحداث ، حافلة بالمصاعب والمتاعب ، مشحونة بالمحن والآلام.
منذ طفولتها ذهبت مع ابويها العظيمين إلى شعب ابي طالب ، ولاقت هناك على طفولتها من شظف العيش ، وشدة الحصار ، واذية قريش ، ما لا يتحمله جسمها الصغير ، وينوء تحت عبئة الشيخ الكبير.
ولكن الخطب الفادح الذي ألَّم بها وهي بعد لم تتهيأ للأحداث ، هو موت امها خديجة (رضي الله عنها) على مرأى منها ومسمع ، فقد اقض مضجعها ، وترك جرحاً عميقاً في القلب ، وحسرة ولوعة في النفس ، وعبرة حرّى تترقرق في العيون.
بكت الزهراء عليهاالسلام عند موت والدتها ، بحسرة ولوعة ، لا سيما عندما شاهدت ذلك النور ... ينطفئ ... ورأت وميض الحياة يخبو في عينيها ، بعدما احتدم اعواماً متتالية بالكفاح في سبيل الاسلام.
بكت الزهراء (عليه السلام) لرحيل امها التي نامت مستقرة تحت ثرى مكة وخلفت الدنيا من وراءها ، وقد امتلأت بالنفاق والشنئآن. والتاريخ مشغول باعظم حدث اهتزت له اركان الجزيرة بل العالم اجمع ألا وهو الاسلام والرسالة المحمدية ...
اجل رحلت خديجة وخلفت التاريخ يرصد الساعات بل الدقائق من حياة الزوج الكريم وللرسول العظيم تلك الحقبة الحافلة بمشاق اعباء الرسالة والجهاد الاكبر في سبيل الدعوة الى الاسلام وتعاليمه.
بكت الزهراء امها خديجة احرَّ بكاء ، بكتها من قلب ملهوف وفؤاد مكلوم ، حتى تقرحت اجفانها ...
ولكن الذي هون عليها الخطب هي ان تجد والدها الرسول الكريم يحنو عليها ، ويغمرها بعطفه الفياض ، ويجعلها كنفسه حيث يقول : ( فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها ويبسطني ما يبسطها وان الانساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري
التعلیقات