«العسل» نافع للبشرة أيضاً
موقع لحواء
منذ 10 سنواتلا أحد يجهل مناقب العسل الغذائية، وفضائله الكبيرة على أعضاء الجسم كلها تقريباً، وإسهامه في الوقاية من الأمراض. لكن للعسل أيضاً أفضالاً جمالية عظيمة على البشرة. فهو، حقاً، أشبه بمستحضر تجميل طبيعي
.إذا كان العسل حلو المذاق في الحلق، عذب الطعم على اللسان، فإنّه أيضاً جميل المفعول على بشرتك، سيدتي. فمثلاً، ثمة معاجين خاصة لإزالة الشعر، آتية على خلطات شعبية تقليدية قديمة، يدخل فيها العسل كمادة أساسية. وبإجماع خبيرات التجميل، فإنّ العسل الموجود في تلك المعاجين، فضلاً عن إزالة الشعر بنعومة ويسر، يُبطئ عودة نموه واستطالته مجدداً (شرط استخدام عسل آت من الزراعة العضوية التقليدية).
إلى ذلك، للعسل مفعول التئام على البشرة، يقضي على الجروح الصغيرة الطفيفة، غير المرئية، ما يضفي على البشرة نضارة وحيوية. هكذا، يعدُّ خير علاج للبشرة المتضررة، لاسيّما جراء تقلبات الطقس والتغيرات الحرارية. وهذا ما يجعله البلسم المفضل شتاء لدى نساء البلدان الباردة، حيث تتقصف البشرة وتنكمش، وتعاني بسبب البرد. هكذا، منذ عقود، دعت تلك الفضائل العسلية بعض مختبرات مستحضرات التجميل العالمية الشهيرة إلى دراسة إمكانية صنع كريمات ضد التجاعيد، ومستحضرات أخرى، يدخل العسل في تركيبتها.
بسيط الاستعمال:
فعلى سبيل المثال، عمدت دار "غيرلان Guerlain" الفرنسية للمستحضرات إلى تسويق مجموعة "آبَي روايال Abeille Royale" (أي "النحلة الملكية")، وهي مستحضرات تجميل، بما فيها مساحيق ضد التجاعيد، يشكل العسل مادتها الأساسية. ويقول فريدريك بونتيه، مدير البحوث في الشركة ومستنبط تلك المجموعة: "إنّ العسل يشكل حلقة الوصل بين العالمين الحيواني والنباتي، ما يؤمّن خيميائية رائعة لا مثيل لها، لم يكشف الإنسان أسرارها كلها بعد". كما تشير أخصائيات التجميل، من جانبهنّ، إلى أنّ من أهم مزايا مستحضرات التجميل العسلية: كونها بسيطة الاستعمال، وتصلح لأنواع البشرة كافة، من الأكثر خشونة إلى الأنعم وأكثر حساسية، وللجسم كلّه، من أعلى الجبين وفروة الشعر إلى أخمص القدمين. هكذا، فإنّها اقتصادية، بما أنها تفيد بنات الأسرة ونساءها كلهن، على اختلاف أنواع بشرتهنّ، ولمناطق الجسم كلّها. بالتالي لا داعي معها لشراء مستحضرات متعددة، لأنواع بشرة مختلفة، وأعمار متباينة، وما إلى ذلك.
فبفضل رحيق الأزهار، يضم العسل نسبة عالية من السكر الطبيعي المركز (70 إلى 80 في المئة)، وأيضاً مجموعة فيتامينات "بي" (ومن طرائف المفردات أنّ كلمة "بي Bee" تعني "نحلة" بالإنجليزية). كما يضم أيضاً عناصر أساسية عدة، وأملاحاً معدنية، وأحماض أمينية، وأنزيمات وخمائر وعصارات مختلفة، وحتى مضادات أكسدة. وتلك العناصر الغذائية سهلة الامتصاص من البشرة، وأيضاً ألياف الشعر وفروته. "ذلك أنّ جينات النحل قريبة من جينات البشر"، بحسب كاترين فلوران، وهي خبيرة تجميل فرنسية استنبطت مجموعة مستحضرات "بالو فلوران Ballot Flurin"، القائمة طبعاً على فضائل العسل هي أيضاً. تضيف: "العسل يرطب البشرة لأنّ السكر الذي يحتوي عليه يقوم بعمل حابس للماء، فيحمي بذلك البشرة من الجفاف و"التشقق".
"ممرضات مجنحات":
وتجدر الإشارة إلى أنّ "الجذعات الليفية" (وهي خلايا موجودة في طبقة البشرة الخارجية، تضطلع بوظيفة تنعيمها، وجعلها أكثر مرونة ومطاطية) حساسة جدّاً، بالمعنى الإيجابي، تجاه دفق الطاقة الموجود في السكر البسيط، أو "سكر الثمار"، الذي يؤمّن العسل إيصاله إلى البشرة، بما فيها تلك الجذعات الليفية. "هكذا، فإنّ للعسل ألفة عضوية طبيعية مع تركيبة بشرة الإنسان"، مثلما يؤكد بيرنار شوفيا، صاحب مجموعة مستحضرات "ميلفيتا MelVita" (ما يعني "عسل وحياة")، المحضرة من عسل منتج وفق طرق الزراعة العضوية.
كما يسهم العسل، الذي لقب "كوثر الممرضات المجنحات" (في تشبيه شعري للنحلات، لكون عسلهن شفاءً وعلاجاً)، في تطهير البشرة وتدمير الخلايا الدهنية التالفة. فأنواع العسل، كلها، تضم أنزيماً طبيعياً خاصاً، يمكنه أن ينتج مُركّب "بيروكسايد الهدروجين"، وهو مادة قاتلة للجراثيم. لكن، لكي تحصل تلك الخاصية، ينبغي عدم تجاوز درجة حرارة 35 مئوية، وهي درجة الحرارة الطبيعية في خلية النحل. لذا، فإنّ العسل العضوي، المستخرج "على البارد"، هو الوحيد الذي يضمن خاصية تكوين تلك المادة المطهرة والمعقمة، حيث لا تقضي طريقة تحضيره على الأنزيم المذكور. وتوضح خبيرة التجميل بالعسل كاترين فلوران، المشار إليها أعلاه، أنّ النحل يفرز أيضاً مواد حافظة طبيعية، "لكن ينبغي عدم إتلافها، مثلاً بملامسة الماء والهواء، لكي تظل فاعلة وتُبقي على مفعولها كمواد حفظ طبيعية، ذات مفعول حميد للبشرة وسواها، ويجب أيضاً أن يكون العسل المستخدم ذات تركيز عالٍ، ومحضراً في فترة ذروة نضوجه".
العسل العضوي أفضل:
أما مفعول العسل كمساعد على التئام الجروح، أو "مندب"، فيثير اهتماماً متزايداً في الأوساط الطبية. ومن الأمثلة، نشير إلى تجارب يجريها، منذ أكثر من 25 عاماً، البروفيسور بيرنار ديسكوت، رئيس قسم جراحة زرع الأعضاء في المدينة الطبية الجامعية في مدينة "ليموج" (وسط فرنسا). إذ جرّب أنواعاً عدة من العسل، على 3 آلاف من مرضاه ومراجعيه ممن يلاقون صعوبة في تقبل مستحضرات الالتئام الصيدلانية. فوجد أنّ أفضل عسل، في هذا الشأن، هو الآتي من أزهار السعتر (أو "الزعتر"). فذلك العسل، مثلما استنتج البروفيسور، يضاهي أفضل المنتجات الصيدلانية، مع فارق أنّ أي جسم يتقبله، من دون أي لفظ. وطبعاً، أبدت مختبرات مستحضرات التجميل اهتماماً كبيراً بالموضوع، على أساس أنّ آلية التئام الجروح مشابهة لآلية التئام تجاعيد البشرة. هكذا، يُستبعد استنباط مستحضرات تجميل جديدة، قائمة على أساس استغلال فضائل عسل أزهار السعتر.
لكن، ينبغي التحذير: هناك عسل وعسل. فنوعية العسل تتوقف على نوعية الأزهار التي يمتص النحل رحيقها، والبيئة العامة، لاسيّما نقاء الجو، مع العلم أنّ النحلة تمتص رحيق الأزهار لغاية 800 متر حول المنحلة العائدة إليها. "وكلما كانت النحلة سعيدة، أعطت عسلاً أفضل"، بحسب كاترين فلوران. لذا، بإجماع خبراء التجميل، ينبغي استخدام عسل آت من زراعة عضوية، لا تستخدم فيها أي مبيدات تؤثر في سلامة النحلات، بالتالي منتجها. إلى ذلك، قد تؤدي وسائل تحضير العسل الحديثة إلى القضاء على بعض الخمائر والأنزيمات والمركبات الموجودة طبيعياً في العسل (مثل "بيروكسايد الهدروجين"، المشار إليه)، ما يقضي على فضائل العسل كمطهر وقاتل للبكتيريا والجراثيم. هكذا، إن أزمعتِ، سيدتي، الاستفادة القصوى من مناقب العسل كمستحضر لتجميل البشرة، فعليك باستخدام عسل عضوي..
خير وسيلة لإزالة الشعر
الطريقة العربية التقليدية القديمة لإزالة الشعر، باعتراف خبيرات التجميل، تعدُّ الأفضل والأكثر فاعلية. وطبعاً، يدخل العسل في التركيبة، التي تحضر كالآتي (مع الحرص على استخدام عسل وليمون آتيين من الزراعة العضوية، قدر الإمكان):
1- اعصري ليمونة واحدة.
2- أضيفي لعصيرها مقدار 4 ملاعق كبيرة من السكر، وملعقتين كبيرتين من العسل العضوي، يا حبذا لو كان من أزهار شجرة الـ"سنط" (أو "أكاسيا")، التي يباع عسلها على الأغلب مستورداً من أوروبا.
3- أضيفي مقدار ملعقتين كبيرتين من ماء ورد البرتقال.
4- سخني الخليط على نار هادئة، حتى تتكون عجينة متجانسة.
5- اتركي العجينة تبرد، ثمّ ضعيها على سطح طاولة المطبخ، واعجنيها جيداً، بحيث تصبح أشبه بكرة.
6- مرري تلك الكرة في اتجاه الشعر (أي من أعلى إلى أسفل)، بحركة منتظمة على المنطقة المزمع إزالة الشعر منها. ثمّ اسحبيها بدقة وخفة، في هذه المرة في الاتجاه المعاكس (من أسفل إلى أعلى).
ضد الحَب ولسعات الحشرات
يمكن استخدام العسل أيضاً لتخفيف حدة حَبة تظهر على البشرة (مثلاً حَبة شباب)، أو لتغطية أثر لسعة حشرة. إذ يكفي، في تلك الحال، وضع طبقةَ خفيفة من العسل على الموضع المراد علاجه، وتركها لمدة ليلة بأكملها، ثمّ غسلها صباحاً بالماء الدافئ. ويفضل أن يكون العسل آتياً من أزهار أشجار البلوط أو السنديان، وطبعاً من الزراعة العضوية.
التعلیقات