الأب.. ودوره العائلي
موقع لحواء
منذ 10 سنواتالتوازن العائلي الداخلي يتطلّب إلى جانب الأُم الحكيمة والقادرة، الأب المسؤول والعاقل الذي يتدخل عند الحاجة؛ فهو بمثابة قائد السفينة التي عليها أن تبحر البحار والمحيطات رغم العواصف العاتية.
الأب يجب أن يهتم بأولاده، ويحسن تربيتهم، ويحاول مصاحبتهم والعطف عليهم، والوقوف إلى جانبهم في الحالات الصعبة، مما يشعرهم بالدفء والحنان والقوة والقدرة على الصمود. الأب يجب عليه أن يخطط لأولاده كل ما يساهم في حمايتهم ويحافظ على مستقبلهم المدرسي والعملي
كل خلل يحصل من جراء غيابه جسدياً أو فكرياً عن المنزل العائلي ينعكس سلباً على الأولاد على شكل إضطرابات نفسية تظهر على مجمل تصرفاتهم وعلاقاتهم مع الآخرين، وتُحدث فيهم نوعاً من الخوف الدائم.
أن عملية الإنجاب للأولاد يجب أن لا تقتصر فقط على الغريزة الحيوانية، بل كل التفكير السليم المبني على تفاهم الزوجين وتصميمهم على تحمل المسؤولية معاً مهما كانت الصعاب؛ فالمشكلة قد تحصل فقط حال تهرب أحد الشريكين من المسؤولية الملقاة على عاتقه.
أنّ التوازن العائلي يتطلب وجود الأب إلى جانب الأُم، حتى ساعة ولادة الطفل؛ لأن ذلك يشجعها على الاستمرار في التأمل والتمسك بالمستقبل، ويخلق نوعاً من اللحمة العائلية الصلبة التي لا يعتريها الضعف.
الخطأ الكبير، هو تخلِّي الأب للأم عن حق تربية الأطفال، مدَّعياً بأنّه سوف يهتم بهم فيما بعد، مع العلم بأن أكثر الصور التي تنطبع في أذهان أطفالنا يصعب تغييرها لاحقاً؛ لذا فإننا نعود لنشدد على ضرورة اهتمام الأب بولده منذ الصغر وإشعاره بوجوده الدائم قربه مهما كثرت مشاغله الخارجية؛ وإيجاد الأوقات اللازمة للعودة إلى البيت العائلي مما يُشعر الطفل بأهميته وبأنّه مرغوب فيه، فيستقر من الناحية النفسية وينمو من الناحية الجسدية نمواً طبيعياً وسليماً.
كل إهمال من قِبَل الأب وكل تهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقه، قد يخلق معضلات عائلية تكون انعكاساتها السلبية خطيرة جدّاً على نفسية كل فرد من أفراد العائلة. لا يمكن أن يكون الأب الحلقة الأخيرة من حلقات التربية العائلية للأولاد، مهما كان عمله شاقاً أم طويلاً، فبإمكانه إيجاد الوقت المناسب مهما كان قصيراً للتقرب منهم حتى يشعروا بوجوده وبحبه لهم؛ وهذا يؤثر إيجاباً على الجو العائلي وعلى توازنه الداخلي.
كم من العلاقات الزوجية المختلَّة، ومن الأطفال والأولاد المشردين، لا أم تحضنهم ولا أب يرعاهم، فهي غارقة في مشاكلها الزوجية، وهو لا يعرج نحو المنزل نتيجة عربدته، يقضي أكثر أوقاته في المقاهي والبارات؟ وما فشل الوضع العائلي العام، سوى نتيجة حتمية للواقع المرير الذي يعيشه الأهل، وقد يذهب بعض الأولاد إلى حد الانتقام عن طريق القتل والسرقة وتعاطي المخدرات وتناول الكحول.
إذاً، للأطفال حق العناية بهم من قِبَل الأب والأُم على السواء: ودور الأب يبقى مهماً لأنّه يساعدهم على اكتساب أكثر مظاهر القوة والشجاعة والإقدام والثقة بالنفس في حال أن تربيته لهم جاءت صادقة ومخلصة.
كل تراجع من جهة الأب في عملية التربية المنزلية، كل تخاذل أو تهرب، تظهر ملامحه السلبية على مجمل تصرفات الأولاد وعلى طريقة تعاطيهم مع غيرهم من الرفاق والأصدقاء، كما تظهر على مجمل نشاطهم المدرسي والرياضي وعلى علاقاتهم الاجتماعية والعملية عند الكبر، ذلك لأنّ الأب كان وما زال يُعتبر الركيزة الأساسية لكل بناء عائلي سليم.
إذاً، كدور الأُم في عملية تربية الأولاد، يبقى دور الأب رئيسياً ومهماً؛ ومن هذا المنطلق العلمي فإنّه يتوجب عليهما التعاون والتكاتف في السراء والضراء، حتى تأتي تربيتهم لأولادهم على أنجح ما يرام، وحتى يشعر الأولاد بأنّه مرغوب فيهم، وبأنهم محبوبون من الجميع، مما يزيدهم ثقة بأنفسهم، وحباً للحياة ورغبة بالمستقبل.
إنّ التقارب الملموس بين الأب والأُم يؤمن للجميع العيش بأمان واطمئنان ضمن جوٍ هادئ يسوده الوئام والسلام.
التعلیقات